لم يصدق الطفل محمد حجازي أن بائع الفلافل المجاور لمنزلهم قد فتح أبوابه، منذ ساعات الصباح الأولى، وبدأ في إعداد الوجبة الأكثر شعبية في قطاع غزة، وسارع «حجازي»، 13 عاما، إلى شراء الوجبة، التي افتقد رائحتها وطعمها طيلة أيام الحرب الإسرائيلية، والمستمرة لليوم الـ30 على التوالى.
وبدأت طوابير المواطنين تصطف أمام المخابز، ومحال الصرافة، ومحطات مياه التحليّة، وفى كل مكان بإمكانه أن يمد السكان بالحياة التي افتقدوا تفاصيلها في الأيام السابقة.
ومنح إعلان التهدئة الإنسانية بين إسرائيل، وفصائل المقاومة الفلسطينية، لـ72 ساعة، حجازى الشعور بالأمان بمعاودة حياته العادية، وهو الأمر الذي تكرر مع عشرات الأطفال الذين اصطفوا في طوابير، لملامسة أقراص الفلافل الساخنة والعودة بها إلى بيوتهم لتناول طعام الإفطار مع ذويهم.
وقالت رشا البيومى: «سكان غزة خرجوا بحثا عن الحياة التي تتزاحم مع الموت»، وأضافت وهى تتفقد ثمرات الطماطم الحمراء: «حتى لو انتهت التهدئة الإنسانية، سنبقى نخرج كل يوم، الموت لم يعد يُفارقنا ولو لدقيقة».
ولأول مرة، ارتفع صوت الباعة المتجولين، وهم ينادون على ما يحملون من خضروات، ظلت حبيسة التربة لأسابيع، فيما ارتفع الضجيج في شوارع قطاع غزة، مع بدء أفواج النازحين تخرج من مدارس الإيواء، وتبدأ في العودة إلى بيوتها، لتفقد ما خلّفته آلة الحرب من دمار وخراب.
وبدأ، صباح الثلاثاء، سريان التعليق المؤقت لإطلاق النار في قطاع غزة، بين الفصائل الفلسطينية، والجيش الإسرائيلى لمدة 72 ساعة، بناء على مقترح مصرى، لتبدأ خلال هذه المدة مفاوضات حول التوصل إلى هدنة دائمة، وسط توقعات بوصول وفد إسرائيلى خلال الساعات القليلة المقبلة القاهرة للمشاركة في المفاوضات.
وفور دخول التهدئة الإنسانية حيز التنفيذ، فتحت أسواق غزة أبوابها أمام مئات الأهالى الذين تدفقوا لشراء احتياجاتهم.