x

مسلسلات «رمضان» بين مثلث الجنس والدم والموت.. (2) (تحليل نقدي)

الأحد 03-08-2014 21:16 | كتب: رامي عبد الرازق |
سجن النسا سجن النسا تصوير : other

تحدثنا الحلقة الماضية عن أن الدراما ظلت لسنوات طويلة تتعامل بقدر كبير من الحساسية والتوجس مع كل ما له علاقة بالجنس والعنف الدموي والقتل، وأن الموت سواء عبر الجريمة أو المرض أو الانتقام الرباني ظل الضلع الوحيد الذي يمكن تمريره بسهولة لمشاهدين ادمنوا الميلودراما والتراجيديات التي يمثل الموت في البداية أو الوسط أو النهاية عنصرا رئيسيا في آليات صياغتها.

لكن دعونا نتحدث بكثير من التفصيل عن المقصود بالجنس في الدراما..

الجنس في الدراما ليس المقصود به فقط المشاهد الصريحة التي تخص العملية الجنسية بكل حميميتها وشهوانيتها ولكن مفهوم الجنس في الدراما يتجاوز فكرة المشهد أو اللقطة الضيقة إلى مفهوم اوسع له علاقة بكل ما هو جسدي وغرائزي وتأثيره على نفوس الشخصيات الدرامية ومبررات افعالها وقراراتها.

شهد الموسم الرمضاني المنصرم اعتماد مكثف-وليس فقط حضور-على موتيفة الجنس بكل تنويعاتها حتى أن ثمة خطوط درامية كاملة لم تكن لتكتمل أو تحدث أو تنضم في بنائها للحبكة دون ان يكون لأحدى التفاصيل أو الأشياء أو العناصر الجنسية دور فيها.

فعلى سبيل المثال لا يمكن تصور الخط الدرامي الخاص بشخصية محمود في مسلسل"السبع وصايا"دون عنصر الصوفة والتي افاضت الصحافة ومواقع التواصل في شرح معناها وآليات عملها حيث اعتمد المؤلف على فكرة الصوفة بشكل كامل لتطوير الخط الخاص بالشخصية وما حدث من سعار جماهيري للبحث والتمحيص خلف الوسيلة نصف الجنسية يدل على حجم التطور والتغير الفكري والنفسي في الأعتماد على التفاصيل الجنسية في الدراما وفي تلقيها بهذه الحساسية، خاصة أن فهم آلياتها يعتبر ركن اساسي لمتابعة دراما الشخصية وتقاطعها مع خطوط أخرى داخل العمل على رأسها اللقاء بالأخت الصغرى أم أم التي جاءت من طنطا من أجل وصفة انجابية ثم تبين لها أنها صوفة فرفضت ولكنها التقت بأخيها ومثل مصارحة محمود لبوسي أن ابن دلال الثانية هو ايضا ابنه وليس ابن دلال الأولى فقط الذي حصلت عليه بوسي وبالتالي انتزع الطفل من احضان أمه ليجتمع مع بقية احفاد نفيسة في محاولة لتنفيذ الوصية الوهمية كما تبين في الحلقة الأخيرة.

ومثل حتمية الصوفة بالنسبة لخط شخصية محمود تأتي الدعارة(بيع الجنس مقابل المال)لتصبح هي الخط الرئيسي الخاص بشخصية صبري الأخ الأوسط بكل تشعباتها التي بدأت من شبق جنسي تجاه فحولته من قبل اسعاد القوادة وصولا إلى الزواج منها ثم استخدام العمليات الجنسية المدفوعة الأجر في محاولة افساد البيزنس الخاص بها مرورا بعلاقته بالعاهرة الشابة/نهى عادل التي اختفت تماما في النهاية دون أن ندري أين ذهبت وكأن المؤلف نسيها ولكن ظل الجنس بشكل غير مباشر هو محور الخط الخاص بصبري إلى النهاية ولا ننسى أن في محاولة بوسي وأوسة السيطرة على الضابط الشاب لكي يجبروه على عدم البوح بسرهم-رغم أنه ابن اوسة كما تبين لنا ايضا- فقد تفتق ذهن المؤلف عن حيلة جنسية بحتة وهي تصويره في اوضاع مخلة مع شاب لفضحه وقت اللزوم.

صحيح أننا لم نرى المشهد ولكن الأشارة إليه بهذا الشكل الجرئ كفيل بتحقيق الغرض الدرامي من ورائه وبيان مدى التغير والنمو الذي وصلت إليه الدراما في التعاطي حتى مع تفصيلات سردية صغيرة لكنها مؤثر في الحبكة والسياق من زاوية جنسية بحتة لم يكن يجروء صناع الدراما فيما سبق مجرد الحديث عنها ولو حواريا فما بالك من خلال مشهد كامل.

ويمكن ان نضم إلى تفصيلة تصوير الضابط تفصيلة محاولة منصف اجهاض شحاتة زوجته بطلب من ماجدة عن طريق مضاجعتها بشكل عنيف خلال شهور حملها الأولى، هنا ايضا بدت المعالجة البصرية مقننة وراقية ولكن تظل الأشارة الدرامية واضحة ومباشرة خاصة عندما صرخت شحاتة بعد ذلك في ألم مصطنع مدعية الأجهاض فأستاء الدكش أخيها من ذلك متصورا أنها عادت للتآوهات الجنسية من جراء عنف منصف معها.

ان المؤلف اختار حل جنسي لأجهاض شحاتة بعيدا عن الحلول التقليدية كضربها في بطنها أو القائها من فوق سلم وان عاد واستخدمها مرة أخرى في محاولة اجهاض اسعاد بألقاء ماء بصابون في طريقها من قبل ضرتها القوادة قبل أن يستعمل معها صبري أحدى الوصفات الشعبية للأجهاض وهي طبخ شوربة من قشر البصل.

فوضى الجنس..فوضى الروح

ومثلما لا يمكن تصور عدد من الخطوط الدرامية الرئيسية في السبع وصايا بدون الأعتماد على موتيفات الجنس فأن مسلسل مثل"كلام على ورق" قائم بالأساس على فكرة مقتل روائي شاب بسبب دخوله في علاقة عاطفية مع أحدى العاهرات التي تنتمي للعالم السفلي لتجارة الجسد في لبنان على يد عصابة مصرية،

هذا عمل يتحدث عن شخصيات انسانية تتحرك ما بين نوازع الحاضر وخطايا الماضي وغموض المستقبل، حالة الفوضى الروحية التي تعيشها الشخصيات وذلك التداخل النفسي والوجداني العنيف اختار كتاب العمل أن يكون الجنس هو معادلة المادي، والشخص الوحيد الذي نراه مصفف روحيا هو حمزة قصير الروائي الشاب البيوريتاني الذي عشق حبيبة لذاتها وروحها ورفض أن يشارك الأخرين في جسدها حتى تصبح خالصة له، الكل يضاجع الكل والكل يشتهي الكل والكل يكره الكل.

نستطيع أن نتلمس هنا قوة المعالجة القائمة على اسرار العوالم السرية لبيع الجنس من خلال الشخصيات الرجالية تحديدا(ناصر الطيار وفرج شبل ودودي ابن كهرمانة ومجدي زعيمهم)، فالعاهرات هم العاهرات والشعور بالذنب والدنس والرغبة في الهرب من اسر الرق الجسدي أو حتى تحقيق الأحلام اعتمادا على تأجير الأعضاء الحميمية كلها عناصر ميلودرامية شائعة ومعروفة وقدمت من قبل، لكن قوة النص تحديدا جاءت في انعاكس مهنة القوادة على نفوس وشخصيات الرجال الأربعة من اجل الخروج بأكبر قدر من الأنفعالات والتفاصيل النفسية والوجدانية والذهنية حول المشاعر الأنسانية المتضاربة والمتناقضة والمنحطة أو الراقية والتي تشكل في النهاية الكائن الأنساني الغير مفهوم.

صحيح أن البناء الدرامي افسد القوة الأنفعالية للموضوع وكما فتت الزمن من أجل شكل تصور أنه جذاب قام بتفتيت التفاصيل التي كان يجب أن يتلقاها المتفرج بدفعات مكثفة ومتراكمة لا على مقتطفات من أزمنة متداخلة، وصحيح أن الكادر المائل للصورة جعل كل الأنفعالات القيمة والهامة تتسرب كالماء من طرف الشاشة المنحني إلى اسفل إلا أن التعاطي مع عالم تجارة الجنس بهذا الشكل الجرئ والطازج وبأقل قدر من الأبتذال والسطحية في محاولة لتأطير افكار ومشاعر انسانية عامة يعتبر نقطة ايجابية في صالح هذا العمل بشكل خاص ولصالح الدراما بشكل عام، لقد قدم صناع العمل معادل للفوضى الروحية بفوضى جنسية تجعل فتاة مثل ليلى في محاولة منها للبقاء على قيد حياة كريمة تقيم علاقة مع شابين رغم أنها ليست ضمن فئة العاهرات المباعة لتصبح شخصية مثل ليلى انعكاس جيد لفكرة أن الدعارة ليست دعارة الجسد ولكنها دعارة الروح وان غريزة البقاء وشهوة الطمع والتناقضات الأنسانية دون سيطرة يمكن ان تجعل منها مسوخا في صورة بشر.

خلق الأيقونة الجنسية

وبالقياس مع الفارق يمكن أعتبار الفوضى الجنسية دلالة على الأنحلال الأخلاقي للطبقات الغنية كما جاء في مسلسل"ابن حلال" والفرق هنا أن المسلسل يكرس لتيمة التفرقة الطبقية بناء على فكرة الشرف القديمة التي تنتمي لميلودراميات الأربعينيات.

فالفقير لا يملك إلا شرفه سواء الجسدي أو المعنوي(حبيشة)وهو ما يجعله ابن حلال في هذا الزمن الردئ أما الغني نائل ابن الوزير فهو ابن حرام مأصل لأن المال والنفوذ افسداه فصار لا يقبل أن ينال ما لا يشتهي ويرغب، أنه يتزوج يسر عرفيا ثم يطلقها ثم يضاجعها ثم تختفي منه فيضاجع صديقتها عزيزة في شقتها بينما تذهب يسر للأقامة مع صديق لها يحاول الاعتداء عليها جنسيا بعد أن تلوت امامه مرار بالشورت الساخن الذي لعب دور اساسي في تحفيز المتفرج على الشعور بأن نائل له كل الحق في مطاردة يسر كل هذا الوقت.

اللعب على فكرة خلق ايقونة جنسية مثل يسر/سارة سلامة رصدته حواس المتلقين بشكل واضح جعلت شورت سارة سلامة الساخن لا يقل اهمية عن صوفة امين راضي ولو بشكل غير مباشر هنا يبدو توظيف العنصر الجنسي نصل ذو حدين استخدمه صناع العمل في الهجوم على الجمهور النصل الأول هو اللعب على هرمونات المشاهدين بتركيبة الأيقونية وحواشيها من مشاهد في الفراش وهي نائمة عارية الظهر أو رقص مثير في الديسكو او ملابس كاشفة وصديقة لا تقل عنها سخونة ولكنها اقل منها شهوانية، والنصل الثاني هو تحقيق تصدير فكرة الأغنياء فاسدين ومنحلين وشهوانين أما الفقراء فهم اصحاب القلوب الطيبة والأجساد المستورة التي لا يعريها ايضا سوى الأغنياء بفسادهم وظلمهم فحين يسجن حبيشة فداءا لأبن الوزير وتتزوج اخته من جارهم العجوز-تهرب منه ايضا لسبب جنسي وهو كونه عنين بالأضافة إلى بخله ثم مثل كل الفتيات الفقيرات الائي لا يملكن سوى اجسادهن تبيع نفسها في الملاهي الليلية حتى يتحقق في النهاية مقتل شفيقة على يد متولى/حبيشة لكي يسلم الشرف الفقير ويغسل من العار وتظل يد الفوارق الطبقية والظلم الأجتماعي هي الملطخة به وليس الانحراف السلوكي أو شهوة المال.

النصل الثاني تحديدا يمنح صناع العمل غطاء اجتماعي انيق رغم كونه مستهلك ومبتذل فنفس تلك القصة يمكن أن تدور بدون كل الحواشي والمشهيات الجنسية ويسر نفسها كان من الممكن الا تكون منحلة وعارية طوال الوقت لكي تقتل في النهاية ولكن التعاطي مع فكرة حب التملك وصولا إلى الهوس الجنسي له ميزاته التسويقية والدعائية الهامة لاشك في ذلك.

بل أن شعور الكاتب بالحرية في التعاطي مع موتيفة الجنس جعله يفرد خط خاص بفكرة السيطرة الجنسية والتهديد بالفضيحة من قبل الوزير ومساعده على عدد من رجال الأعمال بغرض البيزنس وهي نفس الموتيفة التي ترد في مسلسل السيدة الاولى مع اختلاف الدوافع والنتائج، وهي موتيفة نابعة من ظاهرة فضائحية لها مصادرها المجتمعية ولكننا لو اضفناها هنا إلى كونها تتم مع رجال اعمال اغنياء مضافة إلى انحلال فتيات الطبقة الغنية مضافة إلى شهوانية الأم المشهورة والغنية ورغبتها الجامحة في شاب يصغرها يتم ايضا تصويرهم سويا وتهديدهم بالفضح كل هذه العناصر مجتمعة تعكس مدى سيطرة موتيفة الجنس على السياق الدرامي للأحدث من ناحية وعلى توظيفها كنوع من النقد الأجتماعي الساذج والتافهة ضد طبقة الأغنياء المنحلة في مقابل الفقراء الشرفاء في العزب والعشوائيات.

العاهرة الأولى..ولعبة الجنس والفضيحة

يحل الجنس ايضا كموتيفة اساسية في البناء الدرامي لسياقات مسلسل السيدة الأولى بشكل واضح بل ومفرط إلى حد الشعور بالأستسهال في الأعتماد عليه كمحرك للأحداث فمنذ قدوم مريم إلى القاهرة بهاجس الوصول إلى حملة هاشم الرئيس كما يشير الفلاش باك نجد أن اولى الخطوات التي تتخذها هي تهديد ابن عمها بفضح علاقته بأمرأة اخرى بعدما رأتهم سرا وبالصدفة في احضان بعض داخل كواليس المسرح، وتدريجيا يصبح هذا التصرف هو منهج اساسي بالنسبة لشخصية مريم فحين تريد السيطرة على رامي ابن الرئيس تدفع في طريقه بصديقتها المنحلة جيهان لتسيطر عليها جنسيا بجسدها الناضح بالشهوة في مشاهد عبير صبري وأحمد حاتم لكي تتمكن في النهاية من تزيجهم عرفيا والأحتفاظ بالورقة للضغط والتهديد وقت اللزوم.

وحين تقرر كسر شوكة ابنة الرئيس فأنها تخطفها وتقوم بتصويرها في اوضاع جنسية مخلة مع وزير الثقافة من أجل احكام السيطرة والتهديد بالفضحية(وقد اشرنا إلى تصوير الضابط في السبع وصايا في أوضاع مخلة)، ثم تعود السيدة الأولى لتدفع نفس الصديقة المنحلة كي توقع صديق الرئيس في حبال جسدها ومن خلال مشاهد غرف النوم والأستحمام في بانيو مليئ بالرغاوي البيضاء تقوم بالتسجيل له لفضحه حين يخرج عن سيطرتها، ثم تعود بنفس الحيلة لتسجيل حوارات شهوانية ما بين الرئيس وجيهان التي يمكن اعتبارها العاهرة الأولى في المسلسل، هذا الأعتماد الأساسي على تفصيلة الأيقاع الجسدي باغلب الشخصيات الذكورية يعتبر نقطة ضعف اساسية في البناء لأنها تتكرر بنفس الطريقة وبنفس الشخصية النسائية بل حتى تعتبر أحدى الأزمات الرئيسية بالنسبة لشخصية سمية مطلقة الرئيس هي ايضا فضيحتها شبه الجنسية مع شاب تم زجه في حياتها للأيقاع بها اخلاقيا ثم تستمر الازمة بشكل"ساخن"من خلال علاقتها بصديق الرئيس/أحمد سلامة وافتضاح أمر جلستهم الحميمية أمام ابنائها، هنا يبدو الهاجس الجنسي سواء على مستوى الفعل أو المبرر الدرامي هو المسيطر على مقدرات الشخصيات وهو القوة التي تدفع بالأحداث إلى الامام والتي لولاها لتعطل السياق الدرامي كله والأعتماد على موتيفة واحدة(كالسيطرة الجنسية والتهديد بالفضيحة)وتكرارها يعد عيبا لا يستهان به في اي نص ليس بسبب موتيفة الجنس نفسها ولكن بسبب التكرار والتشابه والأستسهال في صياغته دون البحث عن تفاصيل وحبكات جديدة ومختلفة في كل مرة بأختصار فقد اعجبتهم لعبة الجنس والفضيحة.

الجسد..سجن النساء

على الرغم من الهجوم الكبير الذي تعرض له مسلسل سجن النساء خلال الحلقات الأولى التي شهدت مشاهد شهوانية ما بين صابر وغالية في غرفاتها الصغيرة إلا أنها تعتبر أحدى ارقى وانضج التصورات البصرية المعبرة عن حالات الشبق المتبادل ما بين شخصيات درامية كل منها له نوازعه وافكاره واهدافه من الأخر، سواء على مستوى تصويرهم من خلف ستارة شفافة مزركشة تعكس شعورين متناقضين في نفس الوقت الرهافة والغبار فثمة مشاعر حب من غالية تجاه صابر فهو مسجونة داخل مشاعرها تجاهه بينما هو يتعاطى معها كجسد ممنوح بلا مقابل وأموال سهلة لم يبذل جهدا في الحصول عليها، التكوين الجسدي بينهم على الفراش يجعله فوقها بشكل ما مسيطرا عليها وهي في الأسفل تقاوم مشاعرها تجاهه وغيظها منها ورغبتها فيه رغم كل شئ.

الجنس في مسلسل سجن النساء طاقة دلالية غير محدودة لا تكاد تفلت منها معظم الشخصيات، ما يؤلم غالية حقا أن صابر لم ينتزع مالها لشراء ميكروباص ولكن لانها منحته مشاعرها عبر بوابة جسدها فخسرت كل شئ، اما جارتها المتلصصة فقد ادركت من البداية أن صابر مفاتحه مثل كثير من الرجال هي شهوته فصارت تمنحه كل ما يطلب من جسدها لأنها لم تكن تملك غيره وحين طالت يدها ذهب امها سرقته من اجله، هنا لا مجال للكلام القديم عن شرف الفقراء وانحلال الأغنياء، الواقعية الخشنة التي انتهجها العمل كأسلوب وبناء تعري الكثير من المتناقضات الأجتماعية والانسانية.

الجنس كموتيفة اساسية في الخط الخاص بشخصية دلال العاهرة التي تتحول ميلودراميا من فتاة ريكلام تستحلب اموال الزبائن في كازينو بدون نجوم إلى عاهرة درجة أولى لها شبكتها الخاصة، ففي مجتمع يحاسب المرأة على جسدها قبل روحها يصبح الجسد نفسه قنبلة تنفجرفي وجه المجتمع بكل سياقاته الأخلاقية الهشة أن المصنع الذي كان يصنع ملابس داخلية حريمي من خلال فتيات عاملات يتحول بعد أن اصبح مصنع عبايات وطرح إلى واجهة لشبكة دعارة دولية وهي لقطة كوميدية سوداء بالفعل.

عندما يتم توظيف موتيفة الجنس بشكل ناضج فأنها بلا شك يمكن أن تفرز لنا العديد من تلك اللقطات المتناقضة ذات التأثير القوي و الجيد فعزيزة تاجرة المخدرات تنقذ هند في السجن من اعتداء جنسي سحاقي عليها من قبل سجينة شاذة تدعى جعفر ولكن عندما تتزوج هند من الحاج في غياب عزيزة تقرر الأنتقام منها جنسيا بوضع الشطة في رحمها لأفساده وهو انتقام جنسي بحت- له رمزيته في مسألة الشطة والغيرة الأنثوية- ولو وضعنا المشهدين بجانب بعضهم لبدت كيفية توظيف الموتيفات الجنسية لصالح تفجير انفعالات ومشاعر تراجيدية شديدة القسوة والعنف تعكس حجم التوحش وضياع الروح الأنسانية والفساد الوجداني الذي اصبحنا عليه في مجتمع ما هو إلا سجن كبير من الفقر والعوز والأحتياج والأفتقاد والأحلام المجهضة والطموح المهدور.

ومن نفس الزاوية يمكن أن النظر إلى التقابل الدرامي بين شخصيات شفيقة أو زينات اللي بتذوق البنات وبين دلال أو شمس فكلاهما تحمل اسمين اسم حقيقي انساني واسم شهرة شهواني راجع إلى طبيعة المهنة وكلاهما تمارس الجنس في مقابل المال ولكن بينما تمارسه زينات من أجل أن تسد قوت يومها ثم تدريجيا لكي تعالج نفسها من داء الكلى تمارسه دلال/شمس كأنتقام نفسي من المجتمع الذي اجبرها على بيع جسدها، ثم رغبة في الأرتواء المادي وتعويض الحرمان وسنوات الفقر في ذلك المشهد الرائع الذي تستيقظ منه في جناح فندقي ضخم لتجد خاتما ماسيا بجانب فراش العهر الذي تنام عليه.

مآساة شفيقة/زينات فيما يخص سرقة كليتها لا تكتمل انفعاليا ولا دراميا دون مهنتها الداعرة، فهي تبيع جسدها أو تتركه نهبا لمن يدفع من أجل تأجيره وحين تجد من يعطف عليها ظاهريا فأنه لا يتردد على سرقة اعضائها! أليس في هذا معني أجتماعي وشعري في نفس الوقت لم يكن ليتحقق لولا توظيف أحدة الموتيفات الجنسية الشهيرة.

أما دلال/شمس فأنها رغم سجنها والذي يبدو على وجهها في الحلقة الأخيرة أنه لم يعد يعني لها الكثير فسوف تخرج وتعود لممارسة النشاط كسيدة اعمال تبدو مستريحة تماما لأنها تجنبت مصير زينات، لقد اختارت أن تبيع جسدها لأعلى سعر وأن توظف اجساد الاخريات لصالحها تحقيقا لاقصى درجات الأمان والنجاح المادي، ولو وضعنا زينات وشمس في كادر واحد سوف يكون لدينا الكثير من التحليلات المجتمعية والنفسية التي يمكن الخروج بها من مصير كلا الشخصيتين.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية