رأى محللون سياسيون فلسطينيون، أنّ عدم استهداف فصائل المقاومة في قطاع غزة للمدنيين الإسرائيليين، خلال الحرب الإسرائيلية المستمرة لليوم الـ«28» على التوالي، نجح في تغيير صورة «غزة» و«المقاومة» في الإعلام الغربي والدولي.
وحقق عدم الاستهداف هذا إنجازا واضحا ومتميزا للمقاومة في قطاع غزة مقارنة بالمواجهات السابقة مع إسرائيل كما يقول وليد المدلل، رئيس مركز الدراسات السياسية والتنموية في غزة (مركز بحثي غير حكومي).
ويُضيف المدلل في حديث لوكالة الأناضول، إنّ الإعلام الغربي، والدولي معروف بانحيازه إلى إسرائيل، ويغض الطرف عن كافة الجرائم التي ترتكبها بحق الفلسطينيين، ولكن في هذه المواجهة ثمة صورة مختلّفة.
وتابع: «هناك تغير ملحوظ في مواقف وسائل الإعلام الرئيسية، ونلمس لهجة من الاستنكار على استهداف إسرائيل للمدنيين في قطاع غزة، وقتل مئات الأطفال، وهذا بسبب عدم استهداف المقاومة وتحديدًا حركة حماس للمدنيين في إسرائيل، فلو تم استهداف المدنيين كما كانت تفعل المقاومة سابقًا، لاختلفت الصورة، ولما كنا أمام مشهد مغاير من التذمر، والعتب من وسائل الإعلام الغربية والدولية، وانتقادها المباشر لإسرائيل».
وأكد المدلل، أن حركة حماس وفصائل المقاومة بدأت تعي أدوات المعركة جيدًا، في ظل انفجار الأخبار والمعلومات، وانتشار مواقع التواصل الاجتماعي وفي مقدمتها «فيس بوك» و«تويتر»، واستغنت عن العمليات التفجيرية كما كانت تفعل سابقا.
واستدرك بالقول: «باتت المقاومة في غزة، تملك من الأدوات ما يجعلها قادرة على إدارة المعركة بشكل أخلاقي، وأكثر واقعية، إذ وجهت بوصلة المعركة تجاه الجنود الإسرائيليين».
وانتشرت مؤخرًا عشرات المقالات المنشورة في كبريات الصحف البريطانية والأمريكية التي تنتقد إسرائيل، وحربها على قطاع غزة.
واتهمت صحف أمريكية وبريطانية إسرائيل بأنها تقصف المدنيين الفلسطينيين وتقتل أطفالهم، ونشرت صحيفة ذي جارديان البريطانية مقالًا للكاتبة يولي نوفاك انتقدت فيه تصرفات الجيش الإسرائيلي خلال الحرب على غزة، وخاصة بما يتعلق بسلوكيات سلاح الجو، وقالت إن الطائرات الإسرائيلية تقصف المدنيين في غزة دون هوادة.
وأشارت الكاتبة التي سبق لها أن خدمت كضابط في سلاح الجو الإسرائيلي إلى أن الطيارين الحربيين الإسرائيليين لم يعودوا يتورعون وهم يصبون مئات الأطنان من القنابل والمتفجرات على رؤوس المدنيين العزّل في غزة. ونشرت صحيفة واشنطن بوست الأمريكية مقالًا للكاتب ديفيد إغنيشاس تساءل فيه عما إذا كان نتنياهو يريدها حربًا لأشهر طويلة من منزل إلى آخر على غزة.
وتشن إسرائيل حربًا على قطاع غزة منذ 7 يوليو الجاري، تسببت بمقتل أكثر من ألف فلسطيني، بينهم 300 طفل وإصابة أكثر من 9 آلاف آخرين.
ووفق مصادر طبية فلسطينية، فإن إسرائيل قتلت 70 عائلة فلسطينية، وأبادت أغلب أفرادها في القصف الإسرائيلي، إضافة لقصف المستشفيات.
وفي الحرب الإسرائيلية قتل 64 إسرائيليًا، بينهم 61 ضابطًا وعسكريًا، بحسب بيان للجيش الإسرائيلي.
ولو أنّ المقاومة في قطاع غزة، وبالتحديد حركة حماس التي تستطيع وبسهولة أن تستهدف المدنيين الإسرائيليين لما تغيرت هذه الصورة داخل المجتمع الدولي والغربي، كما يرى «هاني حبيب»، الكاتب السياسي في صحيفة الأيام الفلسطينية الصادرة من مدينة رام الله بالضفة الغربية.
ويُضيف حبيب في حديث لوكالة الأناضول: «الصورة الآن اختلفت، ومن الواضح أن المقاومة انتصرت في هذه المعركة، تختلف، سواء على صعيد المقالات المنشورة في الصحف الإسرائيلية، أو على صعيد حراك الشعوب الأوروبية والغربية التي تحمل صورًا لأطفال غزة وهم قتلى، في غرف نومهم، يحملون ألعابهم».
وأثارت المغنية الأمريكية سيلينا جوميز ضجة مع نشر صورة على موقع «انستجرام»، وكتبت «إنها مسألة إنسانية. صلوا من أجل غزة».
ويقول «عبدالستار قاسم»، الكاتب والمحلل السياسي الفلسطيني، إنّ المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة، استفادت من تجاربها السابقة سواء على الصعيد العسكري، والإعلامي.
وأضاف في حديث لوكالة الأناضول: «المقاومة وفي مقدمتها كتائب القسام، استفادت من تجارب الحروب السابقة مع إسرائيل، وتعلمت الدرس جيدًا، فهي بإمكانها أن توجه ضربات مؤلمة لإسرائيل عبر استهداف جيشها، دون الحاجة للمس بالمدنيين».
وأكد قاسم أنّ المقاومة في قطاع غزة استطاعت أن تكسب المعركة إعلاميًا لصالحها هذه المرة.
واستدرك: «ربما من المبكر الحديث عن آثار هذا التأثير في الإعلام الغربي، والدولي، لكن لهجة الاستنكار من قبل الإعلاميين، والأكاديميين، في الدول الأوروبية دليل على انتصار رسالة المقاومة».
وكان القائد العام لكتائب القسام، الجناح المسلّح لحركة «حماس»، محمد الضيف، قال مساء الثلاثاء الماضي، في تسجيل صوتي له بثته قناة الأقصى التابعة لحركة حماس، إن القسام لا تدير المعركة وفق ردود فعل غير مدروسة.
وأضاف: «نحن نقتل منه الجنود، في حين أنهم يستهدفون المدنيين».
وتحاول حركة حماس وعلى لسان قادتها في المواجهة الحالية مع إسرائيل التركيز على عدم استهدافها للمدنيين الإسرائيليين رغم قدرتها على ذلك، وأنها آثرت القتال ضد إسرائيل بشكل أخلاقي.