لا أعرف لماذا يصر كثيرون على تجاهل روابط وجماعات الألتراس وعدم الالتفات إليهم إلا إذا كانت هناك خطايا وأخطاء وجرائم ودماء.. فإن كانت هناك وقائع جميلة وطيبة ورائعة فلا حديث أو إشادة أو حتى إشارة.. ولأننى لست مقتنعا بذلك ولا أقبله أو حتى أفهمه.. فإننى أتوقف الآن أمام ما قام به ألتراس الزمالك.. أو الوايت نايتس.. حين ذهبوا وملأوا مدرجات استاد إسكندرية، ليلة أمس الأول، أثناء مران الزمالك الأخير قبل مباراته أمس أمام حرس الحدود فى كأس مصر.. فإلى استاد الإسكندرية ذهب عشاق الزمالك ليكونوا مع الزمالك.. ذهبوا حين أدركوا أن هذا هو وقتهم ودورهم وواجبهم.. فالعاشق الحقيقى هو الذى قد لا تجده إلى جوارك فى أوقات فرحك وانتصارك، لكنه دائما أول من تراه فى أوقات الوجع ومواسم الحزن.. وللزمالك عشاق حقيقيون ورائعون.. ليسوا مع الزمالك فقط حين يفوز وينتصر، وإنما هم معه فى كل وأى وقت.. ولست أكتب هذا لأشكرهم على هذا.. فالعاشق الحقيقى أيضا لا ينتظر أى شكر أو مقابل لما يقدمه طائعا وراضيا من عشق وامتنان وانتماء.. لكننى أحببت فقط تسجيل هذا الموقف الراقى والرقيق والنبيل والجميل للوايت نايتس ولكل عشاق وأبناء الزمالك..
فقد رفع هؤلاء العشاق فى مدرجات استاد الإسكندرية لافتات مكتوبا عليها.. الإحباط ممنوع.. وكان هؤلاء طوال الوقت يهتفون للاعبين وللإدارة وللكيان كله، مؤكدين أن الكبرياء دائم والأمل قائم والفرحة قادمة بشكل وأداء وصدق وثقة ليس لها معنى واضح ومباشر إلا أن هذا هو الزمالك.. وهذا هو الجمهور العظيم الذى يستحقه ناد أعظم فى حجم ومكانة وتاريخ الزمالك.. وأذكر الآن أننى حين كتبت قبل سنوات عن أزمات عاصفة مرّ بها نادى الزمالك طيلة المائة عام الماضية لكنه بقى صامدا يستعيد من جديد عافيته ومكانته وبطولاته وانتصاراته..
وفوجئت ببعض المتعصبين للزمالك يهاجموننى بعنف وكأننى أسخر من الزمالك أو أقلل من شأنه أو أعايره بأزمات وأوجاع قديمة.. ولم يكن كل ذلك صحيحا.. فليس هناك أى كيان فى مصر وخارج مصر.. داخل عالم كرة القدم أو حتى فى دوائر السياسة والجيوش والدول.. لم يعش الكوارث ويواجه الرياح العاصفة والغاضبة.. وليس هناك ناد واحد فى مصر لم تكن له أوقات ضعف زادت فيها جروحه وأوجاعه وأوشك على الانهيار..
ليست هناك أى مؤسسة مصرية لم تكن لها هزيمتها ومحنتها وأزماتها.. فالأخطاء والهزائم دائما واردة.. والبرازيل بالمناسبة خسرت بسبعة أهداف ألمانية على أرضها فى مونديال كان الجميع يظنونه من حقها.. والخطأ فى حد ذاته أو الهزيمة والخسارة ليست أبدا كارثة.. لكن الاستسلام لها هو النهاية والانهيار الحقيقى.. وجمهور الزمالك أثبت، أمس الأول، أن الزمالك عاد من جديد بنفس قوته وطموحاته.. فالقوى ليس هو الذى يفوز ويفرح بانتصاره.. إنما هو الذى لا تكسره الهزيمة فيبقى على قيد الحياة والحب والأمل والكبرياء.