x

جمال الجمل الدرس المكسيكى جمال الجمل السبت 05-07-2014 21:57


تخيل أن شاباً مثلك، يجلس على مقهى صغير فى مكسيكو سيتى، ويشغل باله بحالك، ويهتم بما يدور حولك من قضايا، ويسعى إلى مناقشتها، وتحرى الدقة فى معالجتها!

هل تخيلت؟

تخيل أكثر، لأن خيالك لم يذهب بعيدا عن الواقع، فقد فاجأنى الصحفى المكسيكى، خوان كارلوس روميرو بوغا، بتطبيق مثالى لنموذج القرية الكونية، عندما نشر فى 2 يوليو الماضى مقالاً عن الهجوم الإعلامى ضد الدكتور نصار عبدالله على خلفية تأويل مقاله «أطفال الشوارع: الحل البرازيلى» المنشور فى «المصرى اليوم» 20 يونيو الماضى.

من هو خوان؟، ولماذا يهتم بهذه القضية؟، وكيف حصل على المعلومات التفصيلية؟، وما هى دلالة هذه الحكاية؟

خوان درس الإعلام فى جامعة مكسيكو، ويعمل حاليا محررا فى مجلة «ليتراس ليبرس»، وهى أهم مجلة أدبية فى أمريكا اللاتينية، أسسها الشاعر الكبير صاحب نوبل أوكتافيو باث، ويديرها المؤرخ إنريكو كروز، ويشارك فيها ماريو فارجاس يوسا وعدد من كبار المبدعين الذين يكتبون بالإسبانية، وقد تواصلت مع خوان، وعرفت منه أنه قرأ عن هذه الضجة تقريرا نشرته (إيه بى سى) الإسبانية نقلاً عن وكالة أنباء، وشعر بأن القصة غير مستساغة، فأراد أن يتحرى الحقيقة بنفسه، فاتصل بالسفارة المصرية، وحصل على نص المقال الأصلى، وردود الفعل عليه، ولأنه لا يجيد العربية لجأ إلى مترجم رسمى من السفارة هو (الأستاذ أحمد رضا)، واتصل بالدكتور نصار فى سوهاج، وتناقش معه، وعرف أن لديه إشعارا مترجما إلى الإسبانية فى مطبوعة كولومبية، فحصل على اسمها وتاريخ النشر، واختار قصيدة «التيس» وهى قصيدة قصيرة ذات دلالة فلسفية تشبه أعمال مونتيروسو، القاص الجواتيمالى المقيم فى المكسيك، ويقول نصها:

«يوماً ما/ وقف التيس يحدق فى المرآة/ فرأى التيس يحدق فى المرآة/ هز التيس الرأس/ فهز التيس الرأس/ ظن التيس بأن التيس الآخر يتحداه

ثار وهب وسب أباه/ فثار التيس وهب وسب أباه/ نطح التيس التيس

فانخلع القرن وشج الرأس/ وقف التيس يحدق فى اللاشىء/ فرأى.. لا شىء/ تمتم: لا بأس/ قد فر التيس الرعديد أمام التيس الصنديد/ لا بأس/ حتى لو خلع القرن وشج الرأس/ يا كل تيوس العصر/ هذا ثمن النصر».

خوان الذى صار صديقا ودودا برغم إنجليزيته الضعيفة، وعدم معرفته بالعربية، شاركنى انتقاداتى للإعلام، وقال إن سياسة المجلة ساعدته على تفنيد سطحية وأكاذيب الصحف التى تسىء إلى المثقفين، وأخبرنى بأن له كتابا مشتركا مع زميله هيكتور كامبيو عبارة عن دراسة إثنوجرافية عن شهود يهوه، وعندما شكرته على الاهتمام بمصر وتصحيح القضية للرأى العام فى بلاده، قال إنه غاضب من نشر الصحف لكثير من الأكاذيب دون تحقق، ولذلك اختار هذا الخط حتى لا تنتهى مصداقية الإعلام عند القراء.

وكان لافتا أن خوان نشر 4 وصلات متعلقة بالقضية التى يعالجها، وهو نص تقرير (إيه بى سى) الذى يتحدث عن كاتب مصرى يدعو لإعدام أطفال الشوارع كالكلاب الضالة، ثم وصلة المقال الأصلى للدكتور نصار، ووصلة التوضيح الذى نشره بعد المقال، ووصلة تشير إلى مقالى «أطفال الشوارع: الحل المكسيكى».

تبقى لدى ملاحظة تتعلق بغياب هذا النوع من المطبوعات فى مصر، برغم أن وجودها يساعد فى تصحيح مسيرة الإعلام المصرى، وضبط أدائه، بدلاً من استهلاك الجهد والوقت فى أحاديث موسمية فارغة عن مواثيق للشرف الإعلامى لا تسفر فى النهاية عن شىء.

[email protected]

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية