هل هدمنا الأخلاق لنقيم مكانها «فيلا»؟.. آلو يا أمم.. هل أصبحنا مجتمعاً عشوائياً نصفه عليه قضية والنصف الآخر عليه عفريت؟.. وأنا عديت فترة المراهقة من زمان وخلاص داخل على «طنطا» وأتذكر أن فتاة أحلامى كانت «هدى شعراوى» أو حاجة زى كده ومع ذلك عندما يأتى الصباح وتضىء الحكومة مصابيح الشوارع وتفتح البلاعات ليسقط الطلبة ويطلق الجيران فراخ المنور ويصبح ظل كل إنسان «مخبراً» أشعر بالأمن وصداع خفيف وميل نحو الجنس الآخر
وأتذكر مجموعى فى الثانوية العامة الذى كان يتجاوز التسعين بعد إضافة درجات الحرارة إليه لذلك فكرت أن أكون طبيباً يصور المرضى عرايا وجهزت البالطو والكاميرا ثم رأيت بعينى موتوسيكلاً يخطف شنطة من إحدى السيدات فامتنعت تماماً عن أكل اللحوم أو لمسها فقد كانت هذه أول مرة أرى أمامى سيدة كما ولدتها أمها بدون شنطة ومن يومها تعلمت كيف تتحول العيادة إلى استديو والطبيب إلى مخرج والمدرس إلى مدير تصوير..
وإذا كان الكبار يذبحون القطة فى أوتيلات الخارج فالصغار يصورونها فى عيادات الداخل ويقفز «البرغوث» من «ماوس» الكمبيوتر» لينشر الطاعون وقد سبق لأعضاء البرلمان أن صوروا أفلاماً لبعضهم (راجع قصة سميحة).. فى إحدى الحفلات، جلس جورج برنارد شو إلى جوار سيدة وسألها هل تقضى معه ليلة بمليون جنيه فقالت: بكل سرور، فعاد «شو» يسألها وهل تقبل بعشرة جنيهات فصرخت السيدة فى وجهه: «إنت فاكرنى إيه؟» فقال «شو» بأدب: «سيدتى نحن عرفنا حضرتك إيه نحن فقط نختلف على الثمن»..
وسوف يكون الثمن باهظاً إذا اختفت الأخلاق وبدأنا فى توزيعها بالبطاقات.. فين زمان وناس زمان.. أتذكر عندما كنت أقابل صاحب أبويا يسألنى عنه بود ثم يقول لى: (هوه ناوى يدفع اللى عليه ولا أشردكم) فكنت أرجوه أن يشردنا حتى تنتقل تبعية الأسرة إلى إذاعة خارجية من التربية والتعليم إلى الأسرة والسكان لأنها أوسع.. ثم أخطف منه الكاميرا وأجرى لأبيعها لأحد الأطباء.