تُحرك الغزيّة «سهى أبوسعدة»، كرسيّها المتحرك، بيدين باردتيّن ترتجفان، فيما يهتز جسدها المُقعد النحيل خوفا من أصوات القصف الإسرائيلي، وما تشنه الطائرات الحربيّة من غارات مكثّفة طوال الوقت، تحيل الغرفة إلى كتلة من الاهتزازات.وترفض رفيقتها «علا وشاحي».
مخاوفها، وتحاول طمأنتها بعد أن ترسم على شفتيها ابتسامة واثقة:«نحن في جمعية لتأهيل المعاقين، لا يمكن للطائرات الإسرائيلية أن تستهدف هذا المكان، لا تخافي».«أتظنين ذلك»؟ تسألها أبوسعدة بثقـة، وقبل أن تُكمل الاثنتان حوارهما، تباغتهما غارة إسرائيلية تُحيل الغرفة إلى كومة من الدمار.
وتتحول «أبوسعدة»، 42 عاما، ورفيقتها و«شاحي»، 31 عاما، بكرسيهما المتحرك إلى أشلاء، تشهد كما تقول «سلوى أبوالقمصان»، على دموية إسرائيل، وتجردها من الإنسانية.
ولا تُصدق «أبوالقمصان»، وهي إحدى الناجيات من القصف الذي استهدف، صباح السبت، مقر جمعية مبرة فلسطين لتأهيل ذوي الاحتياجات الخاصة شمال قطاع غزة، أن القصف الإسرائيلي طال مركزا للمعاقين، تسبب بمقتل اثنتين، وإصابة 4 آخرين بجراح بالغة.
وتتابع «أبوالقمصان» التي تعمل مساعدة لصاحبات ذوي الاحتياجات الخاصة في الجمعية:«سهى كانت خائفة من الغارات، ومن العدوان الشرس الذي تزداد حدته في كل ساعة، ولكن الجميع في الغرفة كان يُخبرها بأننا في أمان، وأننا في مكان استثنائي، ولكن ما جرى كان صادما، ولا يمكن لبشر أن يتخيله».
وتتساءل عن الذنب الذي اقترفته حلا وسهي، والأخريات الأربع اللواتي تعرضن لحروق وإصابات بالغة، ترقد اثنتان منهم في العناية المركزة.
وتستدرك:«لم يحملنّ صاروخ على إسرائيل، هنّ مقعدات على كراسٍ متحركة، ظنوا أنهم في مأمن من هذا الموت».
وتقول جميلة عليوة، مديرة جمعية مبرة الرحمة، إنّ إسرائيل لا تراعي أي حقوق، وتتجرد من كل إنسانية».