x

د. شوقى علام مفتى الجمهورية: فتاوى تحريم المشاركة فى الانتخابات البرلمانية «شاذة ومجافية للشرع»

الأحد 29-06-2014 14:20 | كتب: أحمد البحيري |
المصري اليوم تحاور « شوقى علام » ، مفتى الجمهورية المصري اليوم تحاور « شوقى علام » ، مفتى الجمهورية تصوير : حسام فضل

أكد ضرورة التخصص فى إصدار الفتوى، وضرورة وجود شروط محددة فيمن يتولى منصب الإفتاء، مؤكداً أن الفتاوى التى تحرم المشاركة فى الانتخابات هى فتاوى «شاذة مجافية للشرع والمصلحة العليا للبلاد»، محذراً فى ذات الوقت من اتباع الدعوات الغادرة التى تحض على قتل الأبرياء والاعتداء على رجال الجيش والشرطة، لأن النبى صلى الله عليه وسلم حذرنا أشد التحذير من التحريض على القتل، وأكد أن شهر رمضان «فرصة عظيمة» علينا ألا نفوتها بل نغتنمها ونستفيد منها فى العبادة وطاعة الله تعالى فى كل شؤون الحياة.. «المصرى اليوم» التقت الدكتور شوقى علام، مفتى الجمهورية، فكان هذا الحوار:

■ نعانى هذه الأيام من الانقسامات والاختلافات.. فهل عالج الإسلام هذه الظاهرة؟

- النبى صلى الله عليه وعلى آله وسلم لم يترك للمسلمين شيئًا من أمور دينهم فيه نفع لهم إلا ودلهم عليه، ولم ير شيئًا سيئًا إلا ونهاهم عنه، والجدال والخلاف أمران منهيٌّ عنهما فى الإسلام، نظرًا لما قد يتركانه من أثر سيئ على المسلمين، وشريعتنا أيضًا تركت للمسلم حرية الاختيار فى اتباع أى مذهب من المذاهب الفقهية فى الأمور الاجتهادية، مما أثرى الحياة الفقهية وجعل فيها سعة للناس جميعًا، والنبى صلى الله عليه وسلم أمرنا بحسن التأدب مع الآخر المخالف لنا، ومعاملته بأخلاق الإسلام الراقية، فهو صلى الله عليه وسلم لم يكن سبابًا ولا لعانًا ولا فاحشًا ولا بذيئًا، وإنما كان يحرص على مكارم الأخلاق. ونحن نقول لا يصح وصف من يختلفون معنا فى الرأى أو الاجتهاد بالخطأ أو الابتداع والفسق والضلال، فوصف المخالف بذلك فيه خطورة على وحدة الأمة واتباع للأهواء التى تفرق ولا تجمع، وعليه، لا يجوز للمسلم أن ينكر على أخيه شيئًا وإحداث الفرقة بينهم من أجل الاختلاف فى مسائل فرعية خلافية، خاصة أن هناك من قال بها من العلماء والفقهاء المعتبرين، وبالتالى لا بد أن تكون حرية التعبير عن الرأى بعيدة عن المصادرة والتنكيل، وأيضًا على الجميع أن يراعى الأسس والضوابط الصحيحة فى حواره مع الآخرين.

■ فتاوى تحريم الانتخابات البرلمانية المقبلة والمشاركة فيها، هل تعد نوعًا من التسييس للفتاوى؟ وما الهدف من ذلك؟

- الفتاوى التى تحرم المشاركة فى الانتخابات هى فتاوى شاذة مجافية للشرع والمصلحة العليا للبلاد، ومثل هذه الفتاوى لا علاقة لها بالفهم الصحيح للشريعة الإسلامية ومنهجها الوسطى القائم على ضرورة مراعاة مصالح العباد وما يسهم فى تحقيق منافعهم الدينية والدنيوية، وهذه الفتوى تكشف عن هدفها الخبيث، وهو توظيف مُطلقها للنصوصَ والأحكام الدينية لخدمة الأغراض والأهداف السياسية والحزبية الخاصة، بما يمثل إقحامًا للدين فى صراع سياسى يشوه سماحة الإسلام.

■ هل يصح إعلان الجهاد فى بلاد مسلمة مثل مصر؟

- من يدعون للجهاد فى مصر يمثل تحريضًا صريحًا على القتل والإفساد فى الأرض، ونشرًا للفتن، يقول تعال: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا}، والنبى صلى الله عليه وآله وسلم نهى عن ذلك فقال: «لا يحل دم امرئ مسلم يشهد أن لا إله إلا الله وأنى رسول الله». ونحن قد حذرنا ونحذر المواطنين من اتباع تلك الدعوات التى من شأنها أن تدمر البلاد وتسيل الدماء وتنشر التطرف والإرهاب فى المجتمع، وقد جاء فى الحديث الشريف عن النبى صلى الله عليه وآله وسلم: «من أعان على قتل مسلم ولو بشق كلمة جاء يوم القيامة مكتوبًا على جبينه آيس من رحمة الله»، وجاء كذلك أن: «أول ما يقضى بين الناس يوم القيامة فى الدماء».

■ ما رأيكم فيمن يطلقون على أنفسهم جهاديين وهم قادمون من سوريا وعلى حدودنا مع ليبيا، وما موقف الإسلام من هؤلاء؟

- يجاهدون ضد مَن؟ ضد المسلمين الذين يشهدون أن لا إله إلى الله وأن محمدًا رسول الله! وضد الأوطان واستقرارها، ويشيعون القتل والإرهاب وإراقة الدماء! هؤلاء هم أشد خطرًا على الدين من أعدائه، وهؤلاء هم المفسدون فى الأرض، وجزاؤهم اللعنة من الله تعالى، فهذا أمر لا يقره شرع ولا دين، والإسلام يرفض كل هذه الصور التى تحض على استباحة القتل والأعراض بزعم الجهاد فى سبيل الله، فالجهاد شُرع للدفاع عن الدين والذود عن حياضه ومدافعة الأعداء الذين يعتدون على الأرض والعرض ولم يشرع الجهاد، لأن يقتل المسلم أخاه المسلم، فهذا منافٍ تمامًا لصحيح الدين الإسلامى.

■ ما رأى فضيلتك فى الفتاوى التى تحرض على الاعتداء وقتل قوات الأمن من رجال الجيش والشرطة؟

- الفتاوى التى تحرض على الاعتداء وقتل قوات الأمن من رجال الجيش والشرطة هى فتاوى منكرة ولا يجب أن تصدر عمن يطلقون على أنفسهم علماء دين، فحرى برجل الدين أن يبين للناس الطريق المستقيم الذى ينتهى بهم إلى رضوان الله تعالى لا إلى القتل وسفك الدماء والإفساد فى الأرض؛ لأن من يعتدى على النفس البشرية أيًّا كانت، فجزاؤه جزاء المفسد فى الأرض، فالشرع الشريف أكد حرمة الدماء، ورهب ترهيبًا شديدًا من إراقتها، بل جعل الله سبحانه وتعالى قتل النفس سواء أكانت مسلمة أم غير مسلمة بغير حق قتلاً للناس جميعاً، ونحن نحذر من اتباع تلك الدعوات الغادرة التى تحض على قتل الأبرياء والاعتداء على رجال الجيش والشرطة؛ لأن النبى صلى الله عليه وسلم حذرنا أشد التحذير من التحريض على القتل.

■ ما المطلوب من رئيس الجمهورية من وجهة نظرك؟

- القيام بمهام المنصب المنتخب له على أكمل وجه، والسعى إلى إصلاح أحوال الناس، ونشر الأمن والأمان، والدفع بالبلاد إلى الأمام، والسعى لإحداث حالة من التوافق بين الناس من الالتفاف حول غاية واحدة وهى بناء هذا البلد والنهوض به.

■ بما تنصح الرئيس؟

- أنصحه بأن يجعل من العمل واحترام العمل منهج حياة للجميع ولا يلتفت للمثبطين وقليلى الهمم، لأن البلد بحاجة إلى همة عالية لإعادة بنائه وبناء مؤسساته من جديد.

■ نحن نعانى أخيرًا من تفشى ظاهرة التناحر والتلاسن بين المصريين بعضهم لبعض؟

- هذا أمر محزن حقًّا، ويدعو إلى التعامل معه بمزيد من الحكمة، القضايا لا تحل بالتناحر والتلاسن بل تزيد الوضع اشتعالاً، علينا أن نقف صفًّا واحدًا بجوار بعضنا البعض، نعلى من مصلحة هذا البلد وندفع عنه كل سوء وأن نكون على قلب رجل واحد مصداقًا لقوله تعالى: {واعتصموا بحبل الله جميعًا ولا تفرقوا}، حتى لا نقع فى فرقة يكون أثره الخسران والندامة لقوله تعالى: {ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم}.

■ البعض ينادى بفصل الدين عن السياسة العامة فى الدول فماذا تقول؟

- الدين يرعى شؤون الأمة، وكذلك السياسة أيضًا، أما السياسة الحزبية فالدين لا يتعرض لها من قريب أو بعيد ولا علاقة له بلعبة الحزبية؛ لأن أدواتها تتغير بتغير الزمان والمكان، ورجال الدين عليهم ألا ينجروا وراء الدعوات التى تجرهم إلى السياسة الحزبية، بل عليهم أن يكون دورهم حَكمًا بين كل الأطراف، وألا ينحازوا إلى طرف من الأطراف على حساب الآخر، وأن يتكلموا عن المبادئ العامة، أو المبادئ العليا التى تحكم المجتمع.

■ كيف يقضى مفتى الجمهورية شهر رمضان؟

- شهر رمضان هو شهر القرآن، وشهر العبادة والذكر والصدقة، هو شهر الرحمة والمغفرة، وهو سيد الشهور كلها، اختصه الله تعالى بالخير العظيم فأكثر فيه من الغفران، ومحو السيئات، وإقالة العثرات، ورفع الدرجات ومضاعفة الحسنات، واستجابة الدعوات، ونجى فيه من النار كثيرًا، وعم فيه الخير واليمن والبركات، وهو شهر تفتح فيه أبواب الجنة وتغلق فيه أبواب النار، وتصفد فيه الشياطين، لذا علينا أن نستغل هذا الشهر الكريم فى العبادة والطاعة وألا نهدر أوقاتنا فى أشياء غير ذى جدوى، بل يجب علينا أن نطلب فيه العلم ونجالس العلماء والصالحين، فشهر رمضان هو فرصة عظيمة علينا ألا نفوتها بل نغتنمها ونستفيد منها، بالنسبة للعلم والعبادة والطاعة لله تعالى فى كل شؤون حياتنا.

■ هل فضيلتك متفائل بمستقبل الإسلام؟

- بكل تأكيد متفائل بمستقبل الإسلام فى العالم، فكل المؤشرات تؤكد ذلك، على الرغم من كل حملات التشويه التى تشن على الإسلام فى الغرب وحرق للقرآن إلا أنك تجد أعداداً كبيرة تعتنق الدين الإسلامى، وربما لم يكن ليسمعوا عنه قبل ذلك، وأن هذه الأحداث قد جعلت من فى الغرب يبحثون ويقرأون عن هذا الدين الذى يكتشفون بأنه دين يعلى من قيمة الفرد والمجتمع ويرعى حقوق المرأة والطفل حتى الحيوانات، فتجد الأعداد تزداد يومًا بعد يوم فى الدخول فى الإسلام، وأعتقد أنه فى الأيام القادمة ستكون الأمور أكثر إشراقًا ونجاحًا للإسلام فى الغرب، لكن علينا أن نقوم بدور كبير من أجل إحلال صورة وسطية ومعتدلة مكان الصورة النمطية المشوهة التى يأخذها بعضًا من أبناء الغرب عن الإسلام وإظهار جوهر الدين وأخلاقياته التى تعلى من قيمة الفرد والمجتمع، وأن نبتعد عن كل أنواع التشدد والمغالاة.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية