كشف بلاغ لشاب عن مأساة حقيقية يعيش فيها 19 مدمناً داخل «مركز وهمى» لعلاج الإدمان فى مدينة أبوالنمرس بأكتوبر، اتهم الشاب 4 أشخاص من القائمين على المركز بتعذيب النزلاء بالكهرباء والضرب بالشوم وتوثيق الأيدى بالأرجل فى طريقة يطلق عليها «الشنط» وإعطائهم أقراصاً وحقناً تجعلهم يغيبون عن الوعى لعدة أيام..
انتقلت قوة من مباحث أكتوبر بعد استئذان نيابة جنوب الجيزة وتبين صحة البلاغ وعثر على 19 شاباً فى حالة إعياء شديد، وتبين أن صرخاتهم واستغاثاتهم كانت تنطلق بشكل يومى وأن الأهالى فى منطقة أبوالنمرس لم يلتفتوا إليهم وتبين أن المتهمين أوهموا الأهالى بأنه بيت «للمدمنين والمجانين» وأنهم مصابون بحالات هياج.. وتبين أن الضحايا الـ19 فى حالة نفسية سيئة وبهم آثار واضحة لضرب وتعذيب وسحل، وملابسهم «رثة» ورائحة البعض منهم كريهة..
وأخطرت نيابة جنوب الجيزة المستشار عبدالمجيد محمود، النائب العام، بتفاصيل الواقعة الذى أمر بتشكيل فريق من النيابة للانتقال والتحقيق مع المتهمين والاستماع لأقوال المجنى عليهم وتوقيع الكشف الطبى عليهم لبيان الإصابات التى لحقت بهم، وأصدر النائب العام قراراً إنسانياً بنقل الضحايا إلى مركز لعلاج الإدمان تابع لمجلس الوزراء لعلاجهم ورعايتهم حتى تعود إليهم عافيتهم تطبيقاً لمواد فى القانون لم تفعل من قبل..
جرت التحقيقات بإشراف المستشار حمادة الصاوى، المحامى العام الأول لنيابات جنوب الجيزة، وضم فريق التحقيق أسامة سيف الدين، رئيس نيابة الحوادث ومحمود عبود وهشام حاتم وأبوبكر حجاب ومصطفى خالد وموسى سعيد ومحمد عبد الفتاح، وكلاء أول النيابة، وانتقلت النيابة لمعاينة المكان وحرزت المضبوطات به وهى عبارة عن أقراص مخدرة وحقن وسرنجات، وحرزت أيضًا أدوات التعذيب ومنها أسلاك كهرباء وشوم وحبال.
وحصلت «المصرى اليوم» على تفاصيل البلاغ كاملة وتبين أنهم أبناء أثرياء من الجيزة والمحافظات، وأنهم أدمنوا المخدرات فى سن مبكرة وأن المتهمين توجهوا إلى منازل الضحايا وأقنعوا أسرهم بعلاج «الأبناء» مقابل 120 جنيهاً يومياً، وأنهم اشترطوا على الأسر ألا يزوروا أبناءهم أو يتصلوا بهم نهائياً وتبين أن من بين الضحايا ابن عميد كلية وشقيق ضابط شرطة فى الجيزة ومحامياً وأبناء رجال أعمال وطلبة تتراوح أعمارهم ما بين 16 و22 سنة.
بدأت التفاصيل ببلاغ لأجهزة الأمن فى أكتوبر من شاب 27 سنة ابن رجل أعمال فى الجيزة، قال فيه إن أصحاب مركز لعلاج الأدمان فى أبوالنمرس حضروا إلى فيلا والده وأقنعوه بأنهم متخصصون فى علاج ضحايا الإدمان، وأنهم يمتلكون مركزاً متخصصاً ومجهزاً واشترطوا على والده أن يتوجه ابنه بمفرده معهم إلى المكان وألا يزوره أحد خلال 3 أشهر.
وأضاف الشاب فى بلاغه أنه استسلم للأمر وفوجئ بمجموعة من الشباب أعمارهم تتراوح ما بين 16 و35 سنة من النزلاء والمرضى داخل المركز وأنه غير منظم بالمرة وبه روائح كريهة وحوائطه بها شقوق ويقع فى منطقة زراعية وأنه منزل مكون من طابقين.
وأضاف الشاب فى بلاغه أن القائمين على المركز اعتدوا عليه بالضرب وعذبوه بتوصيل تيار كهربائى إلى جسده وضربوه بالشوم وأوثقوه بالحبال واتهم أربعة عاملين فى المركز بالتعذيب البدنى والنفسى. تشكل فريق بحث بإشراف اللواءين أسامة المراسى وأحمد عبدالعال وتم استصدار إذن من المستشار حمادة الصاوى، المحامى العام الأول، لمداهمة المكان والتحقق من صحة البلاغ وانتقل فريق من الشرطة بإشراف العميد محمد زيد وضم المقدمين سعيد عابد وأحمد مبروك والرائد أحمد زاهر،
وظهرت المفاجأة عندما وصل رجال المباحث إلى المكان وتبين أنه مغلق بالجنازير من الخارج وأن كل نوافذه مغلقة بالحديد ولا يمكن الخروج منه تحت أى ظرف وفوجئوا بأصوات استغاثة من داخل المركز وأصوات تصرخ من الألم وعثر رجال المباحث على 19 شاباً حالتهم الصحية سيئة وبعضهم تفوح منه رائحة كريهة وألقى القبض على 4 متهمين من أصحاب المركز والعاملين به وجار القبض على باقى المتهمين وانتقلت النيابة للمعاينة وتبين أن المكان عبارة عن طابقين يضم الأول غرفتين وصالة وحماماً والثانى يضم 3 غرف نوافذها مغلقة بأسياخ حديدية، و
عثرت النيابة على أدوات تعذيب من بينها شوم وحبال وأسلاك كهرباء وعثرت على أدوية وأقراص وحقن يشتبه أنها مدرجة فى جداول المخدرات وغير مصرح باستخدامها إلا بإشراف طبى وبتذكرة من طبيب متخصص.
وكشفت تحقيقات النيابة أن المتهمين الأربعة من مدمنى المواد المخدرة وتم علاجهم وأنهم أنشأوا هذا المركز لعلاج الإدمان وأنهم غير متخصصين وكانوا يستعملون العنف مع الضحايا، واستمع أسامة سيف الدين، رئيس النيابة، ومحمود عبود وهشام حاتم ومحمد أبوبكر وكلاء النيابة لأقوال الضحايا وقالوا فى التحقيقات إن المتهمين كانوا يربطون الواحد منهم بطريقة «الشنط» وهى ربط الأيدى والأرجل من الخلف،
وأنهم كانوا يلقون بالضحية على هذه الوضعية أمام الحمام، وأنهم كانوا يتابعون دخول وخروج الضحايا للحمام ويأمرونهم بدهس الضحية بالحذاء والمرور فوقه وركله وإلا سيتبدل الوضع ويصبح الضحية «طليقاً» والرافض لتنفيذ الأمر مكانه موثوقاً بالحبال.
وأضاف الضحايا أنهم كانوا يشربون مياهاً بها رائحة الصرف الصحى وأن المتهمين كانوا يجبرونهم على الاستحمام بتلك المياه، وأن البعض منهم أصيب بحالات «جرب» خاصة الذين دخلوا المركز قبل شهرين. وقالت مصادر لـ«المصرى اليوم» إن المياه فى هذه المنطقة مخلوطة بالصرف الصحى ولم تستبعد المصادر اعتماد المتهمين على مياه الصرف الصحى الموجودة فى ترع قريبة من مكان الضبط.
وأضاف الضحايا فى التحقيقات أن المتهمين كانوا يوثقونهم بالحبال ثم يعطونهم حقناً وأدوية تجعلهم غائبين عن الوعى لفترات طويلة تصل إلى أيام وأن من بين تلك الأدوية «اكنيتون وسافينيز» وأن هذه الأدوية كانت تصيبهم بحالة غياب عن الوعى وتجعلهم يتجهون برقبتهم إلى «جهة اليسار» دائماً.
وكشفت التحقيقات أن أصحاب المركز أجبروا صبياً 15 سنة كان يعالج على الاستمرار معهم والعمل رغماً عنه فى المكان، وأنهم كانوا يطلبون منه مساعدتهم فى تعذيب وتوثيق المجنى عليهم، وقال الشاب إن صاحب المركز أخذه من منزله بعد استئذان أسرته لعلاجه من إدمان الأقراص المخدرة منذ 3 أشهر.
وأمرت النيابة بضبط وإحضار باقى المتهمين لسؤالهم وخاطبت وزارة الصحة لمعرفة هل المكان مرخص له بعلاج ضحايا الإدمان من عدمه؟! وأرسلت عينة من الأقراص والأدوية إلى معامل متخصصة لبيان أضرارها وهل مدرجة فى جداول المخدرات من عدمه؟!. وأصدر النائب العام قراراً إنسانياً بإيداع الضحايا إحدى المصحات الحكومية لعلاجهم من الإدمان بصفتهم مجنى عليهم ولاتزال التحقيقات مستمرة.