وأخيراً.. وبّخ الملك السعودى الشيوخ ورجال الدين على الهواء وأمام الملايين، محملًا إياهم مسؤولية عدم التصدى للإرهاب.
حقيقة، لقد وقفت المؤسسة الدينية الرسمية السعودية مواقف سلبية عديدة يشهد لها التاريخ. آخرها الموقف من داعش، والإجرام الوحشى الذى يمارس فى العراق على يد من يعتبرون أنفسهم مدافعين عن السنة.
لم يقف أحد الشيوخ الأجلاء لإعلان أن داعش خارجة عن شرع الله وتستحق العقاب. أكثر الإعلان كان محاولات بسيطة لا ترقى لمستوى المسؤولية. خاصة وقد عودنا المتخصصون فى الدين التصدى للقشور من الأمور.
أذكر أن الشيخ عبدالله المنيع، عضو هيئة كبار العلماء السعودية، كان قد وصف نادين البدير بالضالة المضلة، ردا على مقال لى يتحدث عن حقوق نسوية. فأين عبدالله المنيع من فكر داعش ومن أنجب داعش؟
كانت حركة الصحوة فى الماضى وقبلها الجماعة السلفية تكتب بياناتها. وتأخذ البركات من الشيخ المرحوم عبدالعزيز بن باز الذى كان يفضل اتخاذ موقف أبوى من جميع التيارات الدينية فى السعودية.
لكن الموقف الأبوى أثبت سلبية لا يستهان بها، الآن وبعد كلمة الملك ماذا سيحدث؟
ربما نستمع لمن يردد وهم العلاج التدريجى الذى سئمناه حد السخط. ربما نستمع لصوت السكون من جديد.
بعيدا عن موقف الشيوخ الأجلاء الطاعنين، والذين ما عاد لهم ذاك التأثير كالتأثير الذى يمتلكه الدعاة الآخرون المنتمون للتيارات الدينية المختلفة. لو أنى أعرف ماذا تنتظر الدولة!
متى ستتغير (بالكامل) مناهج الدراسة، المسؤول الرئيسى والقوى عن كل ما تنجبه الأمة من فكر سطحى يفهم كل شىء بالمقلوب، يركز على التفاصيل الهامشية. ويهمش الركائز الحقيقية. أما فحوى اهتماماته، فالتركيز على مؤخرة المرأة والجهل بوجود دماغها.
إن أغلب التعليقات (قليلة الحياء) التى تنتقدنى تصل من أصحاب لحى. فما معنى ذلك؟
معناه أن داعش فى اقتياده لسبايا الحرب من المسيحيات والأيزيديات يمثل جزءا من المنظومة الفكرية الدينية المنتشرة. الجنس والمرأة.
فما المجتمع الذى تأملونه؟
عن رأيى، لا أعتقد أن الأمر سيغدو صالحا إن لم يتدخل الأمن فى إصلاح المجتمع.
إذ لن يجدى نفعا مناشدة وزارة التعليم أو وزارة الإعلام أو الشؤون الإسلامية، فكلها مخترقة إرهابياً، وفقدنا الأمل بها منذ سنين. لكن لو أن وزير الداخلية السعودى الأمير محمد بن نايف يتدخل فيُحكم الرقابة على المجالات السعودية بطريقته الفذة فى مكافحة الإرهاب، ربما وقتها سيرسم لنا مستقبلاً آخر.
إن الطريقة التى تمكن بها من القضاء على مخططات القاعدة، والتى أدت فى النهاية إلى محاولة اغتياله، تجعله مسؤولا مدى الحياة عن ملف الإرهاب بالداخل والخارج.
لا نريد الانتظار حتى يصل داعش إلى الأراضى السعودية، فالوقاية منه تتطلب، ليس الخلاص الوقتى فى سوريا والعراق، إنما الأبدى فى كل مكان. تتطلب إنشاء جيل متحضر محصن ضد الأفكار الهمجية والوحشية. وبما أن وزاراتنا قد فشلت فشلا ذريعا فى تطبيق المطلوب منها، وبما أن أعضاء المؤسسة الدينية فقدوا هيبتهم منذ سنين وما عاد أحد يخشاهم، خصوصا عناصر الإرهاب بل يكفرونهم علنا، ويعلنون أن هيئة كبار العلماء ضلت وانحرفت، فليس أمامنا سوى الاستنجاد بالأمن لبناء ما تم تخريبه. أهمه بناء الوحدة الوطنية من جديد. ومثلما استنجد الشعب المصرى بالجيش واستطاع أن ينقذه من خراب مدمر. ليس أمامنا سوى الاستنجاد بقوى الأمن.
إن أبشع ما فى مسألة داعش تأييد أعداد، رقمها مجهول، لأن أصحابها لا يجرؤون على البوح بما يدور فى سوريا والعراق، واعتبار الحرب ضد المسيحيين والطوائف الإسلامية غير السنية حربا شجاعة تستحق التصفيق. فكيف وصلنا إلى هنا؟
يا أمة تستحق أن تحاكم.. سيخجل التاريخ من روايتنا.