يقول مسؤولو أمن عراقيون وأمريكيون بارزون، إن المسلحين السنة يعدون العدة للهجوم على بغداد وإن الخلايا النائمة التي زرعت داخل العاصمة، بغداد، ستستيقظ في «ساعة الصفر» وتدعم المقاتلين القادمين من أطراف المدينة.
واستولى المقاتلون السنة على مساحات شاسعة من الأراضي في شمال وغرب العراق خلال تقدم خاطف بدأوه منذ 3 أسابيع وهم يقولون إنهم يزحفون صوب العاصمة ، التي يقطنها 7ملايين نسمة، والتي لا تزال تعاني أثر الاشتباكات الضارية بين أحيائها السنية والشيعية خلال الاحتلال الأمريكي.
وتقول الحكومة إنها تتعقب الخلايا النائمة وتقبض على عناصرها لتأمين العاصمة، وتقول جماعات شيعية شبه عسكرية إنها تساعد السلطات، وهناك من السكان السنة من يقول إن الحملة تستخدم لترويعهم، ويتحدث العراقيون عن «ساعة الصفر» التي سيبدأ فيها تنفيذ خطة هجوم معدة سلفا.
ويقدر مسؤول أمني عراقي رفيع عدد عناصر الخلايا النائمة بنحو 1500 في غرب بغداد إضافة إلى 1000 عنصر في مناطق على مشارف العاصمة.
وقال إن هدف هذه الخلايا هو اختراق «المنطقة الخضراء»، شديدة التحصين التي أقامتها الولايات المتحدة وتضم مباني الحكومة على الضفة الغربية لنهر دجلة. وأضاف أن «ذلك سيكون بمثابة نصر دعائي سينطلق منه المقاتلون لإقامة جيوب لهم في غرب بغداد وفي مناطق نائية».
وتابع المسؤول «توجد خلايا نائمة كثيرة في بغداد، ستسيطر على منطقة ولن تسمح لأحد باستردادها، هي جاهزة ومتأهبة في غرب بغداد».
وقال رجل يصف نفسه بأنه عنصر في خلية من هذه الخلايا، من محافظة الأنبار السنية «إنه يشتغل في بغداد عاملا بينما يجمع سرا معلومات لجماعته السنية».
وأضاف الرجل الذي طلب الإشارة إليه باسم «أبو أحمد» أن الهجوم على العاصمة سيأتي قريبا، وقال «نحن جاهزون. هذا يمكن أن يحدث في أي لحظة»، وأوضح «عندنا مفاجآت».
مضيفا إنه «قاتل مع جماعة اسمها كتائب ثورة العشرين في سنوات الاحتلال الأمريكي وسجنته الحكومة العراقية من 2007 إلى 2009، وتوقف عن القتال في 2010 بعد أن سئم الحرب وكان متفائلا نسبيا إزاء المستقبل، لكنه حمل السلاح مجددا، في 2013، غضبا من حملة الحكومة التي يهيمن عليها الشيعة على المحتجين السنة وانضم للمجلس العسكري وهو اتحاد فضفاض يضم جماعات سنية ومقاتلين من العشائر».
و«أبو أحمد» مثله مثل كثيرين من المقاتلين السنة، لا ينتمي للتنظيم الذي كان يطلق عليه «الدولة الإسلامية في العراق والشام»، (داعش).
وكانت جماعات سنية كثيرة قد انقلبت على تنظيم «القاعدة» خلال الاحتلال الأمريكي لكنها تلتف الآن حول حملة «الدولة الإسلامية» ضد الحكومة رغم أن بعضها يشجب أسلوب التنظيم في قتل مدنيين واتهام الشيعة بالهرطقة.
وقال «أبو أحمد»، إن جماعته، التي تضم ضباطا سابقين من جيش الرئيس الراحل، صدام حسين تؤيد بعض أهداف تنظيم «داعش». وأضاف «هناك طيبون في الدولة الإسلامية وهناك أشرار. بالنسبة للطيبين.. قضيتنا واحدة».
ورغم مرور 6 سنوات على الأقل منذ آخر مرة سيطر فيها مسلحون سنة وميليشيا شيعية على قطاعات كاملة من بغداد مازالت العاصمة عرضة للاختراق من قبل انتحاريي الدولة الإسلامية الذين لا يكاد يوم يمر دون أن يضربوا أهدافا شيعية وحكومية.
وصرح مسؤول كبير بالمخابرات الأمريكية بأن واشنطن لديها أدلة على أن تنظيم «داعش» يتأهب للهجوم على بغداد من خلال خطة تشمل هجمات انتحارية منسقة.
غير أن مسؤولين أمريكيين آخرين يرون أن الدولة الإسلامية يمكن أن تحمل نفسها عبئا لا قبل لها به إن هي حاولت السيطرة على بغداد بأسرها، وهم يقولون إن الخطة الأكثر ترجيحا هي أن يسيطر المقاتلون على منطقة سنية ويحدثون بلبلة بهجمات تفجيرية.
أما مقاتلو «داعش» فيؤكدون أن خطتهم هي السيطرة على العاصمة والإطاحة بالنخبة السياسية في بغداد.
وقال «أبو سعدة» وهو مقاتل من التنظيم : «سنتلقى الأوامر الخاصة بساعة الصفر». وأضاف أن الجماعة لديها خلايا في بغداد تتواصل معها عبر البريد الإلكتروني رغم أن الحكومة تقطع اتصالات الإنترنت من آن لآخر سعيا لعرقلة عمل المسلحين.
وقال «أبو أحمد» إن المسلحين زرعوا عيونا لهم في قوات الأمن العراقية والوزارات الحكومية وداخل المنطقة الخضراء، أما هو ورفاقه فيحاولون تفادي الحملة المكثفة التي تقوم بها قوات الأمن والميليشيات الشيعية للإمساك بالمتآمرين.
وقال إن هناك «مزيد من الاعتقالات الآن وبخاصة لضباط الجيش السابقين ومن كانوا في السجون الأمريكية، تقتحم قوات الشرطة الخاصة والميليشيات منازلهم ثم لا نسمع شيئا عنهم بعد ذلك. نبحث عنهم في السجون فلا نجد لهم أثرا».
ويرى «أبو أحمد» أن سوء المعاملة التي يلقونها من الحكومة العراقية هي التي تدفعهم للقتال، وفتح قميصه ليكشف عن أثر جرحين غائرين في صدره قال إنه «أصيب بهما خلال استجوابه وهو في الحجز».
وفي المقابل، دفع احتمال الهجوم على بغداد جماعات شيعية شبه عسكرية -يعمل معظمها في السر منذ عام 200، للتعبئة لدعم السلطات في التصدي للمسلحين وتقول جماعة «عصائب أهل الحق» الشيعية، التي تعتقد واشنطن إنها تتلقى تمويلا وتسليحا من إيران، إنها ساعدت في ضبط عناصر مسلحة في بغداد. وتقول الحركة إنها تتلقى أوامر من الحكومة وتشير إلى فتوى أصدرها دعاة شيعة قبل 3 أسابيع تحث المواطنين على مساعدة القوات المسلحة.
وقال المتحدث باسم «عصائب أهل الحق»، أحمد الكناني، إن هدف المسلحين هو «السيطرة على بغداد وإفشال العملية السياسية في بغداد. سيحاولون تنفيذ هذه الخطة بخلاياهم النائمة، نمسك بهم ونسلمهم لقوات الأمن».
وتعيد هذه الأفعال إلى أذهان كثير من السنة في بغداد ذكريات الاقتتال الطائفي، في العقد الماضي، حين كان أعضاء ميليشيات شيعية ومسلحون سنة يجوبون الشوارع ويمسكون بأبرياء ويقتلونهم بذريعة استئصال شأفة خصومهم «الإرهابيين،» وعادت الآن ظاهرة الاختفاء من جديد.