x

مساعد وزيرالدفاع الأسبق وأحد الضباط الأحرار:المصريون خلعوا «عباءة الخوف»

الثلاثاء 22-07-2014 21:10 | كتب: شريف عارف |
المصري اليوم تحاور « الفريق صلاح عبدالحليم  » ، مساعد وزيرالدفاع الأسبق وأحد الضباط الأحرار المصري اليوم تحاور « الفريق صلاح عبدالحليم » ، مساعد وزيرالدفاع الأسبق وأحد الضباط الأحرار تصوير : فؤاد الجرنوسي

هو مقاتل، شارك فى أربع حروب، وعاصر 3 ثورات انطلقت شراراتها فى مصر.. حياته كلها محطات من الوطنية الخالصة والعسكرية الشريفة التى لم تفكر يوماً فى الدخول إلى معترك السياسة.. شاءت له الأقدار أن يكون واحدا من الضباط الأحرار، ويشارك فى اقتحام مبنى القيادة العامة تحت قيادة يوسف صديق، فجر يوم 23 يوليو 1952.. بعدها شارك فى كل المحطات المهمة فى النصف الثانى من القرن العشرين، فى الدفاع عن بورسعيد عام 1956، حرب اليمن، ثم مرافقة المشير عبدالحكيم عامر لحظة ضرب المطارات المصرية فى 5 يونيو 1967.

إنه المقاتل الفريق أحمد صلاح عبدالحليم الذى قدر له أن يكون قائداً لواحدة من أهم معارك حرب أكتوبر المجيدة، وهى معركة الكيلو 10 التى دارت رحاها يومى 6 و7 أكتوبر. وهو نفس المقاتل الذى دخل معركة الدبلوماسية ممثلاً لهيئة عمليات القوات المسلحة فى قضية طابا.

عشرات المحطات المهمة فى حياته، يكشف فى حوار لـ«المصرى اليوم» عن أجزاء منها.. وفيها حكايته مع الضباط الأحرار وثورة يوليو ورؤيته لها بعد 62 عاماً.

■ لا أخفى أننى وقفت حائراً أمام البداية التى يجب أن ننطلق منها، فكل من محطات حياتك تستحق التعمق، وربما الدراسة على حدة.. لكننى أجد نفسى مضطراً للوقوف أمام محطة الضباط الأحرار.. كيف كانت ظروف وملابسات الانضمام؟

- بعد تخرجى فى الكلية الحربية عام 1950.. كنت أنظر- كأى شاب- إلى مصر المحتلة.. وإلى الحياة السياسية الموجودة بها.. والكل كان يتوقع أن يحدث شيئا ما.. وما إن أتيحت لى فرصة الانضمام.. انضممت بالفعل إلى الضباط الأحرار، وكانت فكرة الهيكل التنظيمى قائمة على وجود أكثر من صف، بمعنى أن تكون هناك بدائل للصف الأول للتنظيم.. وإذا حدث، وانكشف أمر الصف الأول.. يكمل الصف الثانى الطريق.. وهكذا.. وكان هناك عهد على ذلك.

■ أين كان موقعك وقت الانضمام لتنظيم الضباط الأحرار؟

- كنت أنتمى- فى ذلك التوقيت - إلى الكتيبة الأولى مدافع ماكينة، التى كان يقودها يوسف منصور صديق الذى اقتحم مقر القيادة العامة يوم 23 يوليو.. وفى ذلك اليوم كنت مكلفاً بمراقبة الوضع على قناة السويس، وتحديداً منطقة القنطرة شرق، والكتيبة الأولى مدافع ماكينة كانت تتمركز فى 3 مناطق فى سيناء، هى رفح، العريش، والقنطرة شرق. واعتباراً من بداية شهر يوليو عام 1952 كان مقرراً نقل الكتيبة، واستبدال الكتيبة الثانية بها، وفى الموعد المحدد تحركت كتيبتنا بالفعل، وهو ما ساعدها على تنفيذ خطة يوم 23 يوليو، ولكن ليلة الثورة تم إرجاء موعد التحرك من الساعة 12 بعد منتصف الليل لمدة ساعة حتى الواحدة. ولم يكن يوسف صديق قد أُبلغ بهذا التعديل، وهو ما جعله يتحرك هو ورجاله فى الموعد المتفق عليه مسبقاً، وعند وصوله إلى مبنى القيادة العامة بكوبرى القبة لم يجد أحداً. وهنا تشاور مع عدد من ضباطه حول الوضع، وقرروا الاقتحام، حفاظاً على الثورة ونجاحها، إلا أن أحد الضباط، ويدعى إسماعيل طه السيد قام بأسر رجلين يرتديان ملابس مدنية، وكانت المفاجأة الحقيقية ليوسف صديق نفسه وضباطه أن الرجلين كانا جمال عبدالناصر وعبدالحكيم عامر، فاصطحبهما «صديق» إلى مكان لا نعلمه.. ثم اختفيا ولم يظهرا مرة أخرى بملابسهما العسكرية إلا فى الساعات الأولى من صباح 23 يوليو.

■ ماذا يعنى وجود «ناصر» و«عامر» بملابس مدنية أمام مبنى القيادة العامة للقوات المسلحة قبل ساعات من الثورة؟

- من المؤكد أنهما كانا يريدان الاطمئنان على سير العملية، وكان طبيعيا أن يرتديا الملابس المدنية.. وهى عملية «تمويه» على تحركاتهما إلى أن تم إلقاء القبض عليهما.

■ تنظيم داخل الجيش فى توقيت عصيب.. وتوتر غير مسبوق فى العلاقة بين الجيش والملك خلف 4 وزارات فى مدة 6 أشهر فقط منذ حريق القاهرة فى يناير 52.. ألم تخف وأنت ضابط صغير؟

- حقيقة كانت القضية الوطنية هى كل ما يشغل جيلنا.. وظروف الانضمام عموماً تمت فى غاية السرية، فقد كانت مهمة الداعى هى «جس النبض»، لضمان عدم الإبلاغ عن التنظيم فى حالة الرفض. وعندما يتم القبول ينضم إلى مجموعته، دون أن يعلم شيئًا عن بقية المجموعات أو أفرادها. وهذا هو سر نجاح التنظيم، وربما الثورة فيما بعد.

■ باعتباركم معاصراً لأزمة 1954، خاصة فيما يتعلق بالخلاف بين الثورة والإخوان ومحاولة الإخوان اغتيال الرئيس عبدالناصر فى حادث المنشية.. كيف ترى ثقافة ومشروع الاغتيالات عند الجماعة؟

- فى اعتقادى أن الاغتيالات «مبدأ متوارث» عند الإخوان. فعقب محاولة اغتيال عبدالناصر، قرر الرئيس العودة للقاهرة بواسطة القطار، فذهبت أنا وزملائى لاستقباله فى موكب خاص من محطة رمسيس احتفالا بنجاته، وبالفعل ذهبنا إليه، وحرص على تحيتنا، وأحطنا به فى سيارته حتى خروجه من المحطة إلى شوارع القاهرة.

■ بصراحة.. ماذا تبقى من ثورة يوليو بعد 62 سنة من انطلاق شرارتها؟

- أرى أن ما تبقى منها هو نفس سيناريو المواجهة مع الدول الكبرى.. بمعنى أوضح «المؤامرات التى ما زالت تحاك ضد المصريين»، فالمؤامرة العامة المخصصة لمصر بدأت منذ اتفاقية سايكس بيكو عام 1916، وهناك دراسة شهيرة تسمى دراسة «كامبل- بانرمان» وهى دراسة أعدها رئيس الوزراء البريطانى الأسبق وخليفته من بعده، واستمرت فترة إعدادها لمدة عامين متتاليين، ولذلك سميت باسم الاثنين معاً. وملخص الدراسة أنه لا خوف من بقاء الإمبراطورية البريطانية طالما أن ملكة إنجلترا هى من تحكم أستراليا والهند وجميع المستعمرات، إلا أن الخوف الحقيقى كان من المنطقة العربية، حيث يجمع سكانها وحدة اللغة والدين الإسلامى. ولهذا كان الهدف هو إيجاد حاجز بشرى يمكن أن يقسم المنطقة ويزرع فيها الخلافات والحروب والفرقة بين حكام وملوك هذه المنطقة. ولو نظرنا ببساطة إلى هذه الدراسة بعد قرن كامل من الزمان نجد أنه يتم تحديثها طبقاً لكل عصر. فالقضية واحدة، ولكن يتغير الأبطال الموجودون على مسرح العمليات.

وللأسف هناك قراءة جديدة حول دور الرئيس الأمريكى الأسبق جيمى كارتر - الذى نطلق عليه راعى السلام - توضح أنه كان له دور مريب فى خطة تقسيم المنطقة، فقد أعد أحد الخبراء بجامعة بنسلفانيا وكان يعتنق الدين المسيحى وارتد واعتنق الديانة اليهودية مشروعاً لتقسيم منطقة الشرق الأوسط. وبالفعل عرض على جيمى كارتر شكل المشروع وتصوره النهائى له ولنا أن نتخيل أن كارتر الذى كان راعياً لاتفاقية كامب ديفيد، هو الذى عقد اجتماعاً سرياً فى الكونجرس عام 1983 لعرض وجهة نظره فى مشروع التقسيم الجديد للشرق الأوسط. كل هذا يدل على أن القضية واحدة والمؤامرة قائمة وستظل تحضرنى مقولة لشيمون بيريز وهى: «إن العرب جيران عظام وهم طيبون ولكنهم يحتاجون دائماً إلى من يقودهم وليس هناك أفضل من شعب إسرائيل للقيام بهذا الدور»!!

■ وما رأيك فى موقف ثورة 30 يونيو من الإخوان؟ هل ترى أن ما حدث هو تكرار لسيناريو 1954 فيما يتعلق بالخلاف بين الثورة والإخوان؟

- هو تقريباً نفس السيناريو ولكنه جرت عليه بعض التعديلات. فلولا العام الذى حكم فيه الإخوان، ما كنا قد عرفنا بشاعة هذا الفكر ولكن الشعب المصرى هو الذى ذاق مرارة هذا الحكم، وهو الذى أنهى عمره بعد عام واحد فى الوقت الذى صور فيه الكثيرون أن الإخوان سيمكثون فى الحكم لسنوات وسنوات، على أساس أنهم استغلوا الدين أبشع استغلال فى العملية السياسية.

■ ولكن السؤال الذى يطرح نفسه هو لماذا نجح الإخوان فى ذلك الآن، ولم ينجحوا فى خلال حقبتى الأربعينيات والخمسينيات.. رغم أن المجتمع الآن أكثر تعلماً.. كيف ترى ذلك؟

- القضية ليست قضية تعليم فحسب.. ولكن هم لم يكونوا حتى بداية الخمسينيات بهذه الإمكانات، ولا بهذا التنظيم سواء الدولى أو المحلى. كذلك كان المجتمع أكثر يقظة وتسامحاً، فلو رصدنا الانتخابات التى شهدتها مصر منذ ثورة يناير وحتى 30 يونيو سنصل إلى مدى تأثير استغلال حاجة الناس فيما يتعلق بالمواد الغذائية أو الخطاب الدينى الممنهج نحو أهداف سياسية، ولذلك كان هدفهم الوصول إلى الحكم.. وليس لديهم أى تصور لمرحلة ما بعد الحكم.

■ بقدر النجاحات التى حققتها ثورة يوليو إلا أنها فتحت ملفاً من «الظلم» تجاه الكثيرين شمل البسطاء من خميس والبقرى إلى القادة كمحمد نجيب ويوسف صديق.. كيف تنظر إلى هذا الملف؟

- بكل المقاييس كان هناك بعض الظلم الذى لا أرى مبرراً فى غالبيته، فمحمد نجيب كان اسمه وحده سبباً من أسباب نجاح الثورة، لأنه الرجل الذى تحمل قيادة التنظيم إضافة إلى أصوله السودانية، التى ساعدت الثورة فى الكثير من تعاطف الجنوب. ولا أخفى حزنى لأسلوب التعامل معه والحياة البائسة بفيلا زينب الوكيل، والتى لاقاها دون ذنب، واعتقاله فى الصعيد أثناء حرب العدوان الثلاثى على مصر عام 1956.. كذلك التعامل مع يوسف صديق الذى كان «دينامو الثورة» وأحد الأسباب الرئيسية فى نجاحها.

■ رغم مبادئها الستة المنادية بالحرية والعدالة الاجتماعية.. إلا أن ثورة يوليو انتهكت كثيرا من الحريات.. ووصلت إلى أن دهست «الدبابات» الحياة السياسية والبرلمانية وأصبح هناك ثقافة «الكيان الواحد».. وكل من يعارضه من أعداء الوطن.. كيف ترى كمعاصر هذه المشاهد؟.. وهل من الممكن أن تشهد مصر صورة مكررة بشكل أو بآخر مما فعلته ثورة يوليو فى هذا الصدد؟

- من المستحيل.. لأنه ببساطة الزمن والظروف غير الظروف.. والشعب المصرى خلع «عباءة الخوف». ولم يعد هناك أى خوف من أى شىء، فالعالم الآن يتابع ويرصد كل ما يحدث ثانية بثانية، فأصبح من السهل أن تتابع أى شىء والإعلام يسهم بشكل كبير فى ذلك، ومن الصعب أن تضحك على الشعب المصرى مرة أخرى لأن الشعب لديه الآن حساسية كبيرة فى التمييز بين الصادق والكاذب.

■ كيف ترى التطور الذى شهدته ثورة يناير على مدى 18 يوماً من تصاعد فى المطالب..أدت فى النهاية إلى إسقاط النظام؟

- منذ البداية كان واضحاً أن نظام مبارك «فاقد للرؤية»، وأنه ليس لديه تصور للتعامل مع الأحداث فالقبضة الأمنية وحدها لا تحقق الهدف. ولكن لابد من قراءة الموقف قراءة متأنية. كان نظاماً يفتقد إلى رؤية فى إدارة الأزمات.. ولذلك كان التصعيد أمراً طبيعيا.. والمثير للجدل فعلاً أنه كانت هناك مؤشرات واضحة لدى جميع المستويات أن هناك شيئا ما سيحدث يوم 25 يناير..!

■ هل تعتقد أن النظام الحالى لديه رؤية فى إدارة الأزمات؟

- بكل تأكيد هو يلمس كل ما يعانيه المواطن البسيط ويتحرك وفق رؤية واضحة.. فالرئيس السيسى كان وزيرا للدفاع فى عهد الإخوان. وتعامل معهم، لكنه فى الوقت المناسب أدرك أنه لا يجب الاستمرار فى هذا التعامل بعد كل المهازل التى شهدتها مصر خلال عام من حكم مكتب الارشاد.. وعندما ننظر إلى التدخل المناسب فى التوقيت المناسب نتأكد أن هذا الرجل لديه فريق مدرب لإدارة الأزمات..

■ هل يمكن أن نقول إن ثورة 30 يونيو هى الابنة الشرعية لثورة يوليو.. أو بمعنى ما يطلق عليه البعض «عودة الجيش للمشهد السياسى»؟

- «مفيش حد ابن حد».. الفارق كبير.. والمقارنة هنا لاتجوز. فلكل ثورة منهما أسباب أدت إلى تحرك شعبى كان الجيش عنصراً مسانداً له.. ولو نظرنا إلى الجيش المصرى عبر تاريخه سنجد أنه «روح الشعب».. وهو لم يتطلع يوماً إلى لعب دور سياسى.. فمثلا أثناء أحداث الأمن المركزى عام 1986.. كنت أشغل منصب رئيس هيئة عمليات القوات المسلحة، وخلال كل هذه الأحداث وما نتج عنها من فوضى.. لم تخرج طلقة واحدة من الجيش تجاه الشعب.

■ بوصفك شاهد عيان.. هل هزيمة 5 يونيو 1967 وضعت النهاية لأحلام ثورة 23 يوليو؟

- لا نسطيع أن نصفها بالنهاية، ولكن لا أحد ينكر أنه كانت هناك مجموعة من الأخطاء أدت إلى 5 يونيو 1967.. أخطاء تتعلق بنا وأخرى تتعلق بالمعلومات الواردة إلينا.. وخاصة المعلومات الروسية عن الحشود الإسرائيلية أمام سوريا.. أخطاؤنا تتمثل فى رحيل قوات البوليس الدولى، وإغلاق خليج العقبة أمام الملاحة يوم 23 مايو.. قبل يوم واحد من وصول الأمين العام للأمم المتحدة إلى المنطقة.. بكل المقايس كانت هناك قرارات غير مدروسة.

■ كنت مرافقاً للمشير عامر فى طائرته أثناء ضرب المطارات المصرية يوم 5 يونيو.. صف لنا المشهد.

- فى يوم 5 يونيو تحركت الطائرة من مطار ألماظة متجهة إلى مطار بيرتمادا القريب من قاعدة المليز، لكى يقوم المشير عامر بإدارة المعارك من مسرح العمليات فى منطقة «ريشان لحمان». وكانت الطائرة تقل كلا من المشير وقائد القوات الجوية ومدير الشؤون العامة وعددا من القادة بالإضافة إلى «الصول» الذى يتولى خدمة المشير.. وبعد عبور الطائرة لقناة السويس، حدث هرج ومرج داخل الطائرة عندما أعلن أحد الضباط أن المطار الذى نتجه إليه تم ضربه، وتحرك الفريق صدقى محمود سريعاً إلى كابينة القيادة وعاد ليخطر المشير أن جميع المطارات قد تم ضربها.. كانت لحظة مفزعة فعلا.. صدمة دفعتنا إلى الدعاء وقراءة القرآن بعد تصاعد احتمالات ضرب الطائرة التى تقلنا.. وصدرت الأوامر لقائد الطائرة بالعودة إلى ألماظة.. وما كدنا نصل إليه حتى جاءنا نباً ضربه.. واضطرت الطائرة العسكرية فى النهاية للهبوط بمطار القاهرة الدولى.. مشهد لا يمحى من الذاكرة.. الكل يجرى فى حركات هيستيرية.. المضيفات يصرخن.. مأساة حقيقية فعلاً.

■ هل ترى أن الجيش يمكن أن يتعمق مستقبلاً فى العملية السياسية؟

- «الجيش لو دخل السياسة.. ما يبقاش جيش».

■ فى شهادة للتاريخ بحكم خبراتك وسنوات الخدمة الطويلة.. متى يثور الشعب المصرى؟

- حينما يشعر أن هناك من «يضحك عليه» أو لا يصارحه بالحقيقة. ولذلك أعتقد أن الرئيس السيسى استوعب جيداً دروس الماضى.. وهذا ما فعله فى قضية رفع الدعم مؤخرا.. الصراحة مطلوبة بين الحاكم وشعبه.

■ منذ عام 1948.. والقضية الفلسطينية هى القضية الأولى للشعب المصرى.. كيف ترى القضية الآن عقب اجتياح غزة وبعد أربع جولات من الصراع مع إسرائيل انتهت باتفاقيتى سلام؟

- لا توجد دولة فى العالم تحت الاحتلال تقاوم بكل هذه الأجنحة والفصائل المسلحة.. نحن أمام مشهد غريب ومعقد.. فالأزمة الأخيرة فى غزة لا تزال غامضة، ولا أحد يعلم حتى الآن الهدف من قتل الإسرائيليين الثلاثة.. وما أعقب ذلك من محاولات تدخل قطرية ـ تركية.. وصلت إلى حد التطاول على مصر.. المشهد مريب وغامض.. فنحن على عقود ستة قدمنا كل ما نملك من أجل أشقائنا الفلسطينيين، وخلال هذه العقود كنا نتعامل مع جهة مقاومة واحدة وقيادة موحدة اختارها الشعب الفلسطينى وهى «حركة فتح».

■ هل يمكن أن تتخلى مصر عن القضية الفلسطينية.. ولو مرحلياً؟

- مستحيل طبعاً.. القضية الفلسطينية بالنسبة لمصر هى قضية أمن قومى.. هى الجدار المباشر للتهديد.. ولكن أزمة الحدود دائماً واحدة.. فالمناطق الحدودية مناطق توتر.. ولكن المأساة الحقيقية حينما تتحول المقاومة إلى تجارة.. ويصبح مرور المواد الغذائية والمعيشية سلعة تباع وتشترى.. وينتهى بعضها فى النهاية لصالح العدو..!

■ كيف تنظر إلى مستقبل العلاقة مع إسرائيل، وتطور لغة الخطاب الرسمية والجماهيرية فى التعامل معها من «سنلقى بإسرائيل فى البحر».. و«يا أبو خالد يا حبيب..».. إلى الآن..؟

- أزمة إسرائيل أنها دولة لا تلتزم بمعاهدات.. هى دولة أقامت استراتيجيتها على «المناورات». فعندما تتأزم الأمور نهائيا أمام تل أبيب تستقيل الحكومة. ومع الحكومة الجديدة علينا أن نبدأ المشوار من أوله!.. فاليهود بطبيعتهم «شطار».. والشاطر هو من يفاوضهم بنفس الكفاءة.. وقد جلست معهم كثيراً أثناء مفاوضات طابا.. ودارت بيننا مناقشات كثيرة.. فبقدر ما لديك من قدرة تفاوضية وعناصر قوة تستند إليها بقدر ما ستصل إلى النتيجة المرجوة.

■ وما هى التحديات التى تواجه ثورة 30 يونيو.. بعد ستة عقود وأكثر من يوليو 1952؟

- هى تحديات داخلية معظمها اقتصادية، تأتى فى مقدمتها أزمة سد النهضة.. وخطورة هذا الملف هو التعامل المخزى والمستهتر الذى تعامل به الإخوان معه والفضيحة العالمية الناجمة عن مؤتمر الرئاسة الذى تحدث فيه الحاضرون عن توجيه ضربات.. والحقيقة أن الملف كله شائك.. فالقضية ربما تكون فى الأيدى الخفية التى تعبث فيه من مصالح إسرائيلية، وتشجيع دول بعينها على الاستثمار فى المنطقة.. كل هذه تحديات علينا أن نواجهها.. كذلك هناك تحديات على المناطق الحدوية.. كانت هناك واجهة وحيدة تمثل تهديداً فى الشرق أصبحنا الآن مهددين من الغرب ومن الجنوب.. والتحدى الأخطر هو إحداث نقلة حضارية تليق بمصر وشعبها.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية