الآن علمت بخبر إلقاء القبض على الحقوقية «يارا سلام»، وأنا لا أعرف «يارا»، ولم ألتق بها، لكنى أعرف جيداً البيئة التى نشأت فيها، وأعرف ما هو أهم: والديها اللذين ربَّياها وعلَّماها ومنحاها فضيلة حب الوطن والخير والناس والكرامة الإنسانية، «راوية صادق» و«رفعت سلام»، الشاعر الكبير، صاحب «وردة الفوضى الجميلة» و«حجر يطفو على الماء»، وغيرهما من المجموعات الشعرية البديعة، والمترجم المتميز لأعمال «بوشكين» و«ماياكوفسكى» و«يانيس روتسوس» و«شارل بودلير» و«آرثر رامبو»، وغيرهم من أساطين الفن والإبداع.
وأعرف جيداً أن من وُلد وعاش فى هذا المناخ الملىء بالشعر والفكر والعلم والجمال لا يمكن إلا أن يكون إنساناً نبيلاً، يقف مع الحق ويدافع عن المظلومين.
وحسبما فهمت من مضمون بيان مشترك صادر عن مجموعة منظمات حقوقية، فإن «يارا» وابن خالتها «شهاب فخرى إسماعيل» قد ألقى القبض عليهما مساء السبت، بواسطة مجموعات ترتدى زياً مدنياً، قاموا بتسليمهما إلى أفراد أمن، وتم اقتيادهما إلى قسم شرطة مصر الجديدة، وذلك بعدما وُجِّه إليهما السباب والإهانات، ثم تم اقتيادهما بالقوة إلى داخل سيارة الترحيلات، وقد أُطلق سراح «شهاب» فجر اﻷحد، بينما أحيلت «يارا» ضمن 24 آخرين إلى النيابة العامة، ووجهت إليهم قائمة اتهامات، منها خرق قانون التظاهر وإتلاف ممتلكات عامة وخاصة واستعراض القوة وحيازة مفرقعات!
أظن أنه من الضرورى مرة أخرى إعادة التأكيد على أن أحد أهم أسباب انفجار ثورة الشعب فى 25 يناير 2011، كان هو الغضب من ممارسات جهاز القمع فى دولة مبارك، وقد ثار المصريون حتى لا تظل هذه الممارسات هى الحاكمة، وما حدث مع «يارا» وزملائها أمر غير مقبول، ويشى بأن فى جهاز الأمن من لم يستوعب درس 25 يناير ولا 30 يونيو، وهو يتصورـ واهماًـ أن دورة الزمان ستعود للخلف مرة أخرى، وأن دولة «الحديد والنار» وسياسة «القبضة الحديدية» عائدة للحكم ثانية، ولن يقدر أحد على تحديها، وهذه جريمة كبرى فى حق الوطن والثورة، التى أعرف جيداً أن هناك من لا يرى فيهما إلا الخراب المقيم.
ولو كنت فى موقع الجماعات الإرهابية لطبلت وزمرت لمثل هذه التصرفات غير المسؤولة التى لا تفرق بين حامل القلم وحامل القنبلة، وبين «يارا» ابنة المثقف الكبير والمترجم المتميز، زميل الدراسة والحركة التقدمية والهم الوطنى «رفعت سلام»، وبين لامؤاخذه «أحمد المغير»! الحرية لـ«يارا» ولكل محبوس، لأن له رأياً حاول أن يعبر عنه دون أن يلوث يده بالدم والتخريب، واليوم اليوم وليس غداً.
هذا ما دوَّنه المحترم أحمد بهاء الدين شعبان على الفيس بوك أمس، متعاطفاً مع «يارا» وكل «يارا» أنقله هنا بعد استئذان، وأزيدكم من الشعر بيتاً، لا يستويان، بلطجى خيرت الشاطر، ووردة الفوضى الجميلة، والوصف هنا للوردة «يارا» وليس للفوضى.