x

جيهان فوزي هل مكتوب على غزة الدمار؟ جيهان فوزي السبت 12-07-2014 21:58


من حرب إلى حرب تجر غزة أذيال الانكسار عاما بعد عام، كلما تنهض من كبوتها وتتكئ على جدرانها المدمرة لتتعافى، يدكها الخراب من جديد قدرها أنها رسمت على خريطة النسيان فاعتزلتها الحياة مثلما فرضت عليها العزلة، تناوبت عليها حروب ثلاثة خلال ستة أعوام، ومن قبل الحروب الغادرة التى حلت بأهلها كانت ضحية للألعاب السياسية بتفاصيلها القذرة، وصراعاتها التى لم تبق ولم تذر، بحرها الهائج يشهد على سقوط الأقنعة وأنين ثكلاها وتكالب المتربصين بها، لم يتوقف ذرف الدموع يوما وهى تودع الشهيد تلو الشهيد ثم تبحر فى النسيان واستئناف المسيرة، ترى إلى أين تتوقف رحلتها الأخيرة، والكل ينهش فى جسدها المنهك فالدمار والخراب يحيط بها من كل الاتجاهات، واستغاثاتها الواهنة تضيع مع أمواج بحرها الذى ابتلع صراخها وطوى جراحها وابتعد.

هل كتب عليها إنجاب كتائب الشهداء؟ هل سجل فى تاريخها ألا تهنأ باستنشاق رحيق أزهار شبابها؟ هل قدرها أن تبتلع صبار السنين بكم التجاهل الذى منيت به طوال سنوات الاحتلال الطويلة؟ الذى لم يهتم بتطوير بنيتها التحتية، ولم يلتفت إلى إعمارها وهى ترزح تحت خط الفقر والعوز، فأفرخت التطرف الذى انبثق منه فصائل الإسلام السياسى، ما جعل إسحق رابين رئيس وزراء إسرائيل الراحل، يتمنى أن يبتلعها البحر, نفس الأمنية التى أرادها إرئيل شارون أيضا لغزة وأهلها، حينما تركها تغوص فى الخراب والدمار بعدما أعلن الانسحاب أحادى الجانب عام 2005، مخلفا وراءه تركة ثقيلة لأهلها يدهسها الفاقة والحاجة ونضوب الموارد وتتنازعها الصراعات السياسية والأيديولوجية.

«لن تنته العملية العسكرية البرية قبل أن تحقق أهدافها».. وطبعا أهدافها المعلنة ضرب البنية التحتية لحركة حماس, قالها نتنياهو اليوم وهو يعلن عن بدء عملية عسكرية برية محدودة فى حربه الثالثة على قطاع غزة، وقالها قادة إسرائيلين سابقين من قبل أثناء الحرب على غزة عام 2008، وقالوها أيضا فى حرب 2012، لكن أى من هذه الأهداف التى زعموا تحقيقها لم تتحقق قط، فقط ما تحقق هو مزيدا من الدمار ومئات الثكلى وآلاف الجرحى والشهداء، والأهم تعميق ثقافة الكراهية والثأر داخل كل فلسطينى، والتذكير بأن الاحتلال هو اغتصاب للأرض والعرض والكرامة والحرية، ومحاربته فرض عين على كل وطنى حر، أما إسرائيل فهى على يقين أنها لن تهنأ بالراحة طالما هناك مقاومة، والمقاومة هنا غير مقصورة على حركة حماس.

إسرائيل كذبا تتدعى أنها تريد القضاء على صواريخ حماس واجتثاث إرهابها من جذوره وصواريخها التى تقض مضاجع سكانها ومستوطنيها، وإلا لماذا فوجئت بالقدرة التى تتمتع بها صواريخ حماس للوصول إلى قلب الجليل الأعلى فى عكا وحيفا والقدس؟ ذلك التطور النوعى فى أسلحة حماس وتطور قدرتها الصاروخية يدحض ادعاءات إسرائيل برغبتها فى القضاء عليها, فهى تدرك جيدا أن حماس كانت خير من يلتزم بالتهدئة إذا ما دخلت حيز التنفيذ، ووجود حماس فى المشهد السياسى يشكل حجر عثرة فى الوصول إلى أى اتفاقيات تنجم عن استحقاق المفاوضات، بل إن حماس كانت ظهيرا مهما لأمن إسرائيل فى وقت ما تستغله وقت الحاجة ضد فصائل المقاومة الأخرى وبالذات الجهاد الإسلامى، واهم من يعتقد أن إسرائيل لا ترغب بوجود حماس فى غزة، لأن حماس بالنسبة لإسرائيل المعادل لشق الصف الفلسطينى والانقسام الجيوسياسى بين الضفة وغزة، وليس مطلوبا منها أكثر من ذلك ولا أحد سواها يمكنه أن يلعب هذا الدور بما يشكله من غصة شديدة فى حلق الشعب الفلسطينى بمختلف أطيافه السياسية، وفى كل الأحوال الذى يدفع الثمن دائما هم أبناء الشعب المغلوب على أمره المكبل بأهواء السياسيين ومصالحهم، يدفعون أثمانا غالية فى كل صباح يشرق عليهم وكل مساء ربما لا يمسى على حياتهم البائسة.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية