x

«الفرافرة».. الصحة والتعليم خارج نطاق الخدمة

الإثنين 11-08-2014 20:25 | كتب: وفاء بكري |
مستشفى الفرافرة العام مستشفى الفرافرة العام تصوير : حسام فضل

كان المستشفى العام هو وجهتنا الأولى لمعرفة نقص الخدمات في الواحة، خاصة أنه المستشفى الوحيد الذي يخدم المركز والقرى المحيطة به.

بعد أن ظلت سيارات الإسعاف متوقفة، بدأت المحافظة مد المستشفى العام بسيارات إسعاف طائر، ولكن لا تتوافر لها مكان جيد للوقوف، فأمام المستشفى توجد أطلال «مظلة» من البلاستيك، لوقوف السيارات تحتها، دخلنا حجرة المسعفين والمسؤولين عن المكان، ووجدنا أنهم يعيشون داخل المكان الذي يتكون من حجرتين بهما أجهزة تحكم إلكترونية، و«أسرة» للمبيت وبوتاجاز مسطح، وبجوار المكان آثار لمكان شرع البعض في بنائه، وقال أحدهم يدعى مجدى إبراهيم: «وجودنا في هذا المكان سيصيبنا بمرض السرطان، وفقا لتحذير الأطباء لنا»، بينما قال محمد الصديق: «قل لن يصيبنا إلا ماكتب الله لنا، نحاول الآن بناء غرفة على حسابنا الخاص».

فقر فى الخدمات العامة

داخل المستشفى، جاء الدكتور صلاح شلبى، مدير عام المستشفى، إلينا مهرولا، وبلهجته الريفية – فهو من أبناء الدقهلية- قال: «لازم تشوفوا المستشفى الأول وبعدين نتكلم» وبالفعل ذهبنا في جولة سريعة معه في أدوار المستشفى، لنفاجأ بوجود أجهزة طبية حديثة للغاية، ثمن أحدها وصل إلى نصف مليون جنيه، وحجرة للغسيل الكلوى، بها 5 أجهزة حديثة، وحجرة عمليات متكاملة، و62 سريرا، شعرنا بالاطمئنان لبعض الوقت، حتى فاجأنا الدكتور شلبى قائلا: «كل ده بملايين الجنيهات، ومافيش عندى دكاترة تشغل الأجهزة دى وتخدم الناس، وطالبت مرارا وتكرارا بتوفير أطباء بحوافز كبيرة، لتشجيعهم على المجىء إلى الواحة، ولكن دون جدوى، فكان الأولى بأطباء ميدان التحرير أن يأتوا إلى هذا المستشفى لمساعدة المواطنين بعد الثورة، فبسبب عدم وجود طبيب إخصائى نساء وتوليد منذ فترة توفيت إحدى السيدات، وهذا لا يمكن أن يتم في هذا العصر، حيث إن عمليات الولادة أسهل مما يكون، ولدينا الآن طبيب واحد، وكان لدينا طبيب جراح وتوفى ونحتاج آخر، وليس لدينا أطباء رمد أو عظام أو أنف وأذن وحنجرة، وتخدير، ومسالك بولية، أو أجهزة أشعة، والأخطر من ذلك أنه لا يوجد لدينا بنك للدم، في الوقت الذي تنتشر فيه أنيميا البحر المتوسط، الناتجة عن زواج الأقارب في الواحة، وهذا يحتاج علاجا دوريا على مدار السنة، وهو لايتوافر لدينا، وإنما في البنك السويسرى، الذي يبيع كيس الدم الواحد بنحو 120 جنيها، في الوقت الذي لايستطيع فيه الأهالى البسطاء على دفع هذه القيمة، بجانب مشاكل أنيميا الفول، الذي يحتاج على الأقل 3 أكياس في الشهر».

وأضاف شلبى: «كيف يكون لدى عناية مركزة بلا أطباء، وهناك مواطنون يبيعون أراضى لإجراء عمليات جراحية، ولكن هناك الكثيرين فقراء ولايستطيعون دفع التكلفة، وهناك عجز كامل في التمريض، والعمالة العادية، وجميعها موسمية وتحتاج للتثبيت»، مشيرا إلى أن لديه 14 طبيبا فقط ليسوا قوة أساسية، منهما اثنان فقط مقيمان، وهما طبيب الباطنة والأسنان.

سيارات الإسعاف متهالكة

فيما أشارت نهلة، إحدى فتيات الواحة، إلى أن المحافظة بدلا من قيامها بتوفير أطباء للمستشفى قامت بفتح عيادات خارجية، يأتى إليها الأطباء من الخارجة، 3 أيام في الأسبوع، وقالت: «هذا لايكفينا، وعلى الرغم من أنه أفضل من لا شىء إلا أننا نتساءل لماذا التجاهل لنا، فابن عمى أصيب بكسر في ذراعه منذ عدة أيام، وقام طبيب النساء والتوليد بـ«تجبيسه» مؤقتا، لحين عرضه على طبيب عظام، وعندما قمنا بالسفر إلى القاهرة اكتشفنا أن «التجبيس» كان خاطئا».

«أكبر دخل لمحافظة الوادى الجديد من الفرافرة سواء من السياحة أو الزراعة، ولكن دخلنا يذهب للداخلة والخارجة».. قالها وائل ثابت بأسى، وقال: «من حقنا أن يوفروا لنا الأطباء بالحوافز التي ترضيهم طالما دخلنا يسمح بذلك، فأطباء سيناء والبحر الأحمر ومطروح يصرفون 150% بدل جذب، ولم يطبق هذا في الفرافرة، كما أنه لايوجد توفير لبعض الأمصال والحقن، فلقد توفى عمى منذ نحو سنتين، لعدم توافر حقنة لجلطة القلب، ولاتتوافر مصل «الحية المقرنة» المعروفة في الواحة باسم «الطريشة» حيث معروف أنها أكثر الحيات سُمية، وقد تودى بحياة إنسان خلال ساعات قليلة، ومع ذلك المصل لايتوافر إلا في القاهرة، وعندما سألنا عن عدم تعيين أبناء الواحة في المستشفى، رد عبدالنبى قائلا: «احنا ماعندناش تعليم، المسؤولون يعتبرونا مركز تدريب للداخلة والخارجة، فالمدرس عقب تخرجه يتم تعيينه عندنا، وبعد سنتين أو أقل يتم نقله للداخلة أو الخارجة، ولهذا لم يتخرج منا بمؤهل عال سوى القليلين وجميعهم تخرجوا إما من الخارجة أو القاهرة أو المحافظات الأخرى».

حملنا هموم القطاع الصحى، لنصل إلى «التعليم»، الذي كانت مبانيه أفضل حالا من المستشفى، فتم بناء مدارس ثانوى عام وفنى متجاورة وبعدها مدارس إعدادى وابتدائى، وتقوم الهيئة الهندسية بالقوات المسلحة حاليا بتنفيذ مدرسة للغات بعدما طالب بها الأهالى، واستجابت المحافظة لأول مرة، حيث تم استقدام عدد كبير من المدرسين بعد أن كانت تعانى المدارس من ندرتهم، وبالتالى كان يؤثر على مستوى الطلاب، وإن كان لا تزال تعانى المدارس من عدم الانضباط.

عدد من المدرسين طالبوا بأن يكون هناك نسبة لتوزيع الحصص على مستوى المحافظة، أسوة بالواحتين المدللتين «الداخلة والخارجة»، وأن يتم تحديد درجات وظيفية للمدرسين في الواحة، حتى لاتكون الواحة مركز تدريب المحافظة – على حد قولهم، خاصة أن هناك خريجى معهد فنى تجارى يعملون مدرسين رياضيات، كما أن هناك فراغا وظيفيا، حيث لايوجد وكلاء في المدارس، وإنما مديرون فقط، بسبب ندرة المدرسين.

ووفقا لعدد سكان الواحة الذي لم يتعد 33 ألف نسمة، فإن كثافة الفصول لاتزيد على 45 طالبا في الفصل، وبعض المدارس بها الكثافة 30 طالبا فقط، ولكن الطلاب لايعرفون الأنشطة فيها، حيث لايوجد مدرسو تربية رياضية أو فنية أو حاسب آلى، ولكن أهلها مازالوا يطالبون بـ«استثناء» خاص لهم، في دخول الكليات العلمية، مثل الطب والصيدلة لحل ندرة الأطباء، بحيث يتم تخفيض التنسيق لهذه الكليات لأبناء الواحة الأصليين فقط.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية