استضافت «المصرى اليوم» صناع مسلسل «دهشة»، وهم الفنان يحيي الفخرانى والمؤلف عبدالرحيم كمال والمخرج شادى الفخرانى، في ندوة موسعة حول العمل، وأجمع المشاركون على أن المسلسل يقدم دراما مختلفة عن الدراما السائدة، تتطرق للنفس البشرية وما يدور بداخلها، وتحتاج إلى متابعة دقيقة، وأن ردود الأفعال حوله لن تأتي مع العرض الأول بل ستكون مع العرض الثانى والثالث، وأن فكرة العرض الحصرى هي مسألة إنتاجية لا علاقة لهم بها، فما يهمهم هو مشاهدة قطاع عريض من الجمهور لعملهم، وأن رواية الملك لير هي من أكثر روايات الأديب العالمى، ويليام شكسبير، التي تصلح لتمصيرها وتقديمها في قالب صعيدى.
وأكد الفنان يحيي الفخراني أنه يرفض الأعمال التفصيل لأن الكاتب لو فعل ذلك فإنه سيكرر نفس الأدوار والشخصيات التي نجح فيها النجم من قبل ولكنه لم يطلب من سيناريست أن يكتب له عملا إلا مرتين موضحًا أن «دهشة» واحداً منهما، وأضاف أنه يعشق رواية الملك لير وطلب من الكاتب عبدالرحيم كمال إعادة تقديمها في عمل درامى لأن الأجيال الجديدة ابتعدت عن الكلاسيكيات، وأشار إلى أنه عندما قدم الرواية على خشبة المسرح القومى لم يتوقع أن يستمر عرضها لـ9 سنوات، وأن شخصية الباسل مختلفة عن شخصية شيخ العرب همام.
■ لماذا قررت خوض سباق رمضان هذا العام بـ«دهشة»؟
- من المعروف أننى عرضت مسرحية «الملك لير» لمدة 9 سنوات على المسرح، وحققت نجاحا كبيراً بالرغم من قلة الدعاية التي أنفقها مسرح الدولة «القومى» في ذلك الوقت، لكن بمجرد أن يعلم الجمهور بوجود المسرح يتحول العرض إلى كامل العدد، ويراودنى إحساس منذ زمن رغم أننى سبق أن قدمت «الملك لير» مع عبدالمنعم مدبولى وعصام الجنبلاطى من خلال مسلسل كوميدى هو «أبنائى الأعزاء شكرا» الذي اشتهر بـ«بابا عبده» فهو مستوحى من فكرة الملك لير، فكان من الممكن أن يكون المسلسل تراجيديا، لكن يعوق ذلك شيئان أولهما السن حيث يتطلب في البطل أن يكون عمره 80 عاماً، وهذا مخالف لطبيعة المسرح الذي يتطلب مجهودا مضاعفا ويوجد أيضاً عائق آخر وهو الشكل حيث إننى لم أكن عجوزا منذ 10 سنوات، وهذا ما يمكن تداركه في المسرح من خلال ماكياج وتبيض لون اللحية لكن بعد العرض لابد أن أزيل المكياج وهذه المسألة كانت تؤرقنى كثيرا، لكن الآن الوضع اختلف حيث إننى تحولت إلى «عجوز بجد» بالرغم من أن المؤلف عبدالرحيم كمال جاملنى وحدد عمر الباسل بـ70 عاما.
■ أفهم من كلامك أنك صاحب اقتراح تقديم الملك لير؟
- أنا مؤمن دائماً أنه لا يصلح أن أقترح على مؤلف كتابة عمل وهذا حدث معى مرتين فقط طوال حياتى الفنية هذه واحدة منهما، واقترحت على عبدالرحيم وسألته هل تحب أن تعمل الملك لير؟ وهل يصلح أن يكون صعيديا؟ واختفى عبدالرحيم فترة وظل يقرأ كثيراً وبعد فترة طويلة عاد وقال: خلاص ينفع، وكانت المرحلة بعد ذلك مع شادى واقتصر دورى بعد ذلك على التمثيل.
■ شكسبير يحمل جرعة درامية فلسفية، وهذا يعتبر تحديا من نوع خاص بالنسبة للمشاهد الذي يبحث عن الدراما السهلة في رمضان، في الوقت الذي أوحيت فيه للمشاهد أن هذه الدراما غير واقعية؟
- سأقول سراً، من أول يوم ونحن كفريق عمل معجبون ببعض، هناك اتفاق ثلاثى بينى وبين عبدالرحيم كمال وشادى على أن هذا الموضوع لن يتم تنفيذه إلا لو اتفقنا بشكل كامل، وبالتالى هذا مغرز أن أقول لعبدالرحيم كمال: اكتب عن فلان مثلاً، وبعدما قرأت الحلقات الثلاث الأولى أدركت ان الكاتب أمسك بالعمل وبشخصية لير كما يجب وقدمها في شكلها الجديد وفقا لدراما صعيدية.
■ قدمت مشهدا وأنت «حافى القدمين» مقترنا بأداء تمثيلى عال جداً حقق نسب مشاهد مرتفعة جداً وردود أفعال كثيرة على مواقع التواصل الاجتماعى؟
- المشهد منذ البداية مكتوب بشكل مبهر، والتنفيذ كان مهمة المخرج، وشادى يحب الممثل أو بمعنى آخر هناك مخرجون لا يهتمون بالممثل بالقدر الكافى، و«شادى» قدم شيئين في البداية بالرغم من أنه يبدو مؤدبا في طريقة عرضه للفكرة، لكن في النهاية يفعل ما يريد، ولكونى والده قال لى: يا دكتور انت هتمشى حافى طوال المشهد، وطالما سألنى بهذه الطريقة فمن الصعب أن أقول له: لا، وأعتبره سؤالا فيه توريط ووجهة نظر، واكتشفت في يوم التصوير أن شادى استعان بكاميرا ثالثة للتصوير، وقبل أن أخبره برغبتى في تصوير المشهد مرة واحدة دون تقطيع وجدته يقترح على أن يتم تصوير المشهد «وان شوت»، وهذا ما حدث.
■ وهل وجدت صعوبة في المشى حافيا في ظل حرارة الشمس الحارقة؟
- شادى مهد الطريق بنفسه وجعل المشاهد يشعر بأن الطريق غير ممهد حتى يضمن سلامتى تخوفاً من وجود قطع زجاج مثلاً، وإحساس «القيلولة» كان موجوداً لأنه صور المشهد في وقت تعامد الشمس، وحتى في اللقطات القريبة، كان لابد أن أمشى حافيا طوال المشوار، وكانت هتفرق في الأداء لو كنت مثلت أننى حاف.
■ اعتمدت على بناء درامى لمراحل التغير في شخصية «الباسل»؟
- بالفعل توجد أكثر من محطة خطر في الشخصية، والمحطة الأخطر كانت مشهد «القيلولة» لأنه يحتوى على رسائل ضمنية كثيرة ولابد أن يصل المتفرج إلى فكرة أن هذا الرجل لن يخرج بعقله، والشىء الثانى الفترة التي كان فيها عقله مغيبا أو بمعنى آخر غير موجود، أول ما بدأ عقله يروح اختفت شخصية «بهلول» لأن حكمة لير كانت في «بهلول» وانتقلت هذه الحكمة مع جنون لير، لذلك شعرت بسعادة من عبدالرحيم كمال عندما كتب أول مشهد بعد مشهد «القيلولة» يحتوى على حوار يسألنى فيه «على فين يا حاج»، على بيتك في دهشة فقلت له: لى بيت في دهشة ولى قبر، الواحد فينا له مطرحين مطرح كله راحة ومطرح مفيهوش راحة، وهذه حكمة أيضا لا تخرج من الباسل إلا بعد مشهد «القيلولة»، وطبياً الفنان عندما يكون صادقا تخرج منه الانفعالات بشكل مختلف فمثلا لا يوجد شخص يصبح مجنونا بهذا الشكل في لحظات يعود فيها العقل ثم يرتد، لدرجة أن مثلا شخص مثل «بتهوفن» أهم ألحانه خرجت بعد نوبات الصرع.
■ والمرحلة الثانية؟
- كانت عند لقاء الباسل بابنته نعمة
■ وما سر عشقك لشخصية لير لدرجة أنك قدمتها في أكثر من عمل؟
- لأننى وصلت إلى قناعة أن الجيل الجديد ابتعد عن الكلاسيكيات، وأثناء دراستى في كلية الطب وجدتهم في مرحلة الجامعة يقدمون أعمالا للريحانى، فقمت بعمل خط آخر يقدم المسرح العالمى وأصبحت مهتما أن أشاهد عروض المسرح القومى وأشاهد عروضا عالمية، وأقرأ المسرح العالمى وشعرت بأن الجمهور لابد أن يشاهد هذه الأعمال، وعندما طرحت الفكرة على الدكتورة هدى وصفى مدير المسرح القومى آنذاك وافقت على تقديم العرض مقابل تقديم مسرحية أخرى لألفريد فرج بعنوان «على جناح التبريزى وتابعه قفة»، وفى النهاية استقررنا على الملك لير، وفى ذلك الوقت كان أمامى 3 روايات أفكر فيها هي «لير»، و«تاجر البندقية» و«ترتوف»، وفى ذلك الوقت أيضاً كان النفاق الدينى عاليا جداً قبل الإخوان بكثير، ووجدت أن «ترتوف» الأزهر لن يوافق على تقديمها، و«شايلوك» في «تاجر البندقية» لابد أن يكون دمه خفيفا، ولو قدمته بهذا الشكل فسوف أشعر بأننى أحسن صورتهم في ظل معارك اليهود مع الفلسطينيين، ووجدت «لير» ولا أعلم سر انجذابى إليه بهذه الطريقة، فقررت أن أخوض التجربة وتوقعوا أن عروضها لن تستمر أكثر من شهر فقلت: إنها تجربة والسلام، لكنها خالفت التوقعات واستمر عرضها 9 سنوات، وهذا يعود بنا إلى مسلسل «دهشة» وإمكانية تقديم «لير» من خلال تراجيديا مصرية ووجدت أنه من الصعوبة أن أعرضها على أي شخص إلا للذى يكون على قدر هذه المسؤولية.
■ هناك خيط رفيع بين «شيخ العرب همام» و«دهشة» وكذلك في دور الصعيدى؟
- كنت أخشى التكرار في الشكل وبالتحديد في اللحية، لذلك اجتمعت مع شادى حتى توصلنا إلى شكل محدد واتفقنا أنها لابد أن تكون بعيدة عن لحية «شيخ العرب»، وقد سبق أن طلب منى شادى أن أطلق لحيتى بعد الخواجة عبدالقادر تحسباً لتقديم عمل جديد وكنت قد اعتدت على مدار 10 سنوات أن أطلق لحيتى بعد كل عمل وأيضاً بسبب المسرحية حتى لا أضطر إلى تركيب لحية، لكن بعد حكم الإخوان والصورة التي ارتبطت بهم كنت أطلقها لمدة أسبوعين ثم أنظر في المرآة وأحلقها فوراً، لم أتحمل أن أرى نفسى بها، لكن شادى أصر عليها وكانت له رؤية أيضا أن شعر اللحية لابد أن يكون ناعما لأن الشعر بهذا الشكل سوف يفيد في مرحلة الجنان، وطلب منى أن يكون الشعر طويلا ومفرودا وفى النهاية توصلنا إلى الشكل النهائى.
■ التتر كان له واقع مختلف وبعيد عن الدراما الصعيدية؟
- بالفعل، عندما سمعت التتر الذي قدمه الموسيقار عمر خيرت اتصلت به تليفونياً لأنه كان منتظرا رأيى في الشكل المبدئى للموسيقى الخاصة بالمسلسل، فقلت له: بهذه الموسيقى أنت تخطيت عبدالرحيم كمال ووصلت إلى شكسبير، فقال لى هذا هو طلب المخرج وأنا وافقته الرأى، في عدم استخدام موسيقى توحى بأننا في أجواء الصعيد، لأنها موسيقى عالمية، وهذه هي رؤيتهم منذ البداية.
■ وهل تدخلت في اختيار الممثلين المشاركين في «دهشة»؟
- طول عمرى لا أتدخل في عمل المخرج، لأنه يرى أكثر منى وأحيانا أكثر من المؤلف، بالرغم أنى كنت متوقفا عند بعض الأسماء لكنى تركت له حرية الاختيار، والحمد لله الاختيارات كانت موفقة إلى حد كبير جداً وإحساسه بالممثلين كان عاليا جداً.
■ وما رأيك في فكرة العرض الحصرى للمسلسل على شاشة قناة mbc مصر؟
- بصراحة شديدة لا أفضل الحصرى، لكنها مسألة إنتاجية بحتة، ولو الرأى خاص بى لكنت رفضت، وعندما علمت أن العرض حصرى قلت للمنتج: أين باقى المحطات؟ فقال لى: يوجد عرض ثان وثالث بعد رمضان، ومن خلال تجربتى الطويلة أصبحت غير مؤمن بالعرض الرمضانى، ومسؤولية الفنان الأهم من وجهة نظرى هي تقديم عمل بجودة عالية، وننسى تماماً فكرة العرض الأول، و«دهشة» لن يحقق نسب مشاهدة كبيرة إلا من خلال العرض الثانى والثالث، وحتى من شاهده أول مرة لم يتمكن من متابعة جميع التفاصيل بسبب وجود أعمال كثيرة تزاحم على نسب المشاهدة، لذلك أختار العمل الذي أفضل أن أقدمه بغض النظر عن إمكانية تحقيقه نجاحا كبيرا من أول مرة، وهذه ليست مشكلة، وابنى شادى أخبرنى في الأيام الأولى لعرض المسلسل خلال رمضان بأن الجمهور المصرى متابع للفضائيات التي تبث من القاهرة مثل الحياة والنهار وخلافه، أكثر من الفضائيات التي تبث من خارج مصر مثل mbc، فقلت له: من يتابع «دهشة» على mbc مصر عن طريق الصدفة بالتأكيد سيتحدث عن المسلسل بشكل إيجابى وسيجعل الجمهور مهيئا للمشاهدة في العرض الثانى، وهذا لا يقلقنى لكن ما يقلقنى أكثر هو عدم جودة العمل.
■ وما رأيك في شادى مخرجاً؟
- شادى مظلوم معى إلى حد كبير، وأتذكر أننى أثناء مشاركتى في معرض للكتاب في منطقة الشارقة هاجمتنى صحفية خليجية، وقالت لى: لديكم ابن مخرج لماذا لا تقدمه للساحة رغم أنه تخرج منذ 17 عاماً، وشادى أخذ الفرصة عندما اقتنع بها، ورفض عروضا كثيرا لتقديم أعمال معى لكن عندما اقتنع قرر خوض التجربة، وعندما سألنى المنتجون في ذلك الوقت لماذا ترفض العمل مع شادى؟ فقلت لهم: أنا شاهدت شغل ابنى شادى وأعلم جيدا المستوى الذي وصل إليه، وللعلم شعرت بالاطمئنان مع شادى منذ أول يوم تصوير، خاصة لأنه سلك طريقا مختلفا ولم يتأثر بمن سبق أن اشتغل معهم من المخرجين، كما أن البداية بالنسبة له كانت صعبة جداً وبالتحديد في «الخواجة عبدالقادر» التي كانت تحتاج لمخرج لديه خبرة 20 عاماً، ويوجد صحفى قال جملة أعجبتنى «شادى فنان بالوراثة وليس بالتوريث».
شاهد فيديو «الندوة كاملة»
على الرابط التالى: http://www.almasryalyoum.com/news/details/498329