x

المصرى جمال هلال المستشار السابق فى البيت الأبيض لـ«المصرى اليوم»: الولايات المتحدة لا تلعب أى دور فى اختيار الرئيس المقبل لمصر

الثلاثاء 15-06-2010 00:00 |

كان لسان 4 رؤساء أمريكيين فى كل الاجتماعات التى تمت بين الولايات المتحدة وزعماء وملوك الدول العربية المؤتمن على أسرار المباحثات السرية والعلنية فى مفاوضات السلام الفلسطينية-الإسرائيلية وفى الملف العراقى.

أفرد له الرئيس السابق بيل كلينتون فقرات كثيرة فى كتابه «حياتى». وقال عنه آرون ميللر، مستشار وزراء الخارجية الأمريكيين (1978- 2003) إنه من القلائل الذين كان يمكنهم معارضة الرئيس الأمريكى.

يصغى الرئيس لنصيحته، لذا اعتبرته مجله «جى كيوه» الأمريكية فى أغسطس 2008 من أقوى 50 شخصية مؤثرة فى القرار الأمريكى. ولم يتوقف نفوذه على الدوائر الأمريكية فقط بل حظى بصداقات قوية مع عدد كبير من الرؤساء والزعماء والسياسيين البارزين فى المنطقة.

إنه جمال هلال، الذى استقال من منصبه كمستشار سياسى للرئيس الأمريكى لشؤون الشرق الأوسط وأمن الخليج فى أكتوبر الماضى، ليستقر الآن فى مكتبه الكائن بإحدى البنايات الفخمة وسط واشنطن، بعدما قرر ترك الإدارة الأمريكية، لينشأ مكتبه الاستشارى الخاص ويصبح مستشار شركة «إكسون مويل» العملاقة للنفط والغاز- من كبريات شركات الغاز فى العالم.

قضى «هلال» قرابة ربع قرن فى العمل الدبلوماسى كمترجم خاص ومستشار سياسى فى وزارة الخارجية الأمريكية والبيت الأبيض، بدأها أواخر عهد رونالد ريجان، مروراً بالرئيس جورج بوش الأب، ثم بيل كلينتون، ثم جورج بوش الابن، حتى الرئيس الحالى باراك أوباما.

وفى هذا الحوار، يتحدث هلال- مصرى الأصل- عن سبب استقالته من منصبه ورؤيته لمستقبل المفاوضات الفلسطينية-الإسرائيلية والملف النووى الإيرانى وأثره فى المنطقة العربية، كما يتطرق إلى المستقبل السياسى لمصر وعلاقاتها الثنائية مع الولايات المتحدة.. وإلى نص الحوار:

■ بداية.. لماذا استقلت من منصبك وهل انتهت بذلك علاقتك بالإدارة؟

- لقد تقاعدت بشكل رسمى، لكن بين الحين والآخر تطلب منى الإدارة التدخل فى بعض المواقف، وهو ما لا أمانعه. طلبوا منى مثلا حضور مؤتمر الأمن النووى واستجبت. ولم تكن استقالتى اعتراضا على السياسات الأمريكية فقد عملت لأكثر من 22 عاما مع 5 إدارات بأعلى المستويات فيها وأصبت بنوع من الإرهاق لأن العمل مع الحكومة شاق ويستدعى السفر المتزايد والعمل لأكثر من 16 ساعة متواصلة، إضافة إلى رغبتى فى التواجد بشكل مكثف مع ابنى الذى يبلغ 15 عاما.

■ لماذا تهتم واشنطن بالمستقبل السياسى لمصر والانتخابات القادمة، وما رأيك فى الأسماء المطروحة على الساحة.. من جمال مبارك إلى الدكتور محمد البرادعى.. إلى عمرو موسى والدكتور زويل؟

- الانتخابات المصرية شأن مصرى خالص. ومن سيكون الرئيس القادم لمصر هو قرار فى يد الشعب المصرى وحده، والولايات المتحدة لا تلعب فيه أى دور. من يدعى أن الولايات المتحدة تلعب دورا فى اختيار الرئيس شخص مخطئ وتصوراته خاطئة. فالولايات المتحدة ليست لها القدرة فى تحديد رئيس دولة أو حكومة فى أى دولة مهما كانت، والاهتمام الأمريكى بمستقبل مصر ينبع من دورها فى دعم استقرار المنطقة كونها أهم حليف استراتيجى لأمريكا فى المنطقة.

أما بالنسبة للشخص الذى يترأس مصر فيجب أن يكون هذا القرار مصرياً 100% ولا يحق لأى طرف التدخل فيه. ويجب ملاحظة أن التعداد السكانى يبلغ 80 مليوناً، 35% منهم تحت سن 14 سنة وأكثر من نصف تعداد مصر تحت سن الأربعين، أى هناك فجوة كبيرة فى الأجيال وسيقع على عاتق الرئيس المصرى المقبل تلبية احتياجات هذه الأجيال من تعليم ورعاية صحية وخلق وظائف.

■ تظل المعونة الأمريكية لمصر من القضايا المهمة بين البلدين وهناك مطالب مصرية وأحيانا أمريكية بقطعها، ما رأيك؟

- بشكل عام المعونة الأمريكية لمصر بدأت منذ توقيع اتفاقية كامب ديفيد وهى أموال دافعى الضرائب الأمريكيين، وقد لعبت دورا أساسيا فى البنية التحتية فى مصر خلال عقد الثمانينيات والتسعينيات، فى وقت كانت شبه معدومة سواء فى المياه أو المجارى أو المواصلات أو الكهرباء، لذا لا يمكن إنكار دورها فى السابق أما مصيرها ومستقبلها فهذا شىء صعب التنبؤ به.

■ هناك أصوات مصرية فى الولايات المتحدة تطالب بحقها الدستورى فى التصويت عبر السفارة وقنصلياتها فى واشنطن فهل هذا شىء يمكن تحقيقه؟

- هذا أيضا قرار مصرى 100%، فالسلطة التشريعية فى مصر هى التى تقرر ما إذا كان من الممكن لأى مواطن مصرى أيا كان مكان إقامته الحق فى التصويت أم لا. وإذا قررت الحكومة المصرية ذلك فعملية تنفيذه ستكون فى غاية السهولة، وهناك العديد من دول العالم تسمح لمواطنيها الذين يعيشون بالخارج بالتصويت، فمن الناحية اللوجيستيكية العملية ليست معقدة.

■ إذا انتقلنا إلى القضية الفلسطينية ومباحثات الرئيس الفلسطينى محمود عباس مع الرئيس الأمريكى باراك أوباما، كيف ترى فرص استئناف مفاوضات السلام خاصة فى ظل الخلافات بين فتح وحماس، والتنديد الدولى بالهجوم الإسرائيلى على قافلة الحرية؟

- أبومازن فى موقف لا يحسد عليه فهو صاحب اتجاه عقلانى وله دور طويل فى مسألة التعايش مع إسرائيل ومن الذين يتبنون حل إقامة الدولتين، لكن الظروف حتى الآن لم تساعد فى تحقيق هذا الهدف ومن هنا تأتى صعوبة موقفه، فالبرغم من تبنيه الموقف الصحيح لمستقبل القضية الفلسطينية فإن عدم إثمار شىء حتى الآن يضع اللوم عليه وهذا شىء مجحف أن يلام على هذا الموقف الشجاع. وقد جاءت زيارته إلى الولايات المتحدة فى إطار تنشيط المفاوضات غير المباشرة مع إسرائيل وهو يدرك تماماً وكثير من القادة العرب أيضاً يدركون أنه لا يمكن الوصول إلى حل مع أى حكومة إسرائيلية دون مفاوضات مباشرة.

أما الخلاف بين فتح وحماس فقد عاصرت أكبر جزء من هذا الصراع أثناء عملى بالحكومة، وربما يقول البعض إن هناك أخطاء ارتكبت من قبل منظمة فتح على مدى العقود فى قيادتها للقضية الفلسطينية (وهناك أعضاء فى حركة فتح يقرون بهذا) لكن ما ارتكبته حماس من انقلاب أطاح بالسلطة الفلسطينية المعترف بها عالمياً وفلسطينياً هو جريمة بكل المعايير ضد الشرعية، ورغم ذلك ينظر لها البعض على أنها منظمة مغلوبة على أمرها.

فحماس تعمل من خلال خطة محددة، وآخر ما يخطر فى ذهن حماس هو القضية الفلسطينية والمصلحة الحقيقية للشعب الفلسطينى، ونجاحها فى الانتخابات لا يعنى أن تضرب بعرض الحائط كل القوانين والاتفاقات والمواثيق، فالانتخابات ليست رخصة لتقوم بالترويج للأجندة الخاصة بها، فهذه صورة مزيفة للديمقراطية، ومنظمة التحرير الفلسطينية هى الممثل الشرعى والوحيد للقضية الفلسطينية، وهذا مثبت فى مواثيق وقمم عربية ومؤتمرات دولية.

أما بالنسبة للهجوم على قافلة الحرية فأعتقد أن الحكومة الإسرائيلية أساءت التصرف بشكل كبير ولم يكن هناك مبرر لاستدعاء قوات الكوماندوز لإيقاف السفينة، فعملية قتل غير المسلحين عملية مدانة، ولابد من التحقيق فى هذا الأمر وإسرائيل لن تقبل بالتحقيق الدولى، لكن التاريخ أثبت أن التحقيقات الداخلية الإسرائيلية على مدى السنوات السابقة تنتج عنها إطاحة برؤساء وزارات، وهناك رؤساء وزارات فى السجون نتيجة ارتكابهم مخالفات ضد القانون، لذا فمن وجهة نظر الولايات المتحدة أن التحقيق الداخلى سيكون مقبولا، فالمهم أن يتم تحديد الأخطاء ومن ارتكبها فى الجانب الإسرائيلى حتى تتم معاقبته.

أما بشأن فرص استئناف المفاوضات، فالإدراة الأمريكية تعمل الآن من خلال المفاوضات غير المباشرة، وقناعتى أنها لن تؤدى إلى نتائج فعلية، فإذا لم تتفاوض الأطراف بشكل مباشر فالنتيجة سراب.

■ ماذا بشأن المبادرة العربية التى تبنتها الجامعة العربية لحل قضية الصراع العربى ـ الإسرائيلى والاعتراف بدولة إسرائيل وتطبيع العلاقات معها إذا انسحبت من الأراضى المحتلة ومرتفعات الجولان ومزارع شبعا، وهل الشعوب العربية مستعدة للسلام مع إسرائيل؟

- المبادرة العربية هى أول وثيقة رسمية تصدر من الأطراف العربية بشكل جماعى، وتقول بشكل صريح إنه إذا انسحبت إسرائيل من الأراضى العربية، تقوم جميع الدول العربية ببدء علاقات دبلوماسية معها، وبرغم أهمية هذه المبادرة فإنها واجهت مشكلة الفارق بين النص الجيد وأساليب وآليات التنفيذ والخطوات، وتحولت من كونها مبادرة سياسية تحتاج إلى آليات تفعيل وتسويق وإقناع إلى مجرد إنذار إما أن يقبل أو يرفض، وفى العمل السياسى هناك صعوبة لقبول مثل هذا النهج، وكان لابد من تواصل لشرح المبادرة وإقناع الطرف الآخر بها.

وكذلك أخطأ الطرف الإسرائيلى على مدى حكومات متعاقبة فى عدم أخذ هذه المبادرة المهمة بجدية ولم يستفسر عنها أو يتناولها ويضعها ضمن بنود المرجعية التى يتفاوض فيها مع الأطراف العربية، وهذا تقصير شديد وربما تكون فرصة قد تندم عليها إسرائيل فيما بعد.

مدى استعداد الشعوب العربية لقبول السلام مع إسرائيل أيضا له إشكالياته، فمن الصعب أن يتم شحن طرف ضد طرف آخر، وهذا الشحن موجود لدى الطرفين، فهناك أخطاء عربية فادحة فى تصوير أن إسرائيل هى العدو الأزلى، ومهما وصلت الأمور إلى اتفاقات سلام ستظل إسرائيل هى العدو الدائم، فهذه الرسالة التى يتم تناولها بشكل دائم فى الإعلام العربى لا يمكن أن تنبع من مجموعات ترى فائدة فى عملية التعايش، أيضا فى الجانب الإسرائيلى هناك اتجاهات متشددة تشحن الرأى العام ضد الجانب العربى باعتباره العدو الدائم لإسرائيل، وهذا الشحن على الجانبين يستهدف استمرار الصراع، ولا يتماشى مع المناداة بحل الدولتين.

■ إيران عامل يثير القلق فى المنطقة العربية بسبب طموحها النووى، هل تعتقد أن العقوبات الأخيرة التى أصدرها مجلس الأمن ستؤدى إلى كبح جماح إيران النووى؟

- لا أعتقد أن العقوبات التى فرضت ستؤدى إلى إيقاف الجهود الإيرانية من أجل تخصيب اليورانيوم، والقرارات الأخيرة تستهدف تسجيلاً لأخطاء إيرانية فادحة فى المستقبل وبناء سجل من المخلفات، وفى الماضى القريب فى قضية العراق كانت هناك مخالفات من نظام صدام حسين لمدة 12 عاما أدت إلى إثبات أن النظام العراقى والدولة لا يحترمان القوانين الدولية، وبالتالى أدى ذلك إلى الإطاحة بنظام صدام، ولا أقول إن ذلك قد يؤدى إلى شن حرب ضد إيران لكن سيكون هناك المبرر القانونى إذا فكر البعض فيما بعد فى استخدام القوة العسكرية ضدها.

■ البعض يرى أنه من الجيد أن تمتلك دولة إسلامية مثل إيران سلاحاً نووياً ليحدث توازن مع امتلاك إسرائيل ترسانة نووية.

- الأسلحة النووية لا ترتبط بالاديان، كما أن باكستان تمتلك أسلحة نووية وهى دولة إسلامية، والسلاح النووى من اخطر الأسلحة، وإيران فى مسعاها للسلاح النووى قالت علنا إنها تريد تدمير إسرائيل، ولكن هل ستقوم إيران بذلك فعلياً فإذا حصلت على سلاح نووى واستخدمته ضد إسرائيل ستكون الطرف الذى سينهى القضية الفلسطينية شعبا وقضية لأن السلاح النووى لن يفرق بين إسرائيلى وفلسطينى.

والحقيقة أن كلا من إيران وتركيا تنظران إلى المنطقة العربية باعتبارها متعطشة إلى من يقودها وتغازل الدولتان فكرة فرض الهيمنة والسيطرة على المنطقة العربية وهذا صعب لأن هناك دول قائمة مثل مصر والمملكة السعودية لها ثقلها الكبير، كما أن هناك فارقا بين المشاعر الملتهبة التى تمجد أحمدى نجاد أو أردوجان وبين تحقيق تغيير إستراتيجى فى المنطقة.

لا تمتلك إيران أو تركيا العمق التاريخى الذى يربطهما بالقضية الفلسطينية وبالتالى كل ما نشاهده الآن أنشطة دبلوماسية بهلوانية وقتية، فقد خرجت مئات المظاهرات فى العالم العربى وفى تركيا للتنديد بالهجوم الإسرائيلى على قافلة الحرية بينما لم تخرج مظاهرة واحدة فى طهران تضامنا مع الشعب الفلسطينى. وآجلاً أم عاجلاً سيتبين لشعوب المنطقة أن ما تفعله إيران وتركيا هو من أجل التلاعب بالقضية الفلسطينية واستغلالها وليس من أجل حلها وبناء مستقبل أفضل للشعب الفلسطينى.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية