تسير «جبهة النصرة» في سوريا على خطى «داعش»، من خلال العمل على توسيع رقعة المناطق الخاضعة لسيطرتها بتحقيق المزيد من المكاسب على الأرض وإحكام السيطرة على بلدات وقرى سوريا لا سيما في شمال البلاد، وذلك بعد أن أعلن «داعش» «دولة الخلافة» في المناطق التي يسيطر عليها في العراق وسوريا ولا يزال يوسع مناطق نفوذه ويفرض سيطرته وقوانينه الخاصة على المناطق الخاضعة لهيمنته.
برز خلال الأيام الماضية شرخ جديد داخل المعارضة السورية المسلحة، من خلال مواجهات عنيفة وقعت في مناطق مختلفة من سوريا بين «جبهة النصرة»، المحسوبة على تنظيم «القاعدة»، من جهة، وحلفاء لها من الكتائب المقاتلة المعارضة تسببت بسقوط عشرات القتلى.
وتضيف هذه المعارك المستجدة تعقيدات جديدة على النزاع السوري الذي يشهد جبهتين أساسيتين أخريين، إحداها بين القوات النظامية، وفصائل المعارضة ومنها «النصرة»، بدأت مطلع 2012، وأخرى بين فصائل المعارضة ومنها «النصرة»، وتنظيم «داعش»، بدأت في مطلع 2014.
إلا أن «جبهة النصرة» المرتبطة حتى الآن بتنظيم «القاعدة» على عكس «داعش» التي انشقت عن التنظيم الأم تركز في عملياتها العسكرية على المناطق الشمالية الحدودية مع تركيا لا سيما في إدلب وحلب إضافة إلى منطقة الساحل وبعض المناطق المحدودة جنوبا في درعا على الحدود الجنوبية مع الأردن.
وسيطر مقاتلو «جبهة النصرة» الأربعاء، على مخازن أسلحة وذخيرة تابعة لـ«جبهة ثوار سوريا» أحد أكبر الفصائل المقاتلة في الجيش الحر في الشمال السوري ،وذلك بعد معارك ضارية في بلدة سلفين ودركوش بريف إدلب.
وتتركز الإنجازات الأكبر لجبهة النصرة على طول الحدود مع تركيا حيث تمت السيطرة على أجزاء من مدينة حارم الحدودية مع تركيا، وإزاء تلك التطورات تم استنفار القوات التركية على الحدود مع سوريا وحلقت مروحيات مراقبة جوية في المناطق التي تشهد معارك بين الفصائل المسلحة العاملة على الأرض في سوريا.
ولتحقيق تلك الإنجازات بهدف توسيع نطاق سيطرتها تخوض «جبهة النصرة» قتالا مع مختلف الفصائل والقوى المسلحة التي أصبحت تتقاتل فيما بينها وليس مع النظام الذي وصلت نسبة قتاله مع «داعش» 15% فقط مقارنة مع أكثر من 50% من المعارك يخوضها «داعش» مع الجيش الحر، بحسب مصادر تركية كشفت عن مخطط توزيع المعارك الجارية على الساحة السورية.
وكانت «جبهة النصرة» قامت بحملة مماثلة على كتائب «قبضة الشمال» في مدينة مارع في ريف حلب الشمالي على الحدود السورية التركية، الأسبوع الماضي، وتمكنت من السيطرة على معبر «أكدة» في المنطقة.
وذكر مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان، رامي عبد الرحمن، الخميس، أن «الاشتباكات بين (النصرة) وكتائب مقاتلة بدأت منذ بداية يوليو تقريبا، وأن أكثرها خطورة هي المعركة التي وقعت في نهاية الأسبوع الماضي، في منطقة جسر الشغور في ريف إدلب، شمال غرب سوريا، بين (النصرة) ومقاتلين من (جبهة ثوار سوريا) تسببت بمقتل عشرات المقاتلين من الطرفين»
وأشار إلى أن «اغتيالات متبادلة» سبقت هذه الاشتباكات وطالت قادة كتائب مقاتلة ومسؤولين في (جبهة النصرة)، وتم التكتم عليها، حرصا على إبقاء الصف موحدا في مواجهة القوات النظامية.
وأقرت «جبهة ثوار سوريا» و«جبهة النصرة» على صفحاتهما على مواقع التواصل الاجتماعي بهذه المواجهات، مع تبادل الاتهامات.
وأعلنت «جبهة النصرة» قبل أيام أنها أطلقت معركة «ردع المفسدين»، وقالت في بيان، إنها ستسعى إلى «إراحة البلاد والعباد من هؤلاء المفسدين، من أي فصيل كان، ورفع أذاهم عن المسلمين».
وتستغل «جبهة النصرة» التجاوزات التي يقوم بها بعض عناصر الكتائب المعارضة المقاتلة من نهب وسرقة وخطف وطلب فديات، لتقديم نفسها كنموذج مختلف، ما يعزز شعبيتها بين الناس.
وردت «جبهة ثوار سوريا» على بيان «النصرة» باتهامها بمحاولة إعاقة تقدم مقاتلي المعارضة على الجبهات مع النظام. وقالت إن زعيم «جبهة النصرة»، أبو محمد الجولاني، يسعى إلى «تشكيل إمارته على الحدود السورية التركية شمال إدلب».
وجاء في بيان «جبهة ثوار سوريا» أن «جبهة النصرة» عمدت من أجل ذلك إلى مهاجمة «مناطق محررة» تابعة لـ«جبهة ثوار سوريا»، وتمكنت «النصرة»، بحسب المرصد، خلال هذه المعارك من السيطرة على قرى عدة في ريف إدلب.
وامتد التوتر إلى ريف درعا جنوبا، حيث حصلت مواجهات محدودة بين «النصرة» من جهة وكتيبتي «المثنى» و«شهدا الكحيل» من جهة أخرى.
وأفاد «المرصد السوري»، بإقدام «جبهة النصرة» على مداهمة مقرين للواء جند الحرمين الذي ينشط على الحدود السورية مع الجولان المحتل في درعا والقنيطرة، وقتل عدد من عناصر اللواء واعتقال قائده اللواء شريف الصفوري، وقائد كتيبة فيه.