قال تقرير صادر عن معهد أبحاث الأمن القومي الإسرائيلي إن تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش)، غير قادر على احتلال العراق، ولا السيطرة على مناطق واسعة فيه، مشيرًا إلى أن أقصى تقدير لقوة التنظيم العددية، لا يتجاوز 10 آلاف مقاتل، وهو عدد لا يمكنه من احتلال بغداد أو السيطرة عليها، ولفت التقرير إلى أن التنظيم نجح في احتلال بعض المناطق في العراق بسبب عدم مقاومة المواطنين الذين يرون فيه «أقل سوءًا من حكومة المالكي»، وأكد التقرير أن «داعش» لا يمثل تهديدًا بشكل مباشر على إسرائيل في الوقت الحالي، إلا أنه أشار إلى إمكانية تمويله ومساعدته لمنظمات «إرهابية» أخرى في المنطقة قد تستهدف إسرائيل.
وأشار معهد أبحاث الأمن القومي الإسرائيلي، الذي يترأسه، رئيس المخابرات الحربية الإسرائيلية السابق، الجنرال عاموس يادلين، إلى أن «(داعش) جزء من معسكر (الجهاد) العالمي، الذي يريد إقامة خلافة إسلامية في المنطقة على غرار (طالبان)، ولكن النزاع العنيف الذي ظهر بين زعيم التنظيم، أبوبكر البغدادي، وزعيم (القاعدة)، أيمن الظواهري، أدى إلى طرد (داعش) من التحالف الذي أقامته (القاعدة) مع عدد من الشركاء الرئيسيين، وبالتالي فإن استخدام مصطلح (قوات القاعدة في العراق) لا يتطابق مع الواقع».
وعن الانتصارات الأخيرة التي حققها التنظيم في العراق، قال التقرير إنها «تنبع أساسًا من فقدان رئيس الوزراء، نوري المالكي، لشرعيته، ومن الضعف الكبير الذي ينتاب الجيش العراقي، وبسبب القيادات التي فشلت في مواقعها»، وأضاف التقرير أن رفع التنظيم رايته في بعض المناطق كان أحد أسبابه الرئيسية «عدم مقاومة السكان له، وأحيانًا مساعدتهم له بسبب استيائهم الكبير من حكومة المالكي، الذي يُنظر إليه على أنه ديكتاتور يميز بشكل صارخ ضد المواطنين السنة».
وتابع التقرير: «هذا الشعور تجاه النظام العراقي (الشيعي) جعل مواطني المناطق التي تم احتلالها غرب العراق، على الأقل حتى هذه اللحظة، يرون (داعش) أقل سوءًا»، مشيرًا إلى أن «المواجهات مع التنظيم مؤجلة مستقبلًا للحظة التي سيحاول فيها فرض نمط الحياة الإسلامي المتشددة، كما فعل في الماضي في العراق، والعام الأخير في سوريا».
وأكد التقرير أن كثيرًا مما يقال حول «داعش» في وسائل الإعلام مبالغ فيه إلى حد كبير، مثل عدد مقاتلي التنظيم، إلا أنه قال إنهم لا يزيدون على 10 آلاف شخص في أي تقدير، من بينهم متطوعون أجانب، واستطرد «هذه القوة غير كافية لاحتلال وإدارة العاصمة بغداد، حيث توجد مصلحة للمالكي وسكانها في الدفاع عنها كجزء من الدفاع عن سلامة دولتهم. إضافة لذلك، فإن (داعش) فعليًا ليس لديه القدرة على السيطرة بشكل كامل أيضًا على المناطق الأخرى التي احتلها في العراق، وفرض النظام الإسلامي الذي يسعون إليه على المواطنين، أيضًا في سوريا فإن التنظيم بعيد عن السيطرة على مناطق واسعة ويكتفي بالسيطرة بشكل رئيسي على الرقة ومناطق من دير الزور»، وأضاف التقرير أن «التخوف والقلق اللذين يسببهما نجاح التنظيم بين الدول الحدودية مع العراق، وعلى رأسها إيران، وتركيا، والأردن، من شأنه أيضًا أن يقف في طريقه».
وأكد التقرير أنه حتى إذا استطاع «داعش» تحقيق مفاجأة والسيطرة على بغداد، وهدد بشكل مباشر الأمن القومي لجيران العراق، «فإنه سيواجه بمعارضة إقليمية ومعركة ستتدخل فيها الولايات المتحدة، حتى لو كان هذا التدخل محدودًا، بسبب الخوف الأمريكي من العودة والتورط في وجود عسكري كبير في العراق. أيضًا ستتجند إيران لمساعدة نظام المالكي الشيعي، الذي يعد حليفًا لها، من أجل الحفاظ على تأثيرها على النظام ومنع قيام نظام إسلامي جهادي سني معاد لها بالقوة، أيضًا تركيا لن تقف مكتوفة الأيدي».
وعلى الرغم من كل ذلك، فإن الخطر الأكبر من نجاحات «داعش» في العراق، بحسب معهد أبحاث الأمن القومي الإسرائيلي، «هو أنه يمنح بذلك زخمًا كبيرًا للأفكار والطريق الذي يمثله، والذي يشاركه فيها منظمات إرهابية كثيرة عاملة في الشرق الأوسط وخارجه، الخطر الرئيسي في هذا الوضع نابع من الثروة الاقتصادية الكبيرة التي حققها التنظيم في العراق، عندما سيطر على أموال بنوك في عدة مناطق، انسحب منها الجيش والشرطة العراقيان، اللذان فشلا في الدفاع عنها».
وتابع التقرير: «لدى التنظيم أيضًا أموال نتيجة سيطرته على آبار نفط، تزوده بدخل كبير، والقدرة الاقتصادية الكبيرة هذه يمكن استغلالها لدعم وشراء تأثير على أنشطة المنظمات الإرهابية المشتركة معه في نفس الأفكار، إضافة إلى ذلك، سقطت في يد التنظيم كميات كبيرة من الوسائل القتالية المتطورة، جزء منها غربي، والتي ستجد طريقها ليد منظمات إرهابية عاملة في مناطق قتال في الشرق الأوسط وعبره».
وأشار التقرير إلى أن «إسرائيل، كدول كثيرة في العالم، تراقب باهتمام بالغ التطورات المعقدة في العراق، وبحاجة إلى زيادة اليقظة المخابراتية حول (داعش) واتصالاته مع المنظمات العاملة على حدودها. في هذه المرحلة، يبدو أنه لا يوجد تهديد مباشر وحال على أمن إسرائيل مما يحدث في العراق، ولكن من المتوقع أن يؤثر ذلك على تقوية عناصر الجهاد العالمي، العاملة في دول قريبة من إسرائيل».
وقال «الأمن القومي الإسرائيلي» إن «صورة الوضع في سوريا تشير إلى أن التهديد المحتمل على إسرائيل من شأنه أن يأتي من جانب (جبهة النصرة)، التي تقف جنبًا إلى جنب مع (الجبهة الإسلامية)، في هضبة الجولان السورية، وعلى الحدود مع الأردن، ورغم ذلك لم توجه هذه المنظمات سلاحها إلى إسرائيل، ولم تعلن مسؤوليتها بشكل مباشر عن معظم عمليات إطلاق النار التي تم تنفيذها ضدها من الجانب السوري، ولكن احتمالية التصعيد من جانبهم قائمة».
وأضاف: «التصور الأيديولوجي لـ(داعش) و(جبهة النصرة) و(القاعدة)، الذين أعلنوا عن نيتهم مهاجمة إسرائيل مستقبلًا، يعزز التقدير بأن هذه التنظيمات ستحاول في المستقبل تنفيذ تهديداتها ضد إسرائيل. في هذا السياق، ينبغي التذكير أن اسم (داعش) ارتبط هذا العام بأنشطة إرهابية تم إحباطها في مهدها، وكان نشطاؤها من القدس الشرقية وجنين، خططوا، تحت إشراف من غزة وتوجيه من باكستان، للاتصال بنشطاء التنظيم في سوريا من أجل تنفيذ عمليات انتحارية في القدس وتل أبيب».
وتابع: «ليس من الواضح إذا ما كانت هذه الأنشطة تشير بتوجه التنظيم للقدوم إلى إسرائيل، أو عن محاولة فردية، على كل حال، الإنجازات التي حققها التنظيم في العراق وسوريا، والأموال الطائلة التي تحت تصرفه، والتي حولته إلى التنظيم صاحب الموارد الأغنى، غير قادرة على مساعدته في احتلال العراق، ولكنها بالتأكيد قد تحفزه على توسيع أنشطته في ساحات أخرى، بما فيها إسرائيل، وأيضًا مساعدة وتمويل أنشطة شركائه».