x

المتحف الكبير.. 12 سنة «محلك سرّ»

الخميس 24-07-2014 17:45 | كتب: محمد طارق |
أعمال الإنشاءات مستمرة ووعد حكومى جديد بافتتاحه فى 2015 أعمال الإنشاءات مستمرة ووعد حكومى جديد بافتتاحه فى 2015 تصوير : بسمة فتحى

في عام 2006 كان التليفزيون المصري ينقل في إذاعة مباشرة على الهواء مئات الآلاف من المواطنين المطلون من شرفاتهم في شوارع تم تحديد مساراتها مسبقاً، وسط حراسة أمنية مشددة، خلال مراسم نقل تمثال رمسيس الثاني، أحد ملوك مصر الفرعونية، من موقعه بوسط المدينة إلى موقعه الجديد في المتحف المصري الكبير في أول طريق القاهرة- الإسكندرية الصحراوى.

انتقل التمثال الذي يبلغ وزنه حوالي 80 طنا في رحلة داخل صندوق حديدي مرفوع على شاحنتين، قطع خلالها مسافة ‏30‏ كيلو متراً وسط وداع وصفافير من المواطنين للتمثال الحجري، الذي كان من المفترض أن يغادر المدينة ويصل لمكانه الجديد ليمثل تدشينا لبدء العمل بالمتحف المصري الجديد، والذي قررت الحكومة إنشاءه في عام 2002، بعدما وضع الرئيس المخلوع محمد حسني مبارك حجر أساسه، على أن يتم الإنتهاء منه وافتتاحه في مارس عام ٢٠١١، وذلك بحسب هيئة التعاون الدولي اليابانية «جايكا»، الممولة للمشروع.

وبحسب الموقع الإلكتروني لـ «جايكا» فإن اليابان وضعت خطة للإسهام في إنشاء المبنى الرئيسى بالمتحف بقرض ميسر يعادل نحو 300 مليون دولار، بموجب اتفاقية أبرمت في مايو٢٠٠٦، بناءً على طلب من الحكومة المصرية بخصوص إنشاء المتحف في إجتماع عقد بين الطرفين قبل عقد الاتفاقية بثلاث سنوات. ويوضح الموقع أن مدة التعاون بين هيئة التعاون الدولي اليابانية، الجهة الممولة، والحكومة المصرية من يوليو ٢٠٠٨ حتى مارس ٢٠١٠، على أن يتم الإنتهاء من المشروع في مارس عام ٢٠١١، وهو ما لم يتحقق حتى الآن.

على الخرائط؛ تبلغ مساحة المتحف 117 فداناً، يطل بموقعه على أهرامات الجيزة وتغطي واجهة المتحف الجديد الألبستر، وهي مادة حجرية استخدمها المصريون القدماء في بناء المعابد والتماثيل والتحف. وكان يتوقع أن يصل عدد زوار المتحف المصري الكبير عقب افتتاحه إلى 5 ملايين سائح سنوياً، بمعدل 15 ألف زائر يوميا.

في عام 2009 نشرت الهيئة العامة للاستعلامات على موقعها الإلكتروني معلومات بشأن المشروع، أوضحت خلالها المباني الملحقة بالمتحف وهي مركز لترميم الآثار، يستقبل الآثار التي ستعرض بالمتحف لإجراء أعمال الصيانة والترميم اللازمة وإعدادها بحيث تكون جاهزة للعرض فور الانتهاء من مبنى المتحف، ومحطة للطاقة الكهربائية، ومحطة أطفاء للحريق.

وأضاف موقع الهيئة أنه سيتم ربط مشروع المتحف مع هضبة الأهرامات بممر طوله 2 كيلومتر، وتخصيص شبكة مواصلات داخلية وعربات كهربائية لنقل الضيوف بين المتحف والمتنزهات والحدائق المحيطة به عبر المنطقة الترويحية التي ستبنى على مساحة 25 فدان، وتتضمن أماكن الترفيه والخدمات والحدائق العامة المختلفة والمرافق.

خلال تلك الفترة كان فاروق حسني، وزير الثقافة آنذاك يقدم وعوداً بانتهاء العمل وتجهيزه للافتتاح الرسمي في فترة أقصاها منتصف‏ عام 2012‏. خالفت الحكومة الموعد المحدد من جانب الهيئة الممولة، كما خالفت موعد الانتهاء التي وضعته بنفسها في بداية المشروع، فحتى أمس لم تكتمل مراحل وضع الأساس بالموقع الذي تتجول فيه عشرات اللوارد والأوناش، كما لم يتم تمهيد الطرق المؤدية له حتى الآن.

ينقسم المتحف إلى ثلاث مداخل، الأول والثاني لأعمال المبني الرئيسي، والثالث لمشروع المراكز الملحقة التي اكتمل انشائها بعكس الجزء الأهم في المشروع، وهو جسد المتحف. يستبعد مصدر، فضل عدم ذكر اسمه، أن يكتمل المشروع في 2015، وهو الموعد الجديد الذي حددته الحكومة عقب الثورة، يقول: «هل فيه منتج طلع عشان أقول إن عندي متحف. الواقع يقول أننا ليس لدينا أي بوادر أمل في اكتمال المشروع قبل 3 سنوات على الأقل».

وهو ما يتفق مع تصريح للدكتور زاهي حواس، وزير الآثار الأسبق، حين أعلن في نهاية 2013 أن إعلان وزارة الدولة لشؤون الآثار عن موعد الانتهاء من مشروع المتحف المصري الكبير في 2015 «مجرد كلام» لن تستطيع الوزارة تنفيذه، نظرًا لأن ذلك يحتاج إلى ميزانية ضخمة، واعتمادات غير موجودة.

يروي المصدر أن المرحلة الأولى التي تم تسوية الأرض فيها احتاجت 5 ملايين جنيه من ميزانية القرض، أما مباني مركز الترميم والطاقة ومبنى الإطفاء فاستهلكت 250 مليون جنيه، وهو الجانب الذي كانت الحكومة المصرية ملتزمة بدفعه وتحمل تكاليفه مقابل الحصول على القرض.

يوضح المصدر أن التأخير له عدة أسباب أهمها «دلع القيادات»، على حد وصفه، وتفضيل المنافع الشخصية عن المنافع العامة، بالإضافة إلى قلة دخل السياحة بعد الثورة، وهو أمر خارج عن إرادة الوزارة. وهو ما أثبته قرار الدكتور ممدوح الدماطي، وزير الآثار، بوقف انتداب المشرف العام على المشروع، وتكليف المدير التنفيذى للمشروع بتسيير الأعمال لحين تعيين مشرف عام جديد، بسبب زيارة مفاجئة للدماطي للمتحف لم يجد فيها موظفي المعامل ومراكز الأبحاث بالمتحف، وذلك في يوليو 2014. وبعد اكتمال المرحلة الأولي من المشروع أبرمت الحكومة المصرية ثلاثة عقود مع ثلاث شركات، الأول لتصميم المشروع والثانية لتنفيذه والثالثة لإدارته والإشراف على مراحل التنفيذ. شركة التصميم المعماري تدعى «هينيغان / بنغ»، بعقد مدته 46 شهراً يبدأ من مايو 2011 حتى فبراير 2015، ويبلغ قيمة العقد المبرم بين الحكومة وشركة التصميم 4 مليون و71 ألف دولار. وقتها كانت الوحدة الواحدة من الدولار تساوي 5.96 من قيمة وحدة واحدة بالجنية المصري. كما أبرمت الحكومة المصرية مع شركة «هيل – إيهاف»، شركة إدارة المشروع والإشراف على التنفيذ عقداً مدته 50 شهراً، يبدأ في إبريل 2010 وينتهي في مايو 2014، وتتولي الشركة بموجبه إدارة المشروع والإشراف على التنفيذ الذي تتولاه شركة المقاولات. وبلغت قيمة التعاقد بالجنيه المصري 77 مليارا و838 مليون و452 ألف جنية مصري على أن يتم السداد بالين الياباني. ويضم المبلغ المدفوع أتعاب الاستشاريين الاجانب فئة «أ»، على أن يمول الجانب المصري أتعاب الاستشاريين الأجانب فئة «ب»، بالإضافة إلى مصاريف الانتقالات داخل وخارج مصر.

وأبرمت الحكومة المصرية عقداً مع شركة «أوراسكوم» ومجموعة «بيسكس» البلجيكية، كمقاول رئيسي، يتولى أعمال تنفيذ المرحلة الثالثة للمشروع، وبلغت قيمة التعاقد 810 مليون دولار وفق بند التخصيص المنشور على الموقع الإلكتروني للمتحف، وهي قيمة مدفوعات أعمال مباني المتحف الرئيسية. كما نص العقد الذي تم توقيعه في يناير 2012 على تحديد مدة 40 شهراً، تبدأ من فبراير 2012 وتنتهى في يوليو 2015، وكان سعر وحدة الدولار وقت توقيع العقد 5.96 مقارنة بوحدة واحدة من الجنيه المصري.

يوضح مصدر من العاملين بالوزارة، والذي رفض ذكر اسمه، ما أسماه «خللاً واضحاً في شروط التعاقد تتجلى في عقد الشركة المتولية إدارة المشروع والتي سينتهي عقدها قبل عقد الشركة المنفذة للمشروع»، يضيف المصدر: «إذا كانت أوراسكوم وهي الشركة المقاول والمسؤولة عن تنفيذ المشروع سينتهي عقدها في 2015 كيف ينتهي عقد شركة «هيل – إيهاف»، شركة إدارة المشروع والإشراف على التنفيذ في إبريل 2014». يوضح المصدر ضرورة تمديد العقد 2015 المبرم بين الحكومة وشركة «هيل – إيهاف» لمدة سنة على الأقل بعد تنفيذ المشروع وتسليمه وذلك لمتابعة مدى تطابقه مع شروط العقد المبرم.

في وقت سابق أعلن الدكتور محمد إبراهيم، وزير الآثار، في مؤتمر صحفي عقد بمقر المشروع، إن اتفاقاً تم بين وزارة الآثار والجانب الياباني على بدء تمويل تلك المرحلة من المشروع من القرض الياباني المقدم من مؤسسة «الجايكا» في الفترة الحالية حتى تعود الموارد المالية من جديد من عائدات السياحة لخزانة الآثار.

لكن الجانب اليابانى لم يوافق على القرض، لأن الغرض من القرض الأول لم يتحقق، وهو ما استدعي توقع وزير الآثار، والسياحة، على مذكرة تفاهم للإعلان عن حملة لجمع التبرعات لصالح إتمام مشروع المتحف المصري الكبير، عن طريق إضافة دولار واحد أو ما يعادله بالجنيه على كل ليلة فندقية يقضيها السائح في مصر.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية