«طب الجثة اختفت فين؟ وهيلاقوها امتى؟.. الغراب فعلا اندبح عشان يلاقوها.. الواحد خايف يتسخط قرد.. شيلاه ياسيدنا.. البركة لازم من السيد البدوى وغيره من أولياء الله الصالحين هي اللى بتمشى الأمور.. والحجاب تحت المخدة.. ومدد ياشيخ سيد يا أبوالكرامات».. أسئلة وجمل باتت مألوفة وتتردد بين الجمهور الذي انجذب لأحداث مسلسل «السبع وصايا» منذ حلقته الأولى التي بدأت باختفاء جثة سيد نفيسة- أحمد فؤاد سليم- بعد مقتله على يد ابنته الكبرى بوسى- رانيا يوسف- ووصل حد التشويق لدى الجمهور والاندماج مع المسلسل إلى الهوس بمصير الجثة ووضع عدة سيناريوهات تبحث كيفية اختفائها وعودتها، حتى بين الجمهور الذي يتمتع بالتعليم والوعى، مثلما باتت مشاهد التبرك بالأولية والوقوف أمام أضرحتهم طقسا يوميا لدى البعض تقليدا لأبطال المسلسل الذين تحل مشاكلهم وقتيا بالذهاب للأضرحة وفقا للدراما الشعبية القائمة على الفانتازيا التي صاغها المؤلف محمد أمين راضى.
ليفتح العمل بابا خطيرا لجمهور يؤمن قطاعا عريضا منه مهما كانت درجة تديّنه وتعليمه بأعمال السحر والعكوسات والتبرك بالأولياء والخوف من الجن «والمخاوين»، حتى لو حاول المؤلف التأكيد على أن هذه الممارسات من أعمال الدجل والنصب على البسطاء في حوار على لسان إحدى الشخصيات أحمد- وليد فواز- زوج إم إم- هنا شيحة- حين يؤكد لها أن ما يفعلانه ضمن عملهما كنصابين يجب ألا يقعا في فخه أو يتأثرا به وألا تخشى أن يسخط قردا، أو أن تحمل بوضع حجاب يحوى كلمات أغنية أسفل المخدة، كما فعلت مع إحدى زبائنها إلا أن ذلك دفع البعض لتوجيه الاتهامات للعمل منذ حلقاته الأولى بالترويج للجدل والشعوذة في نفوس الجمهور.
وإلى جانب «السبع وصايا» فإن مسلسلا آخر مثل «تفاحة آدم» تقدم خلاله حنان سليمان شخصية دجالة.
محمد أمين راضى مؤلف المسلسل قال لـ«المصرى اليوم»: قدمت خطا واضحا ومباشرا منذ البداية ورافضا لمثل تلك الأعمال من الدجل والشعوذة، ومن يتهمنا بنشر تلك الأفكار أطالبه بمتابعة المسلسل جيدا، والتفكير فيما نطرحه، فسيفهمون ما نقدمه وموقفنا من تناول تعلق كثير من المصريين ولجوئهم للدجالين الذين نقدمهم بشكل صريح بوصفهم نصابين، ومع ذلك يتوجه لهم كثيرون، مثلما يتوجهون للأضرحة للتبرك بها وللمشايخ لحل مشاكلهم، فهى عادة عند كثير من الناس.
وأضاف راضى: يخطئ من يظن أننا نروج للدجل أو التبرك بالأولية وفكرة الكرامات، لأن الأبطال حين يذهبون للأولياء تحدث لهم أمور تنتهى بكوارث وليس نتاج لهذه الكرامات، وهو ما قصدنا تقديمه منذ البداية.
د.فاطمة الشناوى خبيرة الطب النفسى أن تأثر الجمهور بما يشاهدونه في المسلسل أمر طبيعى لشعب ينفق 14 مليار جنيه سنويا على الدجالين دون الذهاب لأطباء متخصصين للعلاج أو التشخيص، حتى خريجى الجامعات يتأثرون لأننا نعانى الأمية الأبجدية والثقافية، وكثير من فئات المجتمع تتوجه للدجالين والمشعوذين في عادة مصرية يقبل عليها المسلمون والمسيحيون معا، وطبيعى أن يجذب اهتمامهم مثل هذه النوعية من الأعمال الفنية طبعا وأن تصادف هوى لديهم، كما يتوجهون للأضرحة للتبرك بها وإنفاق الأموال في صناديق النذور، لدرجة احتواء صندوق النزور بمسجد السيد البدوى قبل 3 سنوات إلى 3 ملايين جنيه.
ووصفت د.فاطمة ما يقدمه المسلسل أو أي عمل يتناول فكرة الدجل والشعوذة بمهزلة وضحك على الناس، يؤكدون من خلاله مثل هذه الخزعبلات في أدمغتهم، كما يفسدون عقولهم بطريقة ممنهجة وبشكل لا يسهم في تطور المجتمع، لأنهم بذلك يبثون سموما قاتلة.
وبررت د.فاطمة ذلك بغياب الثقافة وفساد التعليم وضعفه، وبالتالى لا يبحث الناس عما يفكرون فيه لأن الأساس الذي يرتكزون عليه ضعيف، ويأتى استمرارا لثالوث الجهل والفقر والمرض الذي تحدث عنه طه حسين حين كان وزيرا للمعارف في الخمسينيات وما زلنا في 2014 نعانى منه، وهو سبب تدنى مستوى الأعمال الفنية لدرجة مخاطبتها الجهلاء ولعبها على هذا الوتر.
وأضافت المسلسل يأتى استمرارا لما يقوم به الإعلام من نشر للجهل والخرافات، وفعلها من قبل برنامج «صبايا الخير» الذي تقدمه ريهام سعيد، واستضافت فيه فتاة تبكى دما وأخرى ممسوسة مسا شيطانيا كما ادعوا، ومثل هذه النوعية من الأعمال يجب وقفها فورا.
الناقد سمير شحاتة قال إنه حتى لو صناع مسلسل «السبع وصايا» يؤكدون أن ما يقوم به البطلان «أحمد وإم» أم نصبا على لسان الشخصيتين في الحوار، ومدركان تماما لممارستهما الدجل، فإن الخطورة تأتى في التأثير والمصداقية لدى الجمهور بشكل كبير، خاصة مع وضع ضريح وهمى أيضا للأب سيد نفيسة، وكذلك على خلفية ارتكاب كثير من الجرائم التي يقوم بها الأبطال تتردد التواشيح الصوفية، ما يجعل المتفرج خاصة من البسطاء يربط بينها وبين ما يسمعه ويتأثر ولو بشكل غير مباشر، كذلك مسألة الأحجبة واختفاء الجثث، لكن الإيمان بالقوى الخفية والكرامات من الأمور السائدة والطبيعية في مجتمع أكثر من 60 % منه أميون، ويعتقدون في ذلك وخاصة في المناطق الشعبية وحتى المتعلمون يصدقون مثل هذه الترهات.
أضاف شحاتة: في مسلسل «تفاحة آدم» قد يكون الأمر أكثر خطورة، لأنه يقدم شخصية ريهام عبدالغفور وهى مقتنعة تماما بالدجالة التي تجسد دورها حنان سليمان، وتتوجه لها لتعمل عمل، رغم أن المسلسل يقدم حنان كنصابة، أيضا في مسلسل «سراى عابدين» تستعين مى كساب بمشعوذة لمباركة ابنها، وتبحث الأم خوشيار- يسرا- عن أحجبة قد تكون مخبأة لابنها الخديو إسماعيل وتدفعه للتصرف ضدها، ورغم قيامه بنهرها ومحاولة إثنائها عن ذلك التصرف، فإن مثل هذه المشاهد تبقى في الذاكرة لدى الجمهور.