x

أبجدية أطفال غزة فى الحرب: «صاد» صاروخ.. «قاف» قصف.. «دال» دبابة

الجمعة 08-08-2014 19:14 | كتب: الأناضول |
أطفال فلسطينيون يغادرون حى الشجاعية خوفاً من القصف أطفال فلسطينيون يغادرون حى الشجاعية خوفاً من القصف تصوير : أ.ف.ب

عندما نطقت الطفلة «نانا» التى لم تُكمّل عامها الثانى، بكلمة «ساروخ» (صاروخ)، انتابت والدها مشاعر متناقضة، إذ بدأ يضحك وهو لا يكاد يُصدق أن هذه هى أولى كلمات صغيرته، فيما كان قلبه ينفطر حزنا على حال أطفال غزة، وعقولهم الغضة تختزن على مدار أسابيع طويلة صور ومفردات الحرب الإسرائيلية.

وقال مصطفى ماجد والد الطفلة «نانا»، لمراسلة وكالة الأناضول علا عطا الله، إنه كان أمام مشاعر متناقضة، وهو ينصت لصغيرته وهى تتحدث بلغة الكبار، وتُردد «بابا ساروخ (صاروخ) قثف (قصف)». وأضاف: «ضحكت وأنا أسمع لكلماتها، وكيف حفظت هذه المفردات؟، وتألمت فى نفس الوقت، على حياة صغار غزة، وكيف باتت تفزعهم الحرب، والقصف والشظايا التى تتناثر حولهم، إلى درجة أن قاموس «الأبجدية»، على لسانهم تغير بأكمله».

و«بوم» (صوت الانفجار) تُرددها الطفلة «لين النخالة» التى تنطق أولى كلماتها، دون أن تعى ما تقول كما تروى والدتها هبة عاشور. وقالت: «ابنتى فى عامها الأول، وتنطق بكلمة (بوم)، قسفوا (قصفوا)، وفور أن تسمع صوت الطائرات الحربية تُغمض عينيها. وأضافت أنه من الطبيعى أن ينطق أطفال غزة، بهذه الكلمات بعد أسابيع طويلة، من القصف، وترديد مفردات العدوان.

وكيف لطفل عمره 5 سنوات، عاش حربين ( 2012 - 2014) من أقسى الحروب وأعنفها أن يتحدث كما يقول أنور الشرفا الأب لثلاثة أطفال. وأضاف: «طفلى أنس 5 أعوام لا يُردد سوى ألف (أباتشي)، دال (دبابة)، حاء (حرب)، قاف (قصف) أو (قسام)، هذه العقول التى لم تعد تحفظ الصور الجميلة، وأبجدية الألف (أرنب) والجيم (جمل)، والخاء (خروف)، هم يستيقظون على الشظايا وهى تخترق بيوتهم، وغرفهم».

ومنذ بدء العملية العسكرية الإسرائيلية على قطاع غزة، لم يمر يوم دون أن يتحول عدد من الأطفال إلى أخبار عاجلة فى قصف يحوّل أجسادهم إلى أشلاء، وقطع متفحمّة.

وحذرت رئيسة المكتب الميدانى الذى تديره منظمة الأمم المتحدة للطفولة «يونيسيف» فى قطاع غزة بيرنيل ايرنسايد من مستقبل قاتم ينتظر 400 ألف طفل أصيبوا بصدمة، جراء الحرب الإسرائيلية على غزة.

وتشكو روضة حميد، 38 عاما والأم لخمسة أطفال، من أن صغارها لا يُرددون سوى «ماما (قصف)، طائرة، حرب، دم، زنانة (طائرة بدون طيار)». وقالت: هذه هى لغتهم، وحروفهم، يتحدثون بلغة أكبر من سنهم، ومن طفولتهم، لم تعد ألعابهم الدمية، وكرة القدم، بل المسدسات، والطائرات الحربية البلاستيكية، لقد غيّرت الحرب تفاصيل حياتهم، وتفكيرهم». ورأى مدير مركز التأهيل المجتمعى وإدارة الأزمات فى مدينة غزة فضل أبوهين أن فى لغة الأطفال هذه تجسيدا لواقعهم المؤلم الذى عاشوا تفاصيله على مدى الأسابيع والأيام الماضية.

وشدد أبوهين على أن الحرب الإسرائيلية ستلقى بآثارها، وظلالها على لغة أطفال غزة وألعابهم وحتى نظرتهم للمستقبل، فى الأعوام المقبلة. وسيحتاج أطفال غزة بعد الحرب إلى برامج تعليمية ونفسية وترفيهية مكثفة للعلاج النفسى، وإزالة ما اختزنته عقولهم من صور سوداء.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية