مصر اليوم تحتاج لجهد كل فرد، كل شركة. الاقتصاد فى عثرة. أرى جهوداً حكومية لجذب استثمارات جديدة، من داخل مصر وخارجها. ماذا عن الشركات المصرية الرائدة القائمة بالفعل؟. يجب أن تكون جديرة بنفس مستوى الاهتمام. الأكثر مطلوب. شركات مصرية، عمالها مصريون. اجتازت الكثير بسبب تباطؤ الاقتصاد فى الأعوام الثلاثة الماضية.
أكثر ما يجذب المستثمر الأجنبى هو أداء الشركات المصرية وتعامل الدولة معها. لا يتوقع امتيازات تفوق امتيازات المستثمر الوطنى. هكذا الحال فى بلاد الخليج. فى مصر الآية معكوسة. المصريون يطلبون معاملة الأجانب. هيئة الاستثمار عندما بدأت كان اسمها هيئة استثمار المال العربى والأجنبى. لم يكن للمصريين ذكر.
أضرب مثلاً بشركة «حديد عز». بالفعل أقصد هذه الشركة رغم كل ما سوف يقال. ليس حباً فى رجل الأعمال الذى بناها. أعتقد هو نفسه يعرف أن نشاطه السياسى خلق له من العداوات أكثر مما أكسبه من صداقات. «حديد عز» وفقاً للأرقام المجردة أكبر قلعة صناعية «مصرية»، مملوكة لـ«مصريين»، تعمل على أرض «مصر»، أكثرها تربيحاً للحكومة المصرية. يقول المتابعون إن الشركة هى الأكبر فى مجالها. لافت هذا بعد ما تعرض له عز وشركاته فى العامين الماضيين.
لن أتجاهل الحقائق خشية النقد. لا ناقة لى ولا جمل. الشركة أكبر مصدر من ٢٠٠٠ إلى ٢٠١٠. سددت ضرائب للحكومة من 2000 حتى 2010 بما يتجاوز 5 مليارات جنيه. فى عام 2008 كانت أكبر دافع ضرائب فى مصر. الخزانة العامة تحتاج الآن هذه الضرائب. توظف أكثر من سبعة آلاف عامل مصرى. «عز- الدخيلة» وزعت أرباحاً قدرها 4.5 مليار جنيه فى نفس الفترة. المستفيدون الأساسيون من الأرباح هيئات عامة تشارك فى الشركة. اعتمد على أرقام دقيقة من خبراء موثوق فيهم.
كثيرون يقولون إن عز استحوذ على «الدخيلة» بطرق غير سليمة. من يقول هذا يريد أن يقول إن ما حققه مبنىّ على باطل. هناك كثيرون أيضا يقولون كلاماً مناقضاً لهذا. بعضهم لا يحب أحمد عز. سمعت من يقول من خصوم عز أن صفقته تلك شرعية. اكتتب بـ٢٠٪ من الأسهم تحت رقابة رسمية. الجهاز المركزى للمحاسبات. كل الشركات العامة والخاصة والأجنبية لم تكتتب. اشترى الأسهم بأعلى من سعر التداول فى البورصة. دفع قيمه كل سهم اشتراه. لم يكن وقتها عضواً فى مجلس الشعب. لم يكن قيادة فى الحزب الوطنى. كان هذا فى ١٩٩٩.
قال لى خصومه- معروفون- دفع ثمن مواقفه السياسية. لكن تصرفاته سليمة بالقانون. اشترى حصص الأجانب. مساهمون أوروبيون ويابانيون والبنك الدولى. الشركة أصبحت مصرية ١٠٠٪. تمصرت. لم يشتر حصة من المال العام. كل جنيه تكسبه الشركه يكسب منه المال العام ٤٠ قرشا. الخزانة العامة تحصل على ٢٠٪ ضرائب دخل. استثماراته فى مصر. لم يودع أمواله فى جزر الكاريبى. لماذا يكون مستثمرا مصريا بهذا الوضع بدون مساندة. لماذا تذهب الفرص والدعم إلى شركات أجنبية؟
أحمد عز بين يدى القضاء المصرى. لا أدافع عنه. أدافع عن شركة مصرية عملاقة، لابد أن تستمر وتنمو. حتى لو اختلف مع من بناها الكثيرون سياسياً. ظلت قائمة وعاملة بقوة بعد ٢٥ يناير. استمرت فى تحقيق أكبر حجم أعمال لشركة صناعية مصرية. وزعت أرباحا نقدية على مساهمى المال العام منذ ثلاثة أسابيع فقط.
قلاع مصرية لا تحتاج دعماً مادياً. أضرب مثلاً بهذه الشركة. شركات مصرية يجب ألا تواجه حرباً مصرية. أصبحت لاعباً إقليمياً. يجب ألا تظل محل اتهام. هل نقتل بأيدينا نماذجنا الصناعية الوطنية؟ الاتصالات والأسمنت أصبحت أغلبها فى أيدى غير المصريين. لا أرفض ذلك، بل أؤيد جذب الاستثمارات الأجنبية. أطرح على الجميع وجوب دعم الاستثمارات المصرية فى مصر، بغض النظر عن أصحابها، بغض النظر عن أحمد عز!