x

جمال البنا - المجدد الاشتباكي «3-3»

الجمعة 04-07-2014 22:40 | كتب: ماهر حسن |
المفكر الإسلامي جمال البنا، يتحدث خلال حوار مع المصري اليوم، 17 ديسمبر 2011. المفكر الإسلامي جمال البنا، يتحدث خلال حوار مع المصري اليوم، 17 ديسمبر 2011. تصوير : محمد هشام

بدأ منذ نحو ٤٠ عاماً، مشروعه الفكرى تحت عنوان المشروع الحضارى لدعوة الإحياء الإسلامى، والذى يهدف إلى فرز ومراجعة الأفكار المستقرة في الذهنية الإسلامية في كل فروع الإسلام، وأصدر خلال هذه المدة العديد من الكتب التي تكرس لأهداف وغايات هذا المشروع، وأول محاور هذا المشروع ما يتعلق برؤية البنا للإنسان باعتباره مستخلفا لله في الأرض.

وحدد البنا منطلقات أساسية في مشروعه الذي يتمحور حول فكرة رئيسية، هي «الإنسان المستخلف»، ويرى أن الإسلام وسيلة والإنسان غاية، بمعنى أن الإسلام وسيلة لتحقيق العدالة والحرية والكفاية، وأن الإنسان يأتى أولا لأن الله كرمه وجعل الملائكة تسجد له، وخلق الأرض كوكبا مميزا بين ملايين الكواكب فجعل مناخها محتملا وشق فيها البحار والأنهار وبسط السهول وأرسى الجبال، واختزن في جوفها المعادن وأوجد على سطحها الحيوان والنبات ليكفل للإنسان حاجته من المأكل والمسكن والملبس، كما أنعم عليه بنعمة العقل والتفكير، ومنحه الضمير، والحرية، وأنزل الكتب وبعث الرسل لهدايته، كما خلق الشياطين لتكون الحياة مبارزة بين الخير والشر، وعليه يكون الحساب والجزاء في الآخرة، وأن الرسول فهم ذلك جيدا فأقام في المدينة المنورة مجتمعا يحقق للإنسان العزة والكرامة، وأرسى القيم التي تحققهما،

وأبرزها المساواة، فكل المسلمين عدول كأسنان المشط، ولا يعلو أحدهم على القانون، كما وضع نظاماً يكفل الأمن للجميع، ويبعد الخوف، فلم يكن في المدينة بوليس ولا سجون، كما كفل الأمن الغذائى وما تتطلبه المعيشة بسن الزكاة والتكافل الاقتصادى، وبذلك حقق إسلام الإنسان. ويمثل العقل المحور الثانى في المشروع الذي يدعو إلى تحكيم العقل لنحكم به مع القرآن دون أن نعتمد على التفاسير، ولنميز به الحديث الصحيح من الموضوع.

وقدم البنا في مشروعه رؤية للإسلام تختلف بل تتعارض مع الفكرة التقليدية، وظهر هذا جلياً في كتابه «ديمقراطية جديدة» الذي صدر عام ١٩٤٦، وتضمن فصلاً بعنوان «نحو فهم جديد» وجه فيه الحديث إلى الإخوان المسلمين الذين بلغوا شأنا لافتاً وصاروا أقوياء وتأكد دورهم وحضورهم، طالبهم فيه بأن يؤمنوا بالإنسان وليس بالإيمان.

وحرص البنا على أن تتولى دعوة الإحياء مهمة التجديد الإسلامى الجذرى، وإعادة تأسيس منظومة المعرفة الإسلامية، وأخذ على عاتقه هذه المهمة الثقيلة التي اضطلع بها وأوقف عليها حياته، وقد أحدثت كتبه وأفكاره صدمات معرفية للذهنية الإسلامية الرافضة لخطاب التحديث، واعتبرتها افتئاتا على الدين الحنيف وثوابته المقدسة، وفى مواجهة هذا دافع البنا عن مشروعه موضحا أنه يشكل دعوة للعودة إلى إسلام الإنسان، خاصة أنه يرى أن روح العصر الحديث تساعد على ذلك، مشدداً على ضرورة إعادة تأسيس منظومة المعرفة الإسلامية على أساس «إسلام الإنسان وليس إنسان السلطان»،

وفى إطار هذه الدعوة أصدر مجموعة كتب تشرح محاور التأسيس الجديد، والمبادئ التي يقوم عليها، وتعالج كل جوانب القضية الإسلامية، منها السياسة، والمرأة، وحرية الفكر والعقيدة، والدعوات الإسلامية المعاصرة، والفقه، والتفسير، والحديث، وغيرها، والعودة إلى القرآن الكريم واعتباره كتاب هداية، واستبعاد كل التفاسير وكل ما جاء به المفسرون من نسخ أو أسباب نزول، وأن السنة يجب أن تضبط بالقرآن، واعتبار الحكمة أصلاً من أصول الإسلام، والزكاة فريضة مقدسة كالصلاة، وتنظيمها يحقق الضمان الاجتماعى، وتجاهل السلفية وعدم الاعتداد بها، فالسلفية هي الماضى الذي لا نستطيع أن نعيش حاضرنا فيه.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية