x

حسام السكري النظام اسمه فوزية! حسام السكري الأحد 03-08-2014 21:52


فوزية إز نوت أا سيستم.. (فوزية ليست نظاما).. كان هذا هو ما أخذت فى ترديده على الهاتف بفراغ صبر من مكتبى فى ياهو Yahoo! العالمية فى الشرق الأوسط. كنت على وشك القيام بتجربة فى «التفاعلية» بين الكاتب وقرائه فى شهر رمضان من عام 2010. ولم أجد أفضل من الكاتبة والصديقة فوزية سلامة لتكون أول «المتفاعلين». كانت على وشك التوجه لمعتكفها فى ساحل مصر الشمالى خلال شهر رمضان، إلا أنها أعجبت بالفكرة. لكن حماسها تناقض مع فتور إدارة الهندسة التى رأت أن هناك حاجة لوقت أطول للإعداد.

تطور الأمر ووجدتنى فى معركة توزعت أطرافها بين دبى، وعمان، وسان فرانسيسكو، وبنجالور، وانتهت بحوار مع كبير مديرى القطاع الذى هاتفنى، من الهند ليتعرف على ماهية.. «فوزية»!!

تعاقبت أسئلته عن «بروتوكول الإدماج»، ونظام «التوريد»، و«اتفاقية الخدمة»، ومعايير السلامة! (ربما ترجم له أحدهم اسم عائلة فوزية «سلامة»).

وجدتنى أكرر الإجابة نفسها: لا خطورة فى «دمج» فوزية مع النظام، فهى إنسان، وتخلو بالتأكيد من فيروسات الكمبيوتر. طال حوارنا حتى قطعته بحسم وأنا أضع السماعة: فوزية إيييييز نوووت ااااااسيستم. ثم أرسلت رسالة أعد فيها بتحمل المسؤولية، لتصبح فوزية أول «المتفاعلين» على الموقع.

تذكرت الحكاية عندما عرفت برحيلها عن عالمنا فى عيد الفطر. وعبرت ذهنى أول لقاءاتنا عندما كانت رئيسة لتحرير مجلة الشرق الأوسط. كتبت لها وقتها بابا أسبوعيا عن الإنترنت اسمه «المقهى الإلكترونى».

تحمست هى لما أصبح أول باب عن الإنترنت فى الإعلام العربى رغم أنها لم تكن من هواة التكنولوجيا. (وتطور الباب ليكون بعدها بثلاث سنوات برنامج «حكايات المقهى الإلكترونى» على بى بى سى). نجحت مجلتها نجاحا عرفته كل عطاءاتها فى مطبوعات «الشرق الأوسط»، وإذاعة بى بى سى، وأخيرا فى «كلام نواعم» على شاشة MBC.

كانت طاقة لا تفنى من الحنان الصافى الودود. وشيئا فشيئا صرت صديقا ثم فردا من أفراد أسرتها، ثم أصبحت جارها فى ضاحية كينجستون على أطراف لندن. ولى أن أقول إن قربى من مسكنها وزوجها الدكتور مجدى اللذين أصبحا امتدادا طبيعيا لأسرتى الصغيرة، هو ما شجعنى للانتقال هناك.

عندما أتى طفلاى إلى الحياة، كانت فوزية دائما إلى جوارنا. وبعد الولادتين، كانت تطهو طعامنا ويحمله إلينا الدكتور مجدى فى ليالى لندن الباردة فى لفتة بالغة الحنو. وصار من الطبيعى أن يناديها طفلاى «تيتة فوزية»، وأن يحصل الدكتور مجدى على لقب «جدو».

هاتفتها قبل رحيلها بأيام لا أذكر عددها، كان صوتها واهنا بعد أن قاومت ببسالة وعلى مدى شهور، مرضا لا ينجو من براثنه أكثر من اثنين فى المئة ممن يصيبهم. حاولت مقاطعتها للاستفسار عن صحتها، فيما توالت أسئلتها تستعلم عن أحوالى، وحفيديها، وأعمالى. لم أتمكن من سؤالها عن آخر تطورات المرض إلا فى نهاية المكالمة.

ظل قلبها كبيرا حتى النهاية، ولم يفقدها الألم رغبتها الصادقة فى الاطمئنان على أحبتها، وهو ما جعل رحيلها صادما لكل من مسه طرف من حنانها.

عندما تذكرت الخلاف الذى حدث بسبب مقالاتها فى بوابة أدركت أننى وقتها لم أكن محقا. كانت بالفعل نظاما متكاملا ارتبط بكل من حولها. نظاما يوزع الحب والحنان والألفة اسمه فوزية سلامة.

* مستشار إعلامى والرئيس السابق لبى بى سى العربية

email: [email protected] ©Sokkari

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية