x

محمود حربي العراق من احتلال الكويت لجرائم «داعش» محمود حربي السبت 02-08-2014 16:20


في 2 أغسطس 1990، استيقظ العرب على كارثة غير مسبوقة في تاريخهم الحديث وهي احتلال الجيش العراقي بقيادة صدام حسين للكويت الجارة العربية الصغيرة المسالمة.

وبمرور 24 عامًا على ما حدث لابد من التذكير ببعض الحقائق، ربما نستفيد منها في الوضع العربي الذي يعيش في أسوأ حالاته هذه الأيام بعد أن تمزّقت الدول وتفتتت وسادت الميليشيات وعمليات التصفيات العِرقية والقتل على الهوية.

لقد كان الاحتلال العراقي للكويت أول حادث اجتياح لدولة عربية تحت دعاوى زائفة، إما النفط أو الدعاوى التاريخية، وأحدث ذلك صدمة كبيرة للكثير من العرب والأحرار في العالم، فقد كانت الكويت تمثل نموذجًا متقدمًا في المنطقة، ديمقراطية رائدة وسياسة عربية ذات أبعاد قومية واحتضان واضح للقضية الفلسطينية، ودور ثقافي متميز امتدت ظلاله للفضاء الثقافي العربي ومؤسسات وأفراد، ودور مؤسسي في التنمية العربية والأفريقية بشكل عام، ولعلي أتذكر هنا ما قاله الكاتب الكبير محمد حسنين هيكل (الكويت بقعة استنارة في رأس الخليج).

ورغم التحركات الدولية من خلال الغطاء العربي الذي أنهى العدوان في فبراير 1991 إلا أن آثار العدوان تركت في الكويت جراحًا وآلامًا شديدة من قوافل الشهداء والاعتداء على النساء والأطفال والشيوخ وتدمير النفط، وهو الثروة التي كانت الكويت تساهم بجزء منها في التنمية العربية, وأحدث الاحتلال انقسامًا خطيرًا في الجسد العربي المنهك وشللًا كبيرًا في مؤسسات العمل العربي, وتسبّب العدوان في تواجد عسكري أجنبي غير مسبوق، واستنزف الموارد العربية.

والكل يعرف تداعيات الأحداث التي وصلت إلى سقوط صدام واحتلال العراق والكارثة الكبرى التي جعلت بريمر الحاكم الأمريكي يقوم بتسريح الجيش العراقي، لتبدأ أهم الكوارث في تاريخ العراق والمنطقة, ولا أتصور أن ذلك ينفصل عن تطمينات السفيرة الأمريكية في العراق جلاسبي لصدام حسين بعدم التدخل الأمريكي في الخلافات بين الدول، للأسف فقد فشلت أمريكا في العراق فشلًا ذريعًا وسلّمت العراق العربي لإيران مرة ولـ«داعش» مرة أخرى، وأنهكت الجسد العربي لصالح اسرائيل ودول الجوار.

وأوجدت الإدارة الأمريكية صيغة طائفية فتحت الأبواب لتفتيت العراق، على خلفية الصراع السُّني الشيعي الكردي الذي تغذيه أطراف خارجية واضحة المعالم, ويعرف الجميع أن العراق بها احتياطي نفط يصل إلى 12% من الاحتياطي العالمي بعمر يصل إلى 145 عامًا تقريبًا، مقارنة بالمتوسط العالمي الذي يصل إلى 50 عامًا تقريبًا.

والواضح أن أحدث محاولات تدمير وحدة العراق هو دخول «داعش» هذا التنظيم الذي ثار حوله الكثير من الشائعات ويقوم بأعمال تُوقع الضرر بالعراق والمدنيين وصورة الإسلام دين الوسطية، لقد دمر «داعش» بأعماله كل جهود علماء المسلمين ومنظماتهم وهيئاتهم التي تسعى لإبراز الوجه الحقيقي للإسلام الوسطي.

ويستخدم «داعش» أساليب عسكرية محترفة تؤكد وجود قيادات عسكرية من الجيش العراقي الذي قام بريمر بتفكيكه، والهدف القادم هو بغداد وما يمكن أن يغيّر ذلك من الأوضاع في المنطقة إذا سقطت عاصمة الرشيد, مثلما حدث في الموصل وخطاياها في تهجير المسيحيين وهدم الأضرحة. ويبقى السؤال: هل هذه نهاية المطاف، أم مازال في جراب الحاوي الأمريكي ثعابين أخرى تنهش في الجسد العربي المريض؟.

[email protected]

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية