مع كل أزمة يمر بها قطاع غزة- اعتدنا سماع اتهامات متبادلة بين طرفى النزاع، وبطبيعة الحال وبدون تفكير نعرف الطريق- وهو مساندة الجانب الفلسطينى، وندين ونشجب إسرائيل لأنها قوة الاحتلال، وهذا بالطبع يأتى من منطلق وحدة المصير مع الشعب الفلسطينى الشقيق.
فى كل مرة كنّا نلقى باللوم على إسرائيل، لأنها بدأت بالهجوم غير المبرر على الفلسطينيين، لكن هذه المرة حدث العكس، وبشكل عمدى ودون تفكير فى العواقب أو مراعاة للظروف الداخلية للقوى العربية المساندة للشعب الفلسطينى، لدرجة أن التصرفات التى قامت بها حماس بدعم قطرى- تركى، سواء عن طريق بدء الهجوم أو رفض المبادرة المصرية، وضعت هذه القوى فى مأزق حرج.
حتى الآن يبدو الوضع وكأنه بالونة اختبار، كتلك التى تطلقها الزوجة كى تتأكد من مدى حب الزوج لها، ولكن الزوجة فى هذه الحالة نست أن الزوج لديه هموم ومشاكل داخلية، فكالت له الاتهامات بالخيانة.
هذه البالونة، التى أطلقتها حماس وقطر وتركيا، جاءت فى وقت غير مناسب ولا تعدو كونها «أذاناً فى غير موعده» حسبما أكدت تقارير المنظمات الدولية الموجودة فى مسرح الأحداث.
رغم كل هذا استحوذ الدكتور رياض منصور، المراقب الدائم لفلسطين لدى الأمم المتحدة، بأسلوبه الرائع والمتميز على مشاعر أعضاء السلك الدبلوماسى لدى المنظمة الدولية، وسرعان ما انقلب الحال وأجهش فى البكاء على أكفال فلسطين الذين استشهدوا على يد قوات الاحتلال.
أمام كل هذا، استطرد مندوب إسرائيل لدى الأمم المتحدة فى كيل الاتهامات لحماس، محملاً حماس وقطر مسؤولية ماحدث، منوهاً إلى أن جيش إسرائيل هو جيش أخلاقى ويشهد له العالم بذلك!!
لأنه يتبع كل السبل لإبعاد المدنيين وتنبيههم إلى أن هناك عملية عسكرية تستهدف قيادات حماس.. وقدم شبه اعتذار مبطن عن مقتل أطفال ونساء فى العمليات، وقال إنهم ليسوا هدفاً لنا، ولكن للضرورة أحكام، وسبب الضرورة هو أجندة حماس ورفضها الحل السلمى والالتزام بوقف إطلاق النار، وقال إن قادة حماس يرسلون تعليماتهم من مقار رفاههم فى قطر.
إن رفض حماس للمبادرة المصرية والتى حظيت بإجماع دولى، أدى إلى تفاقم الأزمة التى أودت بحياة أكثر من 300 فلسطينى وجرح أكثر من 1500 آخرين، معظمهم من الأطفال والناس، والغريب أنه لا يوجد بينهم حمساوى واحد، لأن القادة عادة ما يلوذون بالفرار، تاركين شعوبهم فى مواجهة النيران.
أمام كل هذا الاتهامات المتبادلة تتراقص علامات الاستفهام، ويبقى سؤال واحد إجابته تشكل حجر الزاوية لهيكل الحالة العربية المتردية وهو: من المسؤول عما جرى، ومن يتحمل المسؤولية، وكيف يكون الخلاص، وما دور شعب غزه تجاه قيادته التى أعادت عقارب الساعة إلى الوراء لأكثر من عشرين عاماً؟
الأمم المتحدة- نيويورك