يوم كامل قضته «المصرى اليوم» بين 150 من معدى ومخرجى ومذيعى القناة الفضائية المصرية، الذين تجمهروا أمام مقر القناة فى الدور الثالث، معلنين عن غضبهم بسبب عدم صرف مستحقاتهم المالية منذ مارس الماضي، ووجود تمييز بينهم وبين العاملين فى القناتين «الأولى» و«الثانية»، مؤكدين أنهم منذ انضمامهم لقطاع التليفزيون وهم يعانون مشاكل كثيرة، يخشون الإفصاح عنها لأنهم مهددون بالفصل.
خرج العاملون فى الفضائية عن صمتهم وتحدثوا إلى «المصرى اليوم» لكنهم طلبوا عدم نشر أسمائهم، وقالوا فى شكواهم إن إدارة القناة تعرض برامج خاصة عفا عليها الزمن فى أوقات متميزة، رغم أنها عرضت أكثر من مرة على الفضائيات الخاصة، مثل برنامج «الشقة» الذى يعاد عرضه كثيرا لدرجة تخنق المشاهد وتصيبه بالملل، كذلك برنامج «التجربة» عرض ثلاث مرات على القناة،
ومع ذلك صدر قرار بإعادة عرضه للمرة الرابعة، وبرنامج «الكينج» للمطرب محمد منير، فرغم أنه إنتاج «2001» فإنه مازال يعرض على القناة. وأكد العاملون أن المثير للدهشة أن مسؤولى القناة يعرضون البرامج التى تنتجها القناة فى «أوقات ميتة» من الثالثة حتى السادسة صباحا وبالتالى هناك صعوبة فى إيجاد ضيوف للحلقات، لأن جميعهم يرفض استضافته فى برامج لا يشاهدها أحد.
وأشاروا إلى أن إدارة القناة نسيت الهدف من وراء إنشاء «الفضائية المصرية» وهو أن تكون برامجها موجهة للمصريين فى الخارج فلا يوجد على خريطتها برنامج واحد يخدم هذا الهدف، فالقناة فى رأيهم تأخذ «بواقى» القنوات الأخرى، وقالوا: وصلنا لدرجة أن كل من معه برنامج يرميه فيها، وأدى ذلك إلى خلو القناة من الإعلانات تماما، وأضافوا: نتحدى أن تجد إعلانا واحدا رغم أننا طالبنا كثيرا بأن يتم إنتاج برنامج متميز خاص بالقناة بدلا من الملايين التى يتم صرفها فى شراء برامج مستهلكة دون جدوى.
عاملو «الفضائية المصرية» تجمعوا - فى وجود «المصرى اليوم» - فى مكتب نادية حليم رئيسة التليفزيون، وطالبوها بصرف مستحقاتهم المالية المتأخرة فقالت لهم: «لما تيجى فلوس هتاخدوا حقوقكم»، وعندما سألوها عن سبب تأخير عرض برامجهم مما يؤثر على الضيوف، قالت لهم: قدموا برامجكم من غير ضيوف..
وأضافت: قدموا لنا أفكار برامج جيدة بدلا من الأفكار المستهلكة حتى لا نستعين ببرامج من الخارج. خرج العاملون من مكتب نادية حليم فى حالة غضب شديد، مؤكدين أن الاتحاد اشترى مباريات كأس العالم بـ 120 مليون جنيه، وينفق ملايين فى شراء مسلسلات رمضان،
ومع ذلك يرفض منحنا مستحقاتنا، وتساءلوا: هل يريد التليفزيون أن ينافس القنوات الخاصة على حسابنا، ولصالح من لا نقدم إلا حلقة أو حلقتين فى الشهر؟، وأكد أحدهم أن هناك عاملين فى القناة يتقاضون 35 ألف جنيه شهريا، وأضاف: لا نعرف سبب الاستعانة بصحفيين من الخارج ومنحهم 3 آلاف جنيه فى الحلقة، ونحن نتقاضى 150 جنيها فقط.
رحلة العاملين كانت هذه المرة فى مكتب أنس الفقى وزير الإعلام.. توجهوا إليه لعرض شكواهم، فاعترضهم رجال الأمن فى الطرقات المؤدية إلى مكتب الوزير، وقالوا لهم: «الوزير مش موجود ومافيش حد فى مكتبه.. تعالوا بكرة اعرضوا مشاكلكم على الوزير أو مدير مكتبه»..
بعدها هددهم أحد رجال الأمن قائلا: تجمعكم ده فعل يعاقب عليه القانون اللى بيمنع تجمع أكثر من خمسة أفراد داخل المبنى.. اكتبوا مذكرة واعرضوها على المسؤولين، فقال أحد المتجمهرين: بقالنا سنتين بنشتكى من اننا مانخدش وغيرنا بياخدوا كتير.. فقال لهم رجل الأمن: وإيه يعنى ربنا قال «وجعلنا بعضكم فوق بعض درجات».
حالة من اليأس وصل إليها العاملون وسجلتها «المصرى اليوم» التى رافقتهم فى محطتهم الأخيرة عند مكتب أسامة الشيخ رئيس الاتحاد الذى وعدهم بإنهاء مشاكلهم. جمال الشاعر رئيس القناة أكد فى تصريح خاص لـ«المصرى اليوم» أن تأخر الحقوق المادية للعاملين يرجع إلى الروتين كما أن هناك أولويات داخل التليفزيون، فهو حاليا مشغول بشراء مسلسلات رمضان، ومباريات كأس العالم، فهى أعباء مالية جديدة تضاف إلى الاتحاد ولكن سيتم معالجة مشكلتهم بسرعة.
ونفى الشاعر ما يتردد عن أن مكتبه مغلق أمامهم، وقال: من يقل ذلك فهو مريض نفسيا لأننى تربيت على منطق «الباب المفتوح» فمن أول الساعى حتى نائب رئيس القناة يدخلون مكتبى دون استئذان.. فهل نسى هؤلاء أننى سبق أن أنهيت جميع مشاكلهم.
وأضاف: المشكلة أن كل شخص يعتقد أن برنامجه هو الأفضل وبالتالى يطالب بعرضه فى أوقات متميزة، مؤكدا أنه لا توجد محطة تليفزيونية فى العالم لديها برنامج متميز وتعرضه فى منتصف الليل إلا لو كان القائم عليها «مجنون»، فالبرنامج الجيد هو الذى يفرض نفسه.
وأكد الشاعر أنه يشترى برامج من الخارج لأن العاملين لا يقدمون أفكار برامج جيدة، فأفكارهم كلها غير مكتملة ومعظمها سبق تقديمها أكثر من مرة، وقال إن الفترة المقبلة ستشهد تغييرات كبيرة داخل القناة، فلديهم خطة برامجية لشهر رمضان بميزانيات ضخمة وسيكون للقناة مراسلون فى الخارج بالتعاون مع قطاع الأخبار وأجور العاملين ستتضاعف من 500 إلى 4 آلاف جنيه.
نادية حليم رئيسة التليفزيون أكدت أن ما يردده العاملون فى القناة غير صحيح، وقالت: لا أميز بين العاملين فى القنوات الأولى والثانية والمصرية، ولكن النفس البشرية طبيعتها الشكوى. أسامة الشيخ رئيس الاتحاد أكد أن الفضائية لا تنتج إلا برامج جيدة بالتالى فهى لا تقبل الأفكار التقليدية مهما كانت صفة مقدمها فالقناة ملك المشاهدين وليس العاملين فيها، فلا نأتى على حساب المشاهد لإرضاء العاملين.