x

نبيل أحمد حلمي قانونية معبر رفح والتحالف الإسرائيلى الحمساوى نبيل أحمد حلمي الأحد 03-08-2014 21:54


عند الحديث عن المبادرة المصرية لوقف نزيف الدم فى غزة نجد أن حماس تتحدث عن شرط استمرار فتح معبر رفح وأن يخضع لسيطرة دولية وهذا الطلب مخالف تماما لقواعد القانون الدولى لأن مصر دولة ذات سيادة كاملة.

إن ممارسه الدول لسيادتها الكاملة هى أساس استقلالها وهى مؤشر أساسى لأهليتها وتمتعها بالشخصية القانونية الدولية ومن مظاهرها المحافظة على إقليمها والسيطرة على أراضها، وخاصة فيما يتعلق بالدخول إليها والخروج منها سواء جوا أو بحرا أو برا.

ولهذا نجد أن هناك نظاما قانونيا للموانئ البحرية والجوية والبرية، ونظاما قانونيا لما يسمى «الجوازات» أى الوثائق التى تتضمن كافة البيانات على الأشخاص الداخلة أو الخارجة لإقليم الدولة.

لقد تم ترسيم الحدود المصرية الفلسطينية وفقا لاتفاق سنة 1906 عندما كانت المنطقة تحت الانتداب العثمانى وكان أطراف الاتفاق مصر والشام تحت الولاية العثمانية وكان خط الحدود يبدأ من مدينة رفح فى الشمال إلى مدينة طابا فى الجنوب بخط شبه مستقيم.

والمعابر فى القانون الدولى هى منافذ تقع على الحدود بين الدول، فهى همزة الوصل بين الدول المتلاصقة، فالمعبر منفذ بين دولتين متلاصقتين، لا يثير أى أزمات إلا فى حالة تعكير العلاقات بين الدولتين الجارتين.

يبلغ عدد المعابر على طول الجدار العازل وحول القدس ثمانية عشر معبرا، أقيمت عليها ممرات للسيارات التى تمت الموافقة الإسرائيلية عليها مسبقا، وخصصت للمشاة ممرات ضيقة يسيرون عليها عبر بوابات وأجهزة فحص إلكترونية، وتحيط بغزة سبعة معابر لا يدخلها ولا يخرج منها شىء دون المرور بأحدها، وتخضع ستة منها لسيطرة إسرائيل والمعبر الوحيد الخارج عن سيطرة الاحتلال الكاملة هو معبر رفح ولكل معبر من المعابر الستة الأولى تسميتان عربية وإسرائيلية متداولة.

ونجد أن اتفاقيات تنظيم المعابر بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية وتشمل عدة معابر رئيسية وأن المعابر بين فلسطين ومصر هما معبران:

الأول: وهو بين مصر وفلسطين وإسرائيل ويسمى معبر كرم أبوسالم (باللغة العبرية سمى كيريم شالوم) لعبور الشاحنات والنقل وغيرها وتسيطر عليه إسرائيل من الجانب الفلسطينى فى نهاية الحدود الإسرائيلية الفلسطينية من ناحية الحدود المصرية.

الثانى: هو معبر رفح وقد وقعت إسرائيل مع السلطة الفلسطينية (وهى السلطة الشرعية المنتخبة من الشعب الفلسطينى والوحيدة الممثلة للحكم الذاتى الفلسطينى) عدة اتفاقات وسميت أهمها باتفاقية المعابر سنة 2005 لتنظيم المعاملات من الجانب الفلسطينى لمعبر رفح.

ومن الناحية العملية والواقعية نجد أن مصر لم تكن فى أى وقت من الأوقات طرفا فى هذه الاتفاقيات ولكن كان هناك اتفاق مصرى إسرائيلى متعلق بأمن الحدود بين مصر وإسرائيل بعد تنفيذ اتفاقية المعابر.

ومن ثم نجد من الجوانب القانونية ما يلى:-

أولا: أن مصر لم تكن طرفا فى اتفاقية المعابر سنة 2005 بل كان هناك طرفان فقط هما إسرائيل والسلطة الفلسطينية.

ثانيا:- وفقا لقواعد القانون الدولى الإنسانى فإن المسؤول عن السيادة والأمن بالأقاليم تحت الاحتلال هى قوات الاحتلال. ومن ثم فإن مسؤولية أمن المعابر وتنظيمها من الجانب الفلسطينى والسيطرة عليها هى مسؤولية إسرائيل لأنها دولة الاحتلال وهى الوحيدة التى لها حق التعامل- من الناحية القانونية بالنسبة للأقاليم تحت الاحتلال- مع دول العالم الخارجى بما فيها دول الجوار.

ثالثا:- إن التحالف الحمساوى الإسرائيلى ضد مصر يكلف حماس بالمطالبة بتدويل معبر رفح بهدف عدم السيطرة المصرية الكاملة على المعبر لكى يخرج الفلسطينيون من معبر رفح دون موافقة السلطات الإسرائيلية ويترتب على ذلك ألا تسمح لهم إسرائيل بالعودة الى غزة مرة أخرى ويستقرون فى سيناء ومن ثم يتحقق الحلم الإسرائيلى فى توطين أهل غزة فى سيناء.

وخلاصة الأمر أن تنظيم المرور من أو إلى معبر رفح من الجانب الفلسطينى هو من الناحية القانونية مسؤولية دولة الاحتلال (إسرائيل) ولا دخل لمصر فيها، كما أن مصر هى المسؤولة قانونا عن تنظيم المرور من الجانب المصرى. ففى حالة إغلاق المعبر فالمسؤولية القانونية الكاملة من الجانب الفلسطينى على إسرائيل ومن الجانب المصرى على مصر، أما عند فتح المعابر لابد من التنسيق بين الدولتين وإلا تولدت مسؤولية دولية على الطرف المخالف.

وعلى هذا فإن هذا الموقف القانونى بالنسبة لمعبر رفح وإذا كان هناك من يريد رفع المعاناة عن قطاع غزة فهذا لن يتحقق بفتح المعبر أو غلقه، لأنه تحت السيادة المصرية الكاملة، ولكن سيتحقق بتعاون الدول العربية وغيرها بمزيد من الرعاية الاجتماعية الاقتصادية والصناعية لأهل قطاع غزة لكى يستطيعوا أن يحققوا مزيدا من التنمية والعدالة الاجتماعية والاقتصادية وليس عن طريق المعبر من خلال الدخول والخروج فى الأراضى المصرية بطرق غير قانونية.

* نائب رئيس الجمعية المصرية للقانون الدولى

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية