وقع هجوم على قواتنا المسلحة، سواء في سيناء أو في الوادى أو في الصحراء الغربية، كما حدث أخيراً، أدركت خطورة ما قام به الجيش المصرى بمساندته للثورة الشعبية التي أسقطت حكم الإخوان.
تلك الحملة المسعورة للنيل من الجيش، والتى كان آخرها واقعة استشهاد 21 من جنودنا البواسل في منطقة الفرافرة، ما هي إلا محاولة للنيل من قوات مصر المسلحة التي وقفت حائط صد ضد ما كان يتم تخطيطه للبلاد والذى ظهرت آثاره بعد ذلك في العراق.
لقد مررنا بعد ثورة الشعب في 30 يونيو بفترة عصيبة رفضت فيها بعض القوى الخارجية قبول نتائج الثورة وظلت تضغط على مصر كى تعيد حكم الإخوان بصورة أو بأخرى بدعوى أنهم وحدهم يمثلون الشرعية لأنهم منتخبون، وأن ما جاء بالثورة وليس بالانتخاب غير شرعى، لكن مصر صمدت أمام كل الضغوط التي استخدمت فيها كل الأسلحة السياسية، بما في ذلك التلويح بإمكانية وقف المعونات الاقتصادية والعسكرية، وقال الشعب: لا نريد مساعدات فانقلب السلاح على من يستخدمونه والذين يحتاجون تقديم هذه المساعدات قدر احتياجنا لها.
وقد أدى إصرار الشعب على اتباع خريطة للمستقبل، تؤسس لنظام ديمقراطى جديد، إلى إبطال حجة الشرعية الساذجة التي استخدمت ضدنا، فها نحن الآن أمام نظام شرعى جاء بالانتخاب الشعبى الذي شهدت المنظمات الدولية على نزاهته والذى تم وفق دستور جديد أقره الشعب بأغلبية غير مسبوقة في أي من الدساتير السابقة.
فهل ما يحدث الآن في العراق، والذى امتدت آثاره إلى سوريا وصرح السياسى الأمريكى جون ماكين بأن خطوته التالية ستكون في الأردن، هو محاولة عسكرية لتحقيق الهدف الذي فشلت الأسلحة السياسية في تحقيقه؟ وهل انتقال تلك الهجمات من الشرق إلى الغرب، كما حدث في الفرافرة أمس الأول، هو امتداد لنفس المخطط؟
إن كان هذا صحيحاً فإن تلك الخطة ستكون واهية، ومن يقومون بها سيكونون واهمين لو أنهم تصوروا أن الشعب المصرى، الذي صد هجمات مماثلة طوال تاريخه الممتد عبر آلاف السنين، يمكن أن يخضع للقوة الغاشمة.
لقد تحولت مصر، بفضل ثورة 30 يونيو، إلى واحة استقرار وسط بحر من الاضطرابات السياسية التي عمت الوطن العربى من شرقنا ومن غربنا، ظلت مصر وسطها دولة قائمة بمؤسساتها المختلفة وجيشها القوى بينما يتم هدم دعائم الدولة في المناطق المحيطة بنا، لكن على من وراء هذه المخططات أن يدركوا أن تلك الدول التي يقومون بتفكيكها الآن لا يزيد عمرها على بضعة عقود، أما مصر فهى أقدم دولة في العالم ولم تنجح كل التقلبات العاصفة التي مرت عليها طوال التاريخ أن تهدم هذه الدولة، فهل يعى هؤلاء دروس التاريخ؟