x

«كرة القدم بين الشمس والظل».. عن اللعبة التي صارت «أفيون الشعوب»

السبت 05-07-2014 22:33 | كتب: أيمن عبد الهادي |
غلاف كتاب كرة القدم بين الشمس والظل غلاف كتاب كرة القدم بين الشمس والظل تصوير : other

أيام قليلة وتنتهى لحظات كأس العالم، متعة تتكرر كل 4 أعوام، مباريات لا يهم فيها المنتخب الذي يلعب، فالفرجة للجميع.

كرة القدم في هذه المناسبة صارت كلمة السر لمن أراد البهجة، متعة المشاهدة لا ترتبط بمكان ولا يهم معها زمن.

«الكرة ساحرة لا شك.. الكرة معجزة ..هي أقرب إلى الأسطورة».. هكذا يقول لنا الكاتب الأوروجواياني في كتابه الشهير «كرة القدم بين الشمس والظل».

يكتب: «عندما أرى كرة قد جيدة، أحمد هذه المعجزة دون أن يهمنى من هو النادى أو البلد الذي يقدم ذلك اللعب الجيد».

هذا الكتاب يمكن اعتباره سرداً روائياً لواقع لا شك فيه: تحول اللعب إلى إستعراض، فيه قلة من الأبطال وكثرة من المشاهدين، إنها كرة قدم للنظر. وتحول الإستعراض إلى واحد من أكثر الأعمال التجارية ربحاً في العالم.

البطل في هذا الفيلم هو اللاعب «يركض لاهثاً على شفير الهاوية. في جانب تنتظره سماوات المجد، وفى الجانب الآخر هوة الدمار».

Messi Fifa World Cup 2014 | football team

اللاعب المحترف الذي نجا من العمل في المصنع.. نجا من البؤس.. يدفعون له من أجل التسلية «لا يحق له التعب أو الخطأ»..

الأطفال يريدون تقليده.. بدأ يلعب لأجل متعة اللعب في الشوارع الترابية والأحياء الهامشية لكنه صار الآن «يلعب في الاستادات الكبرى من أجل واجب العمل، وهو مجبر على الربح».. وكما نال شهرة أكبر وكسب أموالاً أكثر، يصبح أسيراً أكثر.

اللاعب يشيخ مبكراً: «فى المهن الانسانية الأخرى يأتى الغروب مع الشيخوخة، أما لاعب كرة القدم، فقد يشيخ وهو في الثلاثين من عمره».

هذا إن كان محظوظاً ولم يصب إصابة تجعله يغادر المسرح سريعاً.

اللاعب رغم ذلك لا يساوى شيئاً دون المشجع. الذي يترك كل شىء ورائه «ويهرع إلى الاستاد».. تختفى المدينة ويُنسى الروتين ولا يبقى إلا رفرفة الرايات ودق الطبول.. «يمزق حنجرته فجأة بهتاف مدو ويقفز مثل برغوث»..

اللعب دون مشجع أشبه بالرقص دون موسيقى. وكل ما يرغب فيه المشجع هو الهدف «ذروة المتعة في كرة القدم».. حين يقول المعلق: «جووووووووووول»..

يسيطر الهذيان على الحشود وينسى الاستاذ أنه من الأسمنت فينفصل عن الأرض وينطلق سابحاً في الهواء.

أما الحكم فهو، كما يصفه جاليانو، متحكم وطاغية بغيض يمارس ديكتاتورية دون معارضة ممكنة.. الصفارة في فمه.. يمنح الأهداف أو يلغيها.. البطاقة في يده معلناً بها ألوان الإدانة: الأصفر لمعاقبة المذنب وإجباره على الندم، والأحمر يُلقى به إلى المنفى.

في أوقات كثيرة «تعوى الحشود مطالبة برأسه» و«يتحمل الشتائم، وصفير الاستنكار، والرجم بالحجارة واللعنات» هو الذي لا أحد يركض أكثر منه، الدخيل الذي يلهث دون راحة ما بين الاثنين وعشرين لاعباً.

ويتساءل إدواردو جاليانو في كتابه: «كم من المسارح يوجد في مسرح كرة القدم العظيم؟ كم من المشاهد يتسع لها مستطيل العشب الأخضر؟ يشير إلى أن اللاعبين يمثلون بأرجلهم في عرض موجه إلى جمهور من ملايين المتحمسين في المدرجات وفى البيوت، ومنهم من يمثل ولكن بطرق أخرى: لاعبون بارعون في فن تعذيب الآخر: يضع اللاعب منهم قناع القديس الذي لا يستطيع قتل ذبابة، ثم يبصق على الخصم ويشتمه ويدفعه ويذر التراب في عينيه، ويوجه إليه ضربة مرفق صائبة على فكه، أو يغرس مرفقه في أضلاعه، أو يشده من شعره أو قميصه، ويدوس على قدمه وهو واقف أو يدوس على يده عندما يسقط أرضاً، ويفعل كل ذلك من وراء ظهر الحكم.

كان على جاليانو إضافة» العض «كوسيلة أذية جديدة تضاف إلى فنون التعذيب الذي يلحقه اللاعبون ببعضهم البعض، تماماً كما فعل مواطنه لويس سواريز بالإيطالى كيلينى في كأس العالم في نسخته الحالية.

وفى كتابه يقص جاليانو حكايات كثيرة عن كرة القدم.. قصص الاستغلال وسطور المجد.. يعود إلى أحداث مونديالات 1930 و1934 و1954 و1970 وغيرها.. يحكى عن أسياد الكرة وعن اللعبة التي صارت «أفيون الشعوب».

«يٌفلسف» جاليانو على مدار صفحات كتابه حبه للعبة: «تدور الكرة، والعالم يدور. يُعتقد بأن الشمس هي كرة مشتعلة، تعمل خلال النهار وتتقافز في الليل هناك في السماء، بينما القمر يعمل، مع أن للعالم شكوكه في هذا الشأن. ولكن الأمر المؤكد بالمقابل، وبكل يقين، هو أن العالم يدور حول الكرة التي تدور».. كرة تتكلك بكل اللغات.

«كرة القدم بين الشمس والظل» كتاب توازى متعة قراءته متعة مشاهدة مباراة مثيرة في كرة القدم، لا يكون بوسعك إلا انتظار نهايتها حتى تذهب وتواصل حياتك.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية