x

حسم موقفه فى حوار مطول لـ«المصري اليوم»: عمرو موسى: الطريق إلى الرئاسة «مغلق»

الأربعاء 23-12-2009 13:02 | كتب: مجدي الجلاد |
تصوير : other

تردد اسمه على نطاق واسع خلال المرحلة الأخيرة كبارقة أمل فى بناء المستقبل

واليوم اختار «المصرى اليوم» ليرد من خلالها على آراء من يثقون فيه ويتطلعون إلى تحرك منه، واختارته «المصرى اليوم» لتمنح قراءها فرصة التعمق فى رؤية سياسى مصرى فذ، بنى شعبيته ووهجه من رحم نظام يحمل له كل تقدير، لذلك تبدو رؤيته أقرب إلى موضوعية واضحة، فهو لا يرفع خطاباً مناوئاً أو معارضاً لنظام كان جزءاً منه، وإنما يتصرف بأريحية مواطن مصرى مهتم بمستقبل بلاده، يحترم ما مضى من تاريخها، خاصة العقود الثلاثة الأخيرة، ويتطلع إلى مستقبل واعد، يحاول أن يشارك فى بنائه، ويدعو الجميع للمشاركة.

فى ٤ ساعات كاملة، يحسم عمرو موسى موقفه من الرئاسة، ويطرح ــ كمواطن مصرى ــ رؤيته للمستقبل، ثم كمسؤول عربى بارز، وأمين عام لجامعة العرب، يجيب عن أسئلة للشارع العربى، لن يجد لها إجابات إلا عنده.

يتحدث ــ كما يشدد ــ من منطلق حرصه على مستقبل وطنه، وليس من مصلحة شخصية، يدعو لحوار مفتوح لا يستثنى أحداً، ويجمع كل القوى والأطراف، ويتمنى لو يضم الـ٨٠ مليون مصرى لصياغة آليات خلق دولة جديدة تتسم بالحداثة والمدنية، ولديها الإمكانية لتنمية قدراتها، وإفراز كوادرها واحتلال مكانتها التى تليق بها، وتتناسب مع تاريخها وقدرها الكبير.


■ الشارع - العربى والمصرى - يتحدث عن دورك فى المرحلة القادمة، مستقبل النظام السياسى فى مصر، وأنت ملف مهم فيه، وبحكم مكانتك فى الشارع المصرى التى تحظى باحترام كبير، طُرحت على نطاق واسع أمام الرأى العام كمرشح للرئاسة، وقد صرحت بأن الرسالة وصلت.. ولكن لا توجد رسالة دون رد، فكيف ترى الأمر الآن؟

- أنت الآن تسألنى كمواطن مصرى، من الطبيعى أن يكون منشغلاً بأوضاع المجتمع المصرى وبمستقبل مصر، وبالهموم المصرية، وهذا فرض عين وليس فرض كفاية، ودائماً أقول من حقنا أن نكون مهمومين، وأن تكون مهموماً لا يعنى بالضرورة أنك ترسل إشارات عكسية فيها نوع من اللوم.

نعم المجتمع المصرى فى حالة اضطراب كبير، وهذا يتأتى من تحليل الحالة العامة للمجتمع، من متابعة مشاكله اليومية ومن خطوط التفكير العام بالنسبة للحاضر والمستقبل، فإذا تحدثنا عن المستقبل، فلنعط أمثلة قليلة أولها التعليم فى مصر، الذى لم ينصلح حاله، ومن ثم يُخرج لنا سلعة غير مطلوبة لا وطنياً ولا إقليمياً ولا عالمياً، إذن نحن نضع المجتمع المصرى فى موقف حرج للغاية، فهو ينتج سلعة لن تفيده هو ولا يحتاجها الآخر، يجب أن نبحث فى قضية التعليم وأن نركز على الكيف والقيمة واحتياجات العصر المحلية والإقليمية وكذلك العالمية.

يجب أن نعيد دراسة ما هى طرق التعليم الحديثة، وما هو الكتاب الذى يجب أن يقرأه الطالب، والأجهزة التى يتدرب عليها، واللغة الأجنبية التى يجدر أن يجيدها، نحن لا نستطيع الآن أن ننافس إلا بمن حصلوا على فرصة ربما تكون استثنائية أو لظروف خاصة وأصبحوا متميزين وقادرين على المنافسة، إنما هذا عدد قليل ولا يمثل الـ ٨٠ مليون مواطن الذين يجب أن تتاح لهم ولأبنائهم فرصة التميز، إذن المجتمع إذا استمر حال التعليم على ما هو عليه أو تعرض فقط لعملية إصلاح شكلى وسد فجوات أو خانات فسوف يكون مهدداً فى مستقبله،

وهو موضوع يجب أن نظل نثيره ونناقشه فهو هم من الهموم الرئيسية لمجتمعنا، ويتصل بذلك ما يتعلق بالبحث العلمى الذى تراجع نشاطه وإسهامه فى رفاهة المجتمع، وكذلك مستوى الجامعات التى خرجت عن قائمة الجامعات ذات القيمة، وكم كنت أتمنى أن نستفيد من زخم وعلم العالم العظيم أحمد زويل، وكذلك الدكتور مصطفى السيد ومن هم فى مثل علمهما وإنجازهما من المصريين.

■ وماذا عن الجوانب الأخرى غير التعليم؟

- الجانب الثانى هو الرعاية الصحية التى تحتاج هى الأخرى إلى إعادة نظر، هناك أطباء كثيرون يتخرجون فى جامعاتنا كل عام، لذا يجب أن يكون فى كل قرية مستوصف، وكل مجموعة قرى مستشفى، وهكذا صعوداً إلى مستوى المحافظة التى يجب أن تمثل صروحاً كبيرة وجاهزة لمختلف الاحتياجات، تلك الصروح كانت موجودة، وقد يكون بعضها لا يزال موجوداً، ولكن ماذا عن المستوى....

عندما كنت طالباً فى «طنطا الثانوية» كان هناك مستشفى «أميرى» كبير ومعروف وبه أو يزوره أطباء كبار، أنا أتحدث عن علاج غير القادرين، يجب أن تمكنهم الدولة من العلاج الجيد فى مناطقهم ومتناول إمكاناتهم، أستطيع أن أقول إننا لسنا فى درجة الصفر فهناك جهود كبيرة بُذلت وتبذل، ولكن هل التطور يساير تطور الزمن وعدد السكان... أنا سألت وزير الصحة منذ فترة عن المستوصفات، قال لى فعلاً هناك مستوصفات فى القرى، إنما السؤال هنا هو عن مدى إمكانياتها وقدراتها، هذا بالإضافة إلى المشاكل الأساسية الأخرى مثل التزايد السكانى العشوائى وعلاقة عناصر المجتمع ببعضها... إلى آخره.

ودعنى أسألك: هل ذهبت للريف مؤخراً، أنا عدت إلى الريف منذ أسابيع لحضور مناسبات عائلية فى الدقهلية ودمياط والغربية والقليوبية، فوجئت بالتدهور فى القرية، القرى كانت مكاناً جميلاً به مدارسه ومجتمعه ويتطور بشكل طبيعى وبدأنا كمجتمع نطوره ونعمل فيه نوادى رياضية وثقافية، اليوم نجد القرى تكدست دون تخطيط، وماتعرفش فين بدايتها وفين نهايتها.

موضوع القرى والمدن ده شىء مهم جداً فى البلد، وبالمناسبة لو أمعنت النظر فى ميدان التحرير، فسوف ترى أنه من أقبح ميادين مصر، به أقبح خرابة، تصور جراج يُبنى لسنوات طويلة تكاد لا تنتهى، وفجأة يتحول إلى خرابة، ثم تقوم بعمل هندسة الميدان بالرخيص وهو ميدان رئيسى، ده المفروض أجيب له أفضل مهندسى العالم، فهو قلب المدينة، الدولة يجب أن تكون لديها سياسة داخلية وخارجية وسياسة تتعلق بالعاصمة وتمتد خلفها المدن الرئيسية فالفرعية فالقرى، ولكن من غير المعقول أن تتراجع العاصمة والمدن الرئيسية من حيث النظافة والهندسة والمرور والتنسيق الحضارى.

هذه أمثلة قليلة لمشاكل تنتج مشاعر سلبية نشعر بها كمصريين، وتسبب الضيق والتوتر، بالإضافة إلى غياب النقلات النوعية لكل عدد محدد من السنين، ونحن جميعاً مسؤولون عن هذا البلد سواء الذين فى موقع المسؤولية أو المواطنون العاديون.

وعلينا أن نجيب عن سؤال: كيف ستكون مصر بعد ١٠ أو ١٥ عاماً؟ فما بالك بمصر فى عام ٢٠٥٠ بل ٢١٠٠، المشكلة أن بعض السمات أصبحت موجودة فى المجتمع أبرزها نظرية «أنت تتكلم إذن أنت أنجزت»، وأرى أن هناك ضيقاً مبرراً لأننا نخشى على مستقبل مصر، والأجيال القادمة ستكون فى موقف أسوأ مما نحن عليه إذا لم نعالج المشاكل الرئيسية للمجتمع معالجة جادة وعلمية وبنظرة موضوعية مستقبلية.

■ حالة الضيق عامة.. لكن ما الأسباب الرئيسية وراء تلك المشاكل سواء فى التعليم أو الصحة أو فى أحوال القرى والعاصمة؟

- ما دامت الحكومة لا تخضع للمساءلة البرلمانية الكاملة، فإن الحكومة تستطيع أن تفعل أو لا تفعل، ولن ينصلح هذا إلا بالمشاركة، والمشاركة لن تتحقق إلا بالديمقراطية، هناك شيئان رئيسيان فى حياة الأمم هما المواطن والقانون، إذا كان المواطن العادى ليس فى العير ولا فى النفير بسبب عجزه وفقره وقلة حيلته إذن لن يخشاه أحد، وإذا كان القانون به دهاليز ومنافذ فلن يخشاه أحد أيضاً، المجتمع فى حالة اضطراب بسبب هذا.

■ من وجهة نظرك.. ما هى آليات التطور الديمقراطى الذى يجب أن تكون عليه مصر الآن؟

- الدستور أولها، الدستور يجب أن يكون تعبيراً عن ضمير الأمة وتوجهها وطبيعة تكوينها ورؤيتها لمستقبلها.

■ ما الذى يجب علينا أن نفعله فى الدستور؟

- هذا سؤال جيد بالذات لأنك قلت نفعل، واستخدمت لفظ «نحن»، والقرن الواحد والعشرون يحتاج بالطبع إلى مجموعة جديدة أو حديثة من الضوابط يحددها الدستور، ولكن ليس من الطبيعى ولا من الممكن أن نعدّل الدستور كل سنة أو اثنتين.. يجب أن نعد لذلك جميعاً إعداداً جيداً بعمل وطنى وليس حزبياً، وأن يدلى رجال القانون الدستورى فى جامعات مصر وفى ردهات قضائها بآرائهم فى حركة تحديث وطنى كبرى للقانون الأساسى لمصر ويمكن الحديث فى تفصيلات ذلك لاحقاً.. وهذا متطلب حيوى لعملية النهضة ولا علاقة له بعملية الانتخابات كما أنه ليس شرطاً وإنما نقطة أساسية فى التطور.

أما الحديث عن تعديل الدستور حالياً فهذا يجب أن يتم فى إطار نقاش وطنى عام تسمع فيه آراء الناس بمختلف اتجاهاتها ثم تقوم بصياغته هيئة منتخبة مع ضم خبراء وأساتذة القانون إليها، وأنا هنا أتحدث عن مشروع نهضة وليس عن عملية انتخابات.

■ كمواطن مصرى مهموم بمشاكل بلده ما هى التعديلات التى ترى ضرورة إجرائها فى الدستور المصرى؟

- يجب أولاً أن نناقش، وتنتج عملية توافق رأى وطنى عن مدى الحاجة إلى دستور جديد، أو دستور معدل، وكذلك فيما يتعلق بالمبادئ الأساسية للدستور الذى إذا توافق الرأى عليه ديمقراطياً فيجب أن يتوجه إلى مصر الحاضر والمستقبل.. يتوجه إلى مصر القرن الحادى والعشرين بمبادئ أساسية صارمة ورصينة، ثم ننتقل إلى التفاصيل وإلى القوانين التى تضمن احترامه وتنفيذ توجهاته.

نحن كمواطنين من مصلحتنا وضع الشأن الدستورى مرة أخرى تحت مجهر البحث بموضوعية، وليس فى قولى هذا ما يستدعى أو يستثير الحساسيات، أنا أعرف المجتمع المصرى والحساسيات التى زرعت فيه، ولا يمكن بمجرد أن يكون لك رأى أو همّ أن تصبح على ضفة أخرى أو من الأعداء، ولكن على العكس يجب أن نجلس ونتدارس الأمر سوياً وجميعاً من خلال الأحزاب والهيئات والنقابات ذات الصلة فى نقاش عام بعيداً عن الحساسيات فنحن جميعاً مصريون ومصر هى بلدنا جميعاً ونريد أن ننتقل بها إلى الأفضل، وأن تقوم دولة تناسب وتتناسب مع القرن الذى نعيشه.

■ هناك حديث يُذكر عن المادتين ٧٦ و ٧٧ فما رأيك؟

- تسألنى عن المادة ٧٦ من الدستور الحالى، وأقول لك إنها مقيدة للغاية أمام من يريد الترشح، إلا أنه من ناحية أخرى يجب أن تكون هناك معايير أساسية ومحددة لمن يريد أن يتقدم لهذا المنصب الرفيع، لكن دون أن تكون معايير تؤدى إلى عكس المطلوب أو إلى إغلاق الأبواب، أما المادة ٧٧ فسنّة الحياة أن تتوالى الأجيال وتتحمل مسؤولياتها وتتطور بالبلد وأن تتوالى جيلاً بعد جيل، ومن ثم فمن المعقول جداً أن يكون هناك إطار زمنى لمنصب رئيس الدولة ومناصب أخرى كثيرة، هذه سُنة التغيير، ونحن نرى أمامنا أمثلة فى فرنسا وأمريكا وبريطانيا والهند والبرازيل وجنوب أفريقيا.. وقد تقدمت جميعاً فى مضمار الحياة والإنجازات الهائلة لأسباب كثيرة، ولكن كان أفعلها النظام الديمقراطى المفتوح.

■ ماذا عن المادة ٨٨ من الدستور التى تضمن إلغاء الإشراف القضائى على الانتخابات؟

- أنا مع الإشراف القضائى على الانتخابات بأوسع صورة ممكنة، ومش بس كده، أنا لا أرى عيباً ولا نقيصة فى رقابة دولية للانتخابات، ودول كثيرة متقدمة ونامية قبلت المتابعة الدولية. وقد أرسلنا لجاناً من الجامعة العربية إضافة إلى مراقبى الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبى فى عدد من الانتخابات فى دول مختلفة، ولا يجب أن تكون لدينا حساسية إزاء هذا الأمر، فما الذى نخشاه، طالما ستكون انتخابات حقيقية، فلنتركهم يأتوا ويروا الأمر، هذا جيد حتى لسمعة مصر. ربما يكون العيب هو فى كلمة «مراقبة» والواقع أن المقصود هو المتابعة والمشاهدة وربما الملاحظة.

■ يزعم البعض أن هذا تدخل فى الشؤون المصرية؟

- لا أرى فى هذا تدخلاً، فلا أحد يأتى من الخارج ويملى عليك أن تنتخب فلاناً أو لا تنتخب فلاناً، ودول كثيرة تطلب مراقبين، حتى إن الأمريكان يطلبون متابعين أو حتى متفرجين على الانتخابات، لذا أنا لا أرى عيباً فى الرقابة الدولية (المتابعة الدولية) وهى ليست طعناً فى شرف مصر، وإنما هى شىء مضاف وجيد.

■ هل ترى أن مصر وصلت إلى مرحلة ضبابية الرؤية أم أننا فى مفترق طرق أم نسير فى طريقنا إلى أزمة تطور؟

- نحن الآن فى أزمة مصدرها القلق العام، وربما شعور عام بعدم الارتياح، فالمجتمع المصرى فى طبقاته المختلفة يشعر بالاضطراب والحيرة بالنسبة لمستقبل البلد، كما يشعر الفقراء بأنهم لا ينالون ما يستحقونه سواء فى التعليم أو الصحة أو غيرهما.

■ هل العدالة الاجتماعية غائبة فى مصر؟

- العدالة الاجتماعية تعبير مطاط جداً، ولا أستطيع أن أعطيك جواباً مطلقاً بنعم أم لا، ولكننى أرى أن هناك شعوراً لدى الطبقات المطحونة بغيابها.

■ ما هو دورك كمواطن مصرى للخروج من هذه الأزمة التى تحدثت عنها؟

- دورى مثل دورك ودور أى مواطن، دور رئيسى فى التعبير الصريح عن مخاوفنا وقلقنا، وأنا حتى الآن لدىّ حدود فى الحركة لأننى مازلت أمين عام جامعة الدول العربية، إنما كمواطن أرى أن من حقى أن أقول رأيى بكل أمانة، خصوصاً فى هذه المرحلة التى تبدو فاصلة. وقلت كثيراً إن مصر فى حاجة إلى برنامج نهضوى كامل، وهناك شعور عند معظمنا بأن مصر تحتاج الكثير فيما يتعلق ببرامج التنمية البشرية بمختلف أنواعها، لذا لابد أن يكون النقاش الوطنى متاحاً على ألا يكون الحوار حوار طرشان، أو أن يكون اختلاف الرأى منطلقاً لمعارك سياسية يغيب فيها العقل. نحن نريد رأى الجميع وإسهامهم، كما أنه يجب أن نأخذ فى الاعتبار تلهف الكثيرين إلى مواد دستورية رصينة وقوانين واضحة تتعامل فيما يتعلق بمستقبل مصر، لذا فإن دورى الآن كمواطن ومثل آخرين هو أن أتحدث بصراحة وأقول توصيفى للأمر.

■ الكاتب الكبير محمد حسنين هيكل وضع اسمك على رأس المجموعة التى اقترحها لتكوين مجلس أمناء الدولة والدستور؟

- أنا أقدر للأستاذ هيكل اقتراحه، فهو أيضاً مواطن مهتم بما يحدث، ولديه بعد تاريخى مهم، ثم إن هذا هو تفكيره وإسهامه، ولكن ما الذى يعنيه مجلس أمناء، أعتقد أنه تحدث عن تلك الأسماء على سبيل المثال لا الحصر، فأنا أعتقد أن المعنى المطلوب هو أننا يجب أن نشكل جميعاً مجموعة من الأمناء على مصالح الأمة ونتحدث بصراحة، وهذه الصراحة ليس فيها تهجم أو هجوم إنما بها الكثير من الألم والخوف على مستقبل مصر، وهذا أمر مشروع تعبر عنه هذه الرسالة.

■ لديك تاريخ فى العمل الوطنى وتمتلك شرعية وشعبية ومصداقية، وهناك أصوات تتحدث عن عمرو موسى كمرشح مقبل للرئاسة؟

- أنا أقدر ذلك ولكن لكى تكون مرشحاً يجب أن تسير فى طرق محددة، أصبحت مثل الخيار بين أمرين أحلاهما مر، أو بين طريقين أسهلهما صعب، أولاً أن تنضم إلى حزب وإلى لجنته العليا، وأنا أرى أنه لما ييجى واحد علشان يرشح نفسه وينضم إلى حزب لم يشارك فى نشاطه أو تشكيل أو صياغة مبادئه، ولم يكن جزءاً من هذا الرأى الذى شكل أو يشكل هذا الحزب، ودخوله إليه فقط لكى يكون تكئة، فأنا أرى أن هذه مسألة لا تتماشى مع مبادئى وأفكارى، ولا أستطيع أن أدخل حزباً لمجرد أنه يمكّننى من الترشح، وأعتبرها عملية رخيصة للغاية، ويبقى أول القصيدة كفر، يعنى علشان تتوجه إلى هذا المنصب الرفيع يجب أن تدخل أى حزب وتبقى فيه شوية، أنا أعتبر هذه انتهازية سياسية واضحة ولا أقبل هذا الكلام على نفسى، ومن ثم أنا أستبعد تماماً أن أنضم إلى أى حزب بهدف الترشح لمنصب الرئاسة، أى أن موقفى هذا موقف مبدئى، بصرف النظر عن موضوع الترشح.

أما الترشح مستقلاً، فكأنك تدخل فى عملية صعبة أو هى مستحيلة تحت الظروف القائمة لأى مستقل، وأنا أرى أنه طالما –دستورياً- من حق كل مواطن مؤهل يرى فى نفسه القدرة على -والطموح إلى- خدمة مصر وإلى قيادتها أن يترشح لهذا المنصب، فهذا لا يكتمل إلا بوجود وسائل تمكنه من هذا، وإذا كانت هناك مجموعة أسماء مطروحة يمكن أن تفكر فى الترشح لرئاسة مصر وهى أسماء معروفة مهنياً ومتطورة فكرياً فإن هذا شىء يضيف إلى مصر، وكلها أسماء جادة لن يسمح أصحابها لأنفسهم بأن يكونوا مجرد ديكور كما يقال.

■ كمستقل هل ترى أن هذا الأمر متاح أم أن هناك عوائق أساسية؟

- أنا أرى أن هناك عوائق كثيرة جداً، تصور إذا قلت لك إننى مستعد للترشح، طيب وبعدين، هاتقولى طيب هتنضم لأى حزب، أو هتترشح مستقل إزاى وتجيب إزاى تزكية من ٢٥٠ عضواً، إذن علشان يكون الترشح متاحاً لعدد أكبر من الناس يجب أن نجد طريقة لفك أو حلحلة هذا القيد، خاصة أن هناك مجموعة تفكر فى الترشح منها الدكتور محمد البرادعى وآخرون غيره، ولابد أن لديهم أفكاراً عن تطور مصر ومستقبلها لتكون بلداً رائداً مثل الهند والبرازيل وجنوب أفريقيا وهى بلاد قفزت إلى مستويات عالية وطنياً وإقليمياً ودولياً وأصبح لها كلمتها ودورها فى المسائل العالمية الحقيقية سواء فى الاقتصاد أو السياسة أو مسائل العلاقات الحضارية.

■ أفهم من كلامك أنك تقول إنك عملياً لا تستطيع الترشح للرئاسة فى ظل الوضع الحالى؟

- أنا رجل عملى ولست حالماً، كما أن السياسة السليمة يجب أن تقوم على الجدية وليس مجرد المنظرة أو اجتلاب الشهرة، وواضح أننى لا أحتاج والحمد لله إلى مزيد من شهرة لأجنيها من إعلان الترشح. السؤال هو: هل هذا ممكن؟ والإجابة هى أن الطريق مغلق.

■ طيب لو الطريق اتفتح؟

- يكون لكل حادث حديث، ولكنى أقول لك إن الكثيرين جاهزون لخدمة مصر كمواطنين مصريين فى ذلك المنصب أو غيره.

■ تعنى أنك مستعد للمشاركة فى أى موقع؟

- فور أن أترك الجامعة سأعود ممارساً بالكامل لدورى كمواطن مصرى، وأنا سياسى مصرى فى الأساس، سأحاول على الدوام كما قلت الآن أن أكون مصرياً نافعاً ومفيداً لمجتمعه.

■ متى ستترك الجامعة؟

- فى أكثر من مرة كنت على شفا تقديم الاستقالة، ولم يوقفنى إلا خشيتى من أن يؤدى خروج الأمين العام خروجاً درامياً إلى تهديد كيان الجامعة العربية، وبالذات فى لحظات صدام عربى واستنفار دولى، وأمامى أقل من سنة ونصف، وهذا يكفى، فقد عملت ١٠ سنوات سفيراً و١٠ سنوات وزيراً، و١٠ سنوات (إذا اكتملت) أميناً عاماً للجامعة، وهذا يكفى للعمل العام فى هذه المناصب، لكن هذا يؤهلك لأن تفكر جيداً فى حاضر مصر ومستقبلها، ومن حقى أن أطمح لأن أكون ممن يستند إليهم المجتمع فى مسيرة تطوره.

■ ما تعليقك على موقف الدكتور البرادعى والشروط التى أعلنها للترشح للرئاسة، خاصة أنه يرى مثلك أنه لا يريد إلا أن يظل مستقلاً دون أن ينضم لأى حزب؟

- هو يعبر عن موقفه بالطريقة التى يراها، ولكن لا يصح أن يهاجم بهذا الأسلوب بسبب موقفه سواء اتفق معه البعض أو اختلفوا، يجب أن تحترم رغبته فى العمل العام وأن يكون النقاش معه موضوعياً.

■ إذن فما رأيك فى الحملة التى شُنت عليه مؤخراً؟

- هذا أسلوب غير مقبول، وقد أساء إلىّ أصحاب تلك الحملة إساءة بالغة.

■ هل هذا نوع من الإرهاب لكل من ينوى الترشيح؟

- ربما ولكن لو أرهبت واحداً الثانى جاى والثالث بعده وهكذا.

■ وهل رسالتهم تلك وصلت إلى عمرو موسى؟

- كنت عارف إن هيكون هناك هجوم، لكن لم أكن أتوقع أن يكون الهجوم بتلك الطريقة، والناس ما بقتش بتبلعها، ولا أثر لها.

■ هل شعرت بالقلق؟

- بالطبع شعرت بالقلق من طريقة تصرف جزء من المجتمع المصرى، لم يكن يصح هذا، فأنت بإمكانك أن تتفق أو تختلف مع من تريد، وفى هذا أتفق مع طريقة الدكتور عبدالمنعم سعيد فى الطرح، فهو اختلف وانتقد، بما فى ذلك نقد وجهه إلىّ شخصياً إنما بأسلوب رصين، وهذا يجعلك تتابع كتاباته وتحترم رأيه وتفكر فيما يقوله، أما الكتابات التى تمارس الهجوم لمجرد الهجوم وبشكل جارح فلا تستحق قراءتها ولن تكتسب مصداقية.

■ هل هذا يجعلك تعيد التفكير فى أى خطوة قد تنوى عليها؟

- سأقول لك شيئاً إذا نويت فعليك أن تتحمل وأن تواجه، أما الذى يدخل فى الحسبان أثناء اتخاذ القرار فهو الإمكانات القائمة والمصلحة المصرية فقط، وخصوصاً فى ظروف تتطلب بالفعل أن تضع بلدك- مصر- ومصلحتها كما تراها فوق كل اعتبار ومع الاستعداد للتضحية.

■ ما علاقتك بالدكتور البرادعى، هل تتواصلان؟

- نحن على تواصل مستمر باعتبارنا زملاء وأصدقاء بل أقارب، وهناك مجالات عدة نتفق فيها وأخرى قد نختلف عليها.

■ وما طبيعة علاقة القرابة بينكما؟

- هى علاقة نسب متعددة بين العائلتين، فعائلة والدتى من «محلة مرحوم» بالغربية، والعائلتان - البرادعى ووالدتى- بينهما علاقات نسب.

■ هناك وجهة نظر تقول إن هؤلاء الذى هاجموا البرادعى أساءوا إلى النظام، وأخرى تقول إنها كانت حملة موجهة، فما رأيك؟

- بصرف النظر عما يقال أرى أنها كانت حملة غير مقبولة مطلقاً.

■ بحكم علاقتك التاريخية بالرئيس مبارك هل ترى أنه من مصلحته إذا دخل انتخابات ٢٠١١ أن يكون أمامه منافسون أقوياء؟

- فى حالة ترشح الرئيس مبارك- وهو ما أعتقده- سوف يكون سيناريو الانتخابات والمرشحين مختلفاً عن السيناريو فى حالة عدم ترشحه. الرئيس مبارك مرشح قوى جداً وله تاريخه الذى سوف يستند إليه بالطبع والكل ينتظر قراره فى هذا الشأن... أما العلاقة بيننا فهى علاقة ود بالفعل، وعلاقة العمل كانت إيجابية، وأتذكرها بكل الود والاحترام، فأنا أعلم من نقاشات كثيرة أين يقف، والرئيس أيضاً يعلم أين أقف، سواء بالنسبة للموقف فى مصر أو فيما يتعلق بالسياسة الإقليمية.

■ كيف ترى جمال مبارك وما يثار حوله؟

- من حقه أن يطمح للترشح، أعلم أنه شاب طموح، ولديه الرغبة فى أن يكون له دور فى الحياة العامة وهو ما يقوم به فعلاً فى الحزب الوطنى، أما أن يكون راغباً فى أن يصبح رئيساً فهى مسألة رهن المتابعة من الجميع، لكن هو نفسه لم يعبر عن هذا تحديداً، ومن ثم فالموضوع يأتى فى إطار الاحتمالات ويقع فى جب الشائعات.

■ هل هناك من يعمل فى المجال السياسى دون أن يكون لديه طموح؟

- الطموح درجات وأنواع، فهناك من يطمح أن يكون عضو مجلس شعب وآخر يطمح أن يكون وزيراً، وإذا كنت تقصد جمال مبارك، فمن حقه أن يطمح ومن حق الناس أن تقرر.

■ وترشحه للرئاسة فى حياة والده.. هل هذا طبيعى؟

- أنا أعتقد أن تلك الأمور مازالت رهناً للكثير من التكهنات، وعلينا أن نتابع فهذا يهمنا كمصريين وماينفعش أن نكون مجرد مشاهدين.

■ هى مصر تنفع تبقى جمهورية برلمانية؟

- تنفع طبعاً، هى مصر دى عجبة، زى ما هى جمهورية رئاسية ينفع تبقى جمهورية برلمانية.

■ وفى رأيك أيهما أصلح لمصر؟

- أرى الجمهورية الرئاسية المحكومة بدستور رصين وصارم هى الأصلح، الجمهورية البرلمانية تعنى أن الرئيس رمز ورئيس الوزراء هو الذى يحكم بحزبه مثل بريطانيا وإسبانيا وألمانيا والهند، أما الرئاسية فحزبه يأتى به رئيساً مثل فرنسا والبرازيل والمكسيك، وهناك تأثر كبير للفكر القانونى والدستورى المصرى بالنظام الفرنسى، لكن الدستور الفرنسى له ضوابط، والفرنسيون لهم ظروفهم وثقافتهم، لأنهم مهتمون بفرنسا، ومن ثم يجب أن نهتم بمصر وما هو الأفضل لمصر وبصرف النظر عن أى اعتبار آخر.

■ لو أى مواطن افترض أن عمرو موسى أصبح رئيساً للجمهورية، فما هو أول قرار ستتخذه؟

- الافتراضات لا نتحدث فيها عن قرارات وإنما ربما عن تمنيات، لكن مصر تحتاج إلى قرارات صارمة كثيرة، وعلى رأسها برنامج نهضة شاملة محكمة التخطيط.

غداً الجزء الثانى من الحوار:عمرو موسى يتحدث عن القضية الفلسطينية والدور التركى.. والملف النووى.. والأنظمة العربية

 

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية