x

«أردوغان».. الطريق إلى الرئاسة يبدأ بـ«تركيع» مؤسسات الدولة

الإثنين 11-08-2014 15:20 | كتب: شريف سمير |
رجب طيب أردوغان رجب طيب أردوغان تصوير : other

بعد انتصارات متتالية في معاركه التي خاضها على مدى أعوام ضد العديد من مؤسسات الدولة التركية، وخاصة الجيش والشرطة والقضاء والإعلام، تخطى رئيس الوزراء التركي السابق، رجب طيب أردوغان، تحدى الانتخابات الرئاسية، ليصبح الرئيس الـ 12 للجمهورية التركية، والرئيس الأول الذي ينقل صلاحيات لمنصب الرئاسة قبل أن ينتقل هو نفسه إليه، لضمان استمرار نفوذه خلال توليه المنصب الجديد.

انتهى الجدل السياسى حول انتخابات الرئاسة ليبدأ جدل أكثر اشتعالا حول قدرة الرئيس أردوغان على التعاطى مع الملفات المزعجة التي تواجه صعوده وتتحدى عنفه وعصاه الغليظة، ومع تبديل الأدوار وتمهيد الأرض أمام أردوغان نحو قصر الرئاسة بتفوق حزبه في الانتخابات البلدية الأخيرة، لايزال «العدالة والتنمية» على موعد جديد مع الأزمات والمشاكل من واقع تاريخه الطويل في الصدام على عدة جبهات مختلفة ضد مؤسسات الدولة التركية.

ويظهر الجيش على رأس قائمة المواجهة على ضوء المعركة الدائمة والشرسة بين حكومة أردوغان عندما كان رئيسا للوزراء والجيش التركي على مدار سنوات، وكان آخرها حملة اعتقالات جديدة شملت 18 عسكرياً بينهم جنرال متقاعد، ليرتفع إلى 31 عدد الضباط الأتراك رهن الاعتقال في إطار التحقيق في المؤامرة المعروفة باسم «المطرقة الثقيلة» التي نسجت خيوطها عام 2003 لإزاحة حكومة «العدالة والتنمية».

وطالت قبضة أردوغان رجال الشرطة عندما أمر باعتقال عشرات من ضباط الشرطة اعتقلوا للتحقيق معهم في مزاعم التنصت على الرئيس الجديد والدائرة المحيطة به، حيث جرى اتهام 25 ضابط شرطة على الأقل في 14 إقليما بالتورط في انتهاك هواتف المسؤولين الأتراك لتبدأ موجة أولى من اعتقالات قيادات الشرطة في 22 يونيو الماضي.

وينظر إلى التحقيق بشكل واسع على أنه يستهدف «تركيبة موازية» داخل الدولة أو «دولة موازية» وهو تعبير استخدمه أردوغان للدلالة على عناصر الشرطة والقضاء وغيرها من المؤسسات الموالين لرجل الدين المقيم في الولايات المتحدة فتح الله كولن الذي يتهمه أردوغان بالوقوف وراء مخطط للإطاحة به، وصولا إلى تعهد الأخير بتعقب جميع أتباع كولن الذي يشكلون في اعتقاده تهديدا للأمن الوطني.

وانتقل رجل «العدالة والتنمية» إلى منصة القضاء لينال من المستشارين والقضاة بتقديم مقترحات سابقة إلى البرلمان التركى تهدف إلى منح حكومته وقتذاك مزيدا من الصلاحيات في تعيين القضاة وممثلي الادعاء، أبرزها ما يسمح به القانون المقترح من انتخاب وكيل وزارة العدل رئيسا للمجلس مما يزيد من سيطرة الحكومة على اختيار القضاة.

واعتبر المحللون مشهد التصعيد مع القضاة أحدث خطوة لجأ إليها الإسلاميون لتقليم أظافر كل من يفكر في تفجير قضايا الرشاوى والفساد واستغلال السلطة التي طاردت أردوغان وامتدت إلى أبنائه والمقربين، إلى الحد الذي دفع الرئيس الفائز إلى التعامل مع هذه التحقيقات باعتبارها «انقلابا قضائيا» بتدبير من كولن الذي يتمتع بنفوذ واسع – وإن كان مستترا – داخل مؤسستى القضاء والشرطة، فضلا عن احتضانه لمدارس ومنظمات اجتماعية وإعلامية أخرى.

ومع اشتعال الشارع التركى بمظاهرات ميدان تقسيم المتكررة ومحاولات فضها بالقوة من جانب النظام، انضمت الصحافة ووسائل الإعلام إلى خندق المواجهة ضد حكومة أردوغان وسط اتهامات صريحة بممارسة القمع الأمنى ضد حرية الصحافة والتعبير، وتجلى موقف أردوغان من الصحافة بوضوح في واقعة سب صحفية تركية معروفة ووصفها بأنها «وقحة» وأمرها بـ «التزام مكانها».

وسارعت إدارة مجلة «الإيكونوميست» البريطانية إلى الدفاع عن مراسلتها مشددة على أن عملها «جدير بالاحترام التام»، وأعربت المجلة عن أسفها لأن «ممارسة مهنة الصحافة في تركيا ازدادت صعوبة تحت حكم أردوغان» على حد تعبير المجلة، فيما اعتبرت دونيا مياتوفيتش ممثلة منظمة الأمن والتعاون في أوروبا أن سلوك أردوغان ينطوي على ترهيب وتهديد لحرية الصحافة».

ولم تسلم المرأة من لسان ومواقف أردوغان لتتضاعف أعمال العنف ضدها 14 مرة منذ عام 2002، أي منذ تسلم حزب العدالة والتنمية للسلطة، فيما يبدو أن أردوغان وأنصاره مستمرون في سياسة التكبر والنظرة الاستعلائية تجاه المرأة، وعبر نائب رئيس الوزراء التركي بولنت أرينج عن هذه الحقيقة عندما ألقى محاضرة على النساء التركيات مؤخرا طالبهن فيها بعدم الضحك بصوت عال، الأمر الذي اكتفى منتقدوه بالنظر إليه على أنه «انحطاط أخلاقي».

كما شهد الحجاب في تركيا فواصل من عملية التسييس منذ أن حظره مؤسس الجمهورية مصطفى كمال أتاتورك، إلى أن ظهر على المسرح السياسي «العدالة والتنمية»، فألغى حظر الحجاب في الجامعات والدوائر الرسمية، لتتصاعد مخاوف الكماليين من انتشار قيود المحافظين على الملبس في مجالات يعتبرونها معاقل العلمانيين والنظرة العصرية مثل الجامعات والبرلمان والأزياء.

ولاتزال هذه الجبهات في حالة تأهب واستنفار مع فوز أردوغان وتمكنه من الحكم، وحلقات المواجهة تحمل الكثير من المفاجآت، غير أن الرئيس الإسلامى العنيد يراهن بقوة على رصيده الجماهيرى وبقائه «النجم المفضل» لدى الأغلبية الشعبية.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية