x

هانى عزيز مستشار البابا شنودة لـ«المصري اليوم»: 4 آلاف قضية من إجمالى 12 مليون قبطى ليست مشكلة.. ولائحة 38 ليست تشريعاً

الأربعاء 16-06-2010 00:00 |

اعتبر هانى عزيز، مستشار البابا شنودة الثالث، بابا الإسكندرية، بطريرك الكرازة المرقسية، أن صدور حكم المحكمة الإدارية العليا، بإلزام البابا بمنح المطلقين تصريحاً بالزواج الثانى، أثناء إجراء انتخابات مجلس الشورى، وقبل إجراء انتخابات مجلس الشعب، كاف لدفع الأقباط إلى عدم المشاركة فى الانتخابات، طالما أن الحكم ضد دينهم، مؤكداً أن 4 آلاف دعوى قضائية بسبب الطلاق والزواج الثانى من إجمالى نحو 12 مليون قبطى ليست مشكلة.

وأضاف «عزيز» فى حواره مع «المصرى اليوم» أن لائحة 1938 التى استندت إليها المحكمة فى حكمها ليست نصاً تشريعياً، وإنما مجرد لائحة، مؤكداً عدم إمكانية اتهام البابا بعدم تنفيذ أحكام القضاء، لحصوله من قبل على حكم بالبراءة فى دعوى قضائية بهذه التهمة، مشيراً إلى أن القيادة السياسية طمأنت البابا بإيجاد حل للأزمة ليلة «أربعاء الغضب»، فطلب البابا من الرعايا الذين كان مقرراً حضورهم بكثافة، حضور العدد المعتاد فى عظته الأسبوعية، وإلى نص الحوار:

■ هل كان حكم المحكمة الإدارية العليا بإلزام البابا بمنح المطلقين تصريحاً بالزواج الثانى، مفاجئاً للكنيسة، سواء فى توقيته أو منطوقه؟

- بالطبع، فعلى مستوى المضمون هناك العديد من النقاط التى أغفلتها المحكمة، فنحن دولة إسلامية، والدستور ينص على أن الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسى للتشريع، وقداسة البابا شنودة استشهد بالحديث القدسى القائل: «إذا أتاكم أهل الذمة، فاحكموا بينهم بما يدينون»، وكان أمام المحكمة أيضا الحكم الجنائى الصادر عام 2008 من محكمة الوايلى الجزئية، برئاسة المستشار أحمد محمد عبد الحكم،

فى إحدى القضايا التى اختصم فيها أحد الأقباط البابا، إذ قالت المحكمة فى حيثيات الحكم: «وقد تبين للمحكمة انتفاء صفة الموظف العمومى عن المتهم (البابا شنودة) لأن القضاء الإدارى عرف الموظف العام بأنه كل شخص يعمل فى إدارة مرفق عام تديره الدولة، والبابا شنودة هو الأب الروحى لجميع الأقباط الأرثوذكس لجمهورية مصر العربية، وهو المرجع الذى يرجع إليه أى مسيحى فى أى أمر من شؤون الطائفة بما فى ذلك الأمور الدينية»،

كما أن تنصيب البطريرك يكون عن طريق طقوس دينية ولا يصدر قرار إدارى بتعيينه فى وظيفة، كما أنه ليس للدولة سلطة إشرافية تمكنها من الإثابة والعقاب للبابا، والقاعدة تقول إن الحكم الجنائى يلغى الإدارى.

■ وماذا عن توقيت صدور الحكم، خاصة أنه صدر فى قضيتين فى يوم واحد؟

- اختيار توقيت إصدار الحكم من الممكن أن يثير بلبلة، لأن تزامنه مع إجراء انتخابات مجلس الشورى، وقبل إجراء انتخابات مجلس الشعب قد يدفع المسيحيين لعدم الإدلاء بأصواتهم، فهو بذلك يضر المجتمع المسيحى، فعندما تصدر الدولة حكما ضد دينى فلماذا أشارك فى الانتخابات؟!

■ ولماذا لا نقول إن المسيحيين قد يختارون الضغط السياسى بالتصويت لتعديل الحكم؟

- الكنيسة ضد أسلوب الضغط، وضد تحقيق مكاسب سياسية نتيجة لموقف.

■ لكن الحكم قضائى فى حين أنكم تحمّلونه أبعادا سياسية؟

- الشارع هو الذى يتكلم، والشارع المصرى عموما وليس القبطى فقط، يرفض هذا الحكم، وأنا هنا لا أعلق على الحكم لكننى أعلق على ما فعله القاضى بعد إصدار الحكم بدعوة الإعلام لشرح الحكم فى سابقة لم تحدث من قبل.

■ لكن حيثيات الحكم أكدت أنها استقت الحكم من الشريعة المسيحية ذاتها وليس من مبدأ علمانى أو مدنى، ودليلها فى ذلك لائحة 1938، والتى أجازت لكل من الزوجين بعد الحكم بالطلاق، أن يتزوج من شخص آخر إلا إذا نص الحكم على حرمان أحدهما أو كليهما؟

- لائحة المجلس الملى مجرد لائحة وليست نصاً تشريعياً، لأنه لا اجتهاد مع النص، والبابا شنودة اعترض على لائحة الأحوال الشخصية التى تتحدث عنها منذ رسامته عام 1971، ومحامى الكنيسة وضع اقتراحات الكنيسة لتعديل اللائحة أمام الدائرة القضائية، فلماذا أغفلها القاضى وعاد إلى لائحة 1938.

■ المحكمة قالت فى حيثياتها لتؤكد أنها مستمدة حكمها من الشريعة المسيحية: «من المبادئ الأصولية فى الشريعة المسيحية أنها تقوم على وحدانية الزوجة بما لا يجوز معه للمسيحى أن تكون له سوى زوجة واحدة فإذا انفصم عقد الزواج زال المانع وجاز له الزواج ثانية، ولما كان الثابت أن الكنيسة قد اعتدت بطلاق زوجة المطعون ضده، وأجازت لها الزواج ثانية باعتبار أن العلاقة الزوجية قد انفصمت بطلاق بائن، فمن ثم لا يسوغ لها حرمان المطعون ضده من الزواج ثانية كنسياً على اعتبار أن سند الأحكام القضائية الصادرة فى تلك المنازعات ليس مستمداً من الشرائع السماوية بصفة مباشرة»، ما تعليقك؟

- المحكمة هنا أغفلت أن البرىء من الزوجين وممن ترتضى الكنيسة شهادتهما يحصل على حكم زواج، وبالتالى فالزوجان غير محرومين من الزواج الثانى لكن باشتراط أن يكون بريئاً، فالقضية محسومة منذ الأزل، وقد نشرت جريدة الأهرام فى مارس 1956 موضوعا تحت عنوان «حكم مهم للقضاء فى طلاق المسيحيين.. محكمة الأحوال الشخصية تتمسك بتعاليم الدين وترفض طلاق سيدة من زوج معسر»، وأضاف الموضوع أنه لا طلاق إلا لعلة الزنى، وقد نظر القانون إلى لائحة قديمة دون النظر إلى الدستور والحديث القدسى الذى يؤكد أن يتم الحكم بين أهل الذمة بدينهم.

■ لكن بعض الأقباط العلمانيين مثل كمال زاخر أدان لجوء البابا لذلك، معللا أنه لا يجوز استخدام أدوات إسلامية فى التعامل مع النص المسيحى لوجود اختلافات بين طبيعة النصين، فالقرآن - كما قال زاخر فى تصريحاته للصحف - نص إلهى مباشر، أما الإنجيل فقد كتبه رجال مرشدون؟

- قداسة البابا شنودة يحفظ كل الكتب السماوية، ودائما ما يدعى للمؤتمر الإسلامى، وفى أحد المؤتمرات الإسلامية عام 1971 تمت مناقشة هذه القضية، واستشهاد البابا بما قاله الدين الإسلامى ليؤكد أن كل الأديان متفقة فى الكثير فيما عدا اختلافات قليلة، والإنجيل نص ولا اجتهاد مع النص، وأناجيل متى ولوقا نصوص لأنها بشارات عيسى والتى كتبها تلاميذه.

■ الأقباط الذين يقيمون دعاوى قضائية للزواج الثانى أو الطلاق - والتى يصل عددها إلى 4 آلاف دعوى - يؤكدون دائما استحالة إثبات واقعة الزنى، وهو ما يجعل الشرط مستحيل التحقق، فما هو الحل؟

- هناك الزنى المعرف والذى يواقع فيه رجل امرأة أخرى وهو يستحيل إثباته بالفعل، لكن هناك زنى حكمياً وهو ما يمكن إثباته، وهو من خلال صور فوتوغرافية، أشرطة فيديو واضحة، محادثات تليفونية واضحة، شهود عيان تثق الكنيسة فى اعترافاتهم، وهى أمور كلها تخضع لتقدير الأب الكاهن، فهناك اعترافات يقوم بها أقباط للأب الكاهن بوقائع زنى، وهو ما يجعل أسباب الطلاق غير معلنة للعامة، حفاظا على العلاقات الأسرية،

فربما يكون هناك شخص زان وله أولاد، والكنيسة تحتفظ بالأسباب، حفاظا على تلك الأسرة، ثم إن العدد ليس كبيرا كما تصوره الصحافة لأن أصحاب القضايا التى يصل عددها إلى 4 آلاف بعضهم أنصفته الكنيسة، وبعضهم غير ملته، ثم إن المجلس الملى يعمل منذ 21 سنة لنحو 10 أو 12 مليون قبطى، عندما يكون العدد 4 آلاف قضية من جملة 12 مليون قبطى فليست هناك مشكلة.

■ وهل حددت الكنيسة الخطوات المقرر اتخاذها لاستشكال الحكم؟

- لم يتم بت هذا الأمر مثلما قالت الصحف بأننا سنقدم استشكالا أمام المحكمة الدستورية العليا، لأن البابا كلف محامى الكنيسة السيد منصف سليمان، عضو المجلس الملى، بنظر الأمر، وسيتخذ قراره بعد لقاء يجمعهما سوياً.

■ وهل تتوقع أن يقتصر تصرف البابا على الحل القانونى فقط، أم يتجاوزه إلى تقديم التماس إلى الرئيس مبارك، حسبما تردد خلال الأيام الماضية؟

- البابا لم يقدم التماسا للقيادة السياسية، لكن مبارك بعقله وحكمته هو من بادر وطمأن البابا شفويا من خلال شخص رفيع المستوى بأن القيادة السياسية ستعمل على حل قانونى، لأن الرئيس لا يتدخل فى أحكام القضاء وكذلك البابا، وكانت الطمأنة، مساء الثلاثاء، فى الليلة التى سبقت «أربعاء الغضب»، وكان من المفترض أن يحضر آلاف من المسيحيين الغاضبين، لكن البابا طلب بحنكته ألا يزيد الحضور على العدد المعتاد فى اللقاء الأسبوعى، ثم طمأن الأقباط.

■ وماذا ستفعل الكنيسة مع الراغبين فى الحصول على تصريح بالزواج الثانى حتى صدور حل قانونى؟

- البابا له موقف ثابت هو أنه لا حكم قضائياً يجبره أو يجبر أحد الكهنة على مخالفة الإنجيل أو السماح بالزواج الثانى للمطلقين.

■ لكن ذلك قد يجعل البعض ينذر الكنيسة أو البابا شنودة لامتناعه عن تنفيذ حكم قضائى؟

- تم بالفعل إنذار البابا شنودة، وأقيمت ضده جنحة امتناع عن تنفيذ حكم قضائى، لكنه حصل على البراءة.

■ لكن الحكم فى تلك القضية يسبق حكم المحكمة الإدارية العليا وهو ما يعنى أن الموقف اختلف بالنسبة للمطلقين؟

- لكنها نفس القضية، والقاعدة القانونية تقول إنه لا يتم الفصل فى دعوى سبق الفصل فيها.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية