تقترب بريطانيا من الخروج من الاتحاد الأوروبي بعد تعيين مرشح تكتل يمين الوسط في البرلمان الأوروبي ورئيس وزراء لوكسمبورج السابق جان كلود يونكر رئيسا للمفوضية الأوروبية، في تصويت أظهر رفض قادة أوروبا الاستماع لتحذير رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون من أن تعيين يونكر قد يدفع البريطانيين للرحيل من الاتحاد.
وصوت زعماء الاتحاد الأوروبي، الجمعة، لصالح تعيين يونكر بأغلبية ساحقة بلغت 26 صوتا مقابل معارضة 2 هما كاميرون، ونظيره المجري فيكتور أوربان. وبسؤاله في مؤتمر صحفي أمس في بروكسل حول ما إذا كان تعيين يونكر قد يدفع المملكة المتحدة لخطوة أخرى نحو الخروج من الاتحاد، أجاب كاميرون بأن «مهمة إبقاء بريطانيا في اتحاد أوروبي بعد إصلاحه أصبحت أصعب.. الرهانات أصبحت أعلى، ولكن هل أعتقد أن المهمة باتت مستحيلة؟ الإجابة لا».
وأكد أن من مصلحة بريطانيا أن ينصح بإجراء استفتاء على البقاء في الاتحاد أو الخروج منه كما وعد في عام 2017، في حال إعادة انتخابه في الانتخابات العامة العام المقبل، مشددا على أن قادة الاتحاد الأوروبي ارتكبوا خطأ فادحا بتعيين يونكر رئيسا للمفوضية الأوروبية.
وأوضح كاميرون أن «معارضته لترشيح جان كلود يونكر كان موقفا مهما، ولكنها ليست النهاية»، مشددا على أنه سيواصل القتال لإصلاح الاتحاد الأوروبي.
وأضاف أن «هذه العملية بالكامل أثبتت وجهة نظري بأن أوروبا بحاجة للتغيير، إذا كنت جادا في التغيير، فإنك لا تتراجع عندما يحدث تصويت ضدك».
وتابع أنه «يوم سيئ لأوروبا.. ويهدد موقف الحكومات الوطنية ويمنح سلطات جديدة للبرلمان الأوروبي». ورأى أن «الزعماء الأوروبيين سيندمون كثيرًا على تعيينهم ليونكر في هذا المنصب».
ويمثل تعيين يونكر ضربة قوية لمحاولات كاميرون استرضاء القوى الرافضة لبقاء بريطانيا في الاتحاد الأوروبي، حيث هدد في أكثر من مناسبة خلال الفترة الماضية بأن تعيين مرشح تكتل يمين الوسط في البرلمان الأوروبي قد يدفع البريطانيين نحو التصويت للخروج من الاتحاد الأوروبي.
وشهدت انتخابات البرلمان الأوروبي الشهر الماضي صعود القوى اليمينية الرافضة لزيادة سلطات الاتحاد الأوروبي على حساب الدول، ومن أهمها حزب الاستقلال البريطاني، الذي احتل المركز الأول في الانتخابات بالمملكة المتحدة.
ولا يريد كاميرون أن يتولى يونكر، الذي يتمتع بتأييد حزب الشعب الأوروبي أكبر تكتل ينتمي إلى يمين الوسط في البرلمان الأوروبي، المنصب، لأنه يراه من أتباع الطراز القديم ممن سيعرقلون خططه لإصلاح الاتحاد الأوروبي وإقناع الناخبين البريطانيين بميزة البقاء ضمن التكتل الأوروبي.
ووعد كاميرون بإعادة التفاوض في شأن علاقات بريطانيا مع بروكسل قبل إجراء استفتاء في شأن بقاء بلاده أو انسحابها من عضوية الاتحاد الأوروبي بحلول عام 2017 إذا فاز في الانتخابات الوطنية العام المقبل.
ومن جانبهم، عبر زعماء الاتحاد الأوروبي عن وجهات نظر مختلفة بشأن الموقف البريطاني، حيث قال الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند: «تحدث ديفيد كاميرون عن المصلحة الكبرى لدولة قد تخرج من الاتحاد الأوروبي، يمكننا أن نفهم هذه المسألة السياسية الداخلية، ولكن في نفس الوقت ليس هناك شيء مثل حق النقض (الفيتو).. في أوروبا نحن بحاجة إلى أن نتعلم أن نعيش معا في إطار من القواعد والمعاهدات، وليست هناك وسيلة أخرى».
ومن جانبها، قالت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل: «مصلحتنا في استمرار تواجد المملكة المتحدة كعضو في الاتحاد الأوروبي.. يجب على المملكة المتحدة أن تتخذ قرارها بنفسها، ولكن من منظور أوروبي ومن جهة نظر ألمانيا، أعتقد أن هذا هو الأهم، وهذا ما سأعمل عليه.. لقد أظهرنا بوضوح أننا مستعدون لمعالجة المخاوف البريطانية».
وسخر رئيس الوزراء الفنلندي ألكسندر ستاب من الموقف البريطاني، قائلا: «على الناخبين البريطانيين أن يستيقظوا وأن يتذكروا فوائد عضوية الاتحاد الأوروبي، بدلا من التهديد بالانسحاب من التكتل الذي يضم 28 دولة».
ووجهت قوى المعارضة في بريطانيا انتقادات حادة لكاميرون، حيث صرح زعيم حزب الاستقلال البريطاني، نيجيل فاراج، السبت، بأن هزيمة رئيس الوزراء في معركة تعيين جان كلود يونكر رئيسا للمفوضية الأوروبية تظهر أنه غير قادر على إعادة التفاوض بشأن علاقة بريطانيا بالاتحاد الأوروبي.
ورأى زعيم حزب الاستقلال أن زعماء الاتحاد الأوروبي يفضلون خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي بدلا من التوصل إلى صفقة جديدة وكبيرة.
ومن جانبه، انتقد زعيم حزب العمال إد ميليباند هزيمة كاميرون، الجمعة، واصفا زعيم حزب المحافظين بـ«رئيس وزراء سام»، مشيرا إلى أنه ركز على مهاجمة شخص يونكر دون التركيز على بناء تحالفات مع دول أوروبية أخرى لوقف تعيينه.