x

مجدي الجلاد: «المصري اليوم» نقطة تحول مهمة في حياتي

السبت 21-06-2014 21:55 | كتب: ماهر حسن |
مجدي الجلاد مجدي الجلاد تصوير : محمود عبد الغني

لم يكن يحلُم بالعمل في الصحافة؛ رغم عشقه لمدرستى «أخبار اليوم»، و«روز اليوسف»، وعندما تخرج في كلية الإعلام، 1986، وهى الدفعة التي أطلق عليها الدفعة الذهبية في عالم الصحافة تدرّب مساعد مخرج، وبحكم قرابته للأخوين حمدى وعبدالله، «خَالَىْ والدته»، اشتغل 3 سنوات، في مجال الإخراج، ثم التحق بالعمل داخل «المصرى اليوم» مديراً للتحرير ثم رئيساً للتحرير خلفاً لأنور الهوارى.

هو مجدى الجلاد رئيس تحرير «الوطن»، رئيس تحرير «المصرى اليوم» الأسبق، التقته الجريدة ليروى ذكرياته عن «المصرى اليوم» بمناسبة عيدها السنوى العاشر.

■ كيف بدأت حياتك المهنية في الصحافة؟

- حصلت على فرصة للتدريب في صحيفتى «الجمهورية»، وبعدها في «الوفد»، ثم قدمنى شقيقى لـ«جميل الباجورى»، الذي شارك في تأسيس جريدة «الأنباء الكويتية»، والتحقت بها بغرض التدريب، وكان أول موضوع أكتبه عن مسرحية سالومى، وكان مصطفى بدر، رحمه الله، نائب مدير المكتب، وعندما قرأ الموضوع، أبدى استحسانه، وقال لـ«الباجورى» الموضوع لا يحتاج ديسك، ومكتوب بحرفية؛ وطلبونى للعمل معهم في المكتب؛ ثم سافرت إلى السعودية، وعملت 8 سنوات في جريدة «المدينة المنورة»، وكانت تجربة مهمة بالنسبة لى، وقبل عودتى طلب منى أسامة سرايا، مدير مكتب «الأهرام»، في جدة، آنذاك، العمل معه مراسلا من السعودية لمجلة «الأهرام العربى»، وعملت معه سنتين مراسلا للمجلة، منذ تأسيسها، وعُينت بها، وعدت بعد ذلك إلى «الأهرام» 1999، وعندما صدرت «المصرى اليوم»، مثلت نقطة تحول في حياتى، وعُينت بها مديرا للتحرير، ثم توليت رئاسة تحريرها.

■ وكيف كانت البداية في «المصرى اليوم»؟

- كان أنورالهوارى، رئيس تحرير الصحيفة، زميل دفعة واحدة في إعلام القاهرة 1986، التي سموها الدفعة الذهبية، ضمت يسرى فودة وحمدى رزق وياسر رزق وجميلة إسماعيل وعماد الدين حسين وعادل السنهورى ودينا عبدالفتاح ومحمد على خير، وغيرهم، وكنت أنا والهوارى نعمل سويا بمبنى الأهرام القديم، في الدور الثالث، وطلبنى، وكنت قد سمعت أن هناك تجربة صحفية جديدة، تحت التأسيس، باسم «المصرى اليوم»، وأن مجدى مهنا، رحمه الله، رئيس التحرير، وتلقيت دعوة، عبر وسيط، من «مهنا» للعمل معه، قبل حديثى مع «الهوارى»، ولم أكن متحمسا في البداية، رغم أهمية ومكانة «مهنا» عندى، وكان معه أسماء لا تتوافق مع قناعتى الصحفية وطموحاتى بتأسيس جريدة شابة، ولم أذهب؛ فلما تحدث معى «الهوارى»، لاحقا، عن التجربة، قال لى إن المؤسسين لم يرحبوا بتجربة «مهنا»، وأنهم اختاروه رئيسا للتحرير، «الهوارى»، ووافقت على التعاون معه، مديرا للتحرير، وتأسيس تجربة مختلفة عن تجربة «مهنا»، وفى 4 فبراير 2004، توجهت إلى المقر الأول لـ«المصرى اليوم»، في جاردن سيتى، ولم يكن به سوى هشام قاسم، العضو المنتدب، ومحروس بدر، المدير المالى، ومحسن عكاشة، المدير الإدارى، ولم يكن هناك محرر واحد، وطالبتنا الإدارة بتأسيس صحيفة جديدة، ووجدت في هشام قاسم شخصا محترما ومحترفا في صناعة الصحافة؛ ثم التقينا المهندس صلاح دياب، وجاء المرحوم عادل القاضى، الشخص المهذب الجميل، ووقع اختيارنا على الدكتور أحمد محمود، لإعداد الماكيت الأساسى للجريدة، في شكل مختلف، ولم أكن أعرفه من قبل، وكنت أتابع تجربة الدستور الأولى، التي أعد الدكتور أحمد الماكيت الأساسى لها، وكان يتميز بروح التجديد والإبداع، وغيرنا لوجو «المصرى اليوم»، وساعدنا عمرو خفاجى في التواصل مع الدكتور أحمد، وعرضنا عليه رؤيتنا، بشأن تأسيس الجريدة، واتفقنا على كونها جريدة خبرية، تنشر الأخبار التي لا تنشرها الصحف الحكومية، بعيدا عن الأخبار الرسمية، وأن نكون صحيفة رأى، تقدم وجوها جديدة، لتقدم الحوار الليبرالى، من خلال الرأى الحر، وبدأنا العمل أنا و«القاضى»، كمديرى تحرير، وكان محمد رضوان، رئيس قسم الحوادث، ومحمد سمير، رئيس قسم الشؤون الخارجية، والدكتور أحمد، المدير الفنى، وصدرت الصحيفة فى7 يونيو 2004.

■ ما رأيك في أداء الهوارى.. وكيف تُقيم «المصرى اليوم»، تحت رئاسة تحريره؟

-«الهوارى» صحفى ناجح، ومتميز، وكاتب رأى رائع جدا، ومثقف سياسيا وفكريا، وينتمى لمدرسة صحفية مختلفة عنى، ولذا كنا أحيانا مختلفين في وجهات النظر، وهو محافظ بعض الشىء، وكان أثناء رئاسة تحريره مهتما بالشأن العربى والدولى، بينما كنت أرى أن مصر في حاجة لصحيفة محلية، تكشف مالا تقوله الصحف الأخرى، ولذا في الأعداد الأولى كانت أخبار الصفحة الأولى عن لبنان والعراق وسوريا وغيرها، وهذه مدارس وقناعات؛ لكن أعفنى من إبداء الرأى في القناعات السياسية والفكرية؛ فأنا مهتم بما هو مهنى، وخلال هذه الفترة كانت الصحيفة متعثرة إلى حد ما – وأرجو ذكر الأرقام بدقة– فكان التوزيع آنذاك ما بين 4 آلاف و5 آلاف نسخة يوميا، وحين كان يزيد كان يصل من 7 إلى 8 آلاف نسخة.

■ متى توليت رئاسة تحرير «المصرى اليوم»؟

-توليت رئاسة التحرير فعليا، نهاية ديسمبر 2004، إثر خلاف بين «الهوارى»، وإدارة الصحيفة، 1 يناير 2005، وكان هشام قاسم وراء اختيارى، وبعد رئاستى للتحرير بـ6 أشهر وصل التوزيع إلى أكثر من 30 ألف نسخة في اليوم، بعدما أحدثت تحولا مهنيا في الجريدة بشكل كامل، وطلبت، آنذاك، من الزملاء أن نبدأ من جديد، وكأننا نؤسس صحيفة جديدة، معنية بالمواطن البسيط، ونهتم بقضاياه ومشاكله ونتيح للفئات السياسية المهمشة، أن تكون حاضرة على صفحاتها، ونجحنا، وتصاعد التوزيع، وفى نهاية 2005، أصبحنا جريدة ذات تأثير كبير في الشارع، حال نشر قصة تزوير انتخابات 2005، من خلال شهادة المستشارة نهى الزينى، وخلال ثورة يناير 2011، وصل التوزيع إلى 600 ألف نسخة يوميا.

■ على أي أساس اختارك قاسم، ولم يختر عادل القاضى، أو رئيس تحرير من خارج الصحيفة؟

-هشام قاسم ليبرالى، يؤمن بالشباب، وكان عمرى وقتها نحو 38 سنة، وأن هناك صحافة جديدة، يمكن ألا تعتمد على أسماء قديمة، إضافة إلى أنه دارس جيد للصحافة الغربية، ويؤمن بها، وبمهنيتها ومحتواها وأساليبها، وكان يرى أننى أسست كل الأقسام، قبل الصدور، وأننى قريب من المحررين، وكان يرى في أفكارى وأسلوب عملى، أننى لدى القدرة على تقديم رؤية مختلفة كان يحلم بها، وكان لا يخشى خوض التجربة، ووجدت نفسى في تحد مهم، واتفق «قاسم»، والمهندس صلاح دياب على هذا- على سبيل التجربة– وهذا لم يكن شيئا مهينا بالنسبة لى، بل رائع جدا، لأنه ليس من المنطقى أن تطلب من أحد تفويضا نهائيا، غير قابل للإلغاء، في أي مهنة؛ لأنه من الطبيعى أن تكون في صحيفة ما اليوم، وغدا في أخرى، ولم يشكل هذا الأمر قلقا بالنسبة لى، وكان أشبه بتحد قبلته؛ ثم التقيت «دياب»، بعدها بأسبوعين وقال لى: «قاسم رشحك لرئاسة التحرير، ويراهن عليك، وقال لمجلس الإدارة إنك حد شاطر وكويس، وفاهم صحافة، وفاهم إحنا عايزين إيه بالضبط».

وقلت له: على فكرة أنا كمدير تحرير، أسعد بالعمل مع أي رئيس تحرير، بشرط أن يكون أفضل منى، كى أتعلم منه، مثل الكاتب الراحل الكبير محمود عوض مثلا.

■ لكن من حق أصحاب المؤسسة، وأنت رئيس تحرير، أن تتعارض رؤاهم مع رؤاك، وتوجهك وسياستك وطريقة إدارتك، ومن حقهم أن يأتوا عليك برئيس تحرير آخر، وأنت موجود في المؤسسة، وينحوك كرئيس تحرير، وعليك أن تقبل أو ترفض؟

-طبعا أصحاب المؤسسة أحرار فيما يتخذونه من قرارات، وأنا أيضا حر فيما أتخذه من قرارات تخصنى، والاتفاق والاختلاف وارد، والتسوية واردة.

■ لكن قد يصل التعارض في الرؤى والتوجهات حد الصدام والاختلاف والافتراق.. فهل حدث اختلاف بينكما؟

-أحيانا كانت هناك خلافات؛ لكن ليست كثيرة، وكانت خلافات مهنية، وعلى سبيل المثال؛ فأخى وصديقى هشام قاسم لم يتدخل في التحرير، والتدخل في التحرير قبل النشر هو التدخل، ولكن بعد النشر، فإن الاعتراض أو إبداء رأى معارض لا أسميه تدخلا، وقد اتفقنا أنا والمسؤولون عن المؤسسة على سياسة عامة، ما جنبنا ما تصفه أنت بالصدام، ولم يكن «قاسم» يتدخل في التحرير، قبل النشر أوبعده، وأرى أنه لا مانع من اعتراض أصحاب الصحيفة، ومجلس الإدارة على أي من قناعاتى، وغالبا ما كنا نصل إلى تفاهم دون تنازلات في التوجهات أو السياسة التحريرية.

■ عندما تركت «المصرى اليوم»، لا نعرف ما إذا كان قرارك من قبيل التحدى أو النكاية.. اصطحبت معك مجموعة كبيرة من محررى الصحيفة؛ كأنك تفرغها من المحررين، هكذا بدا الأمر؟

لم آخذ أحدا معى، ومن يعملون معى في «الوطن»، هم الذين أخذونى، وأنت عندما تعمل في مهنة إنسانية، لها علاقة بالإبداع والتشكيل والكتابة والتصميم، يكون لديك طريقة ومفهوم، متعلق بنجاحها، وهى روح الأسرة الواحدة، والفريق المتناغم، وأننا قريبون من بعضنا البعض، مثلما كنا في «المصرى اليوم»، كنا نعمل، ونأكل سويا، وطوال الوقت كنت خارج مكتبى المفتوح للجميع، وهذه المدرسة على مدى 8 سنوات ونصف السنة، حققت قربا إنسانيا، وتفاهما كبيرا بيننا، وعندما هممت بمغادرتها، أراد مجموعة من الزملاء مشاركتى في التجربة الجديدة؛ فقلت لهم أهلا، وأنا أيضا أتمنى أن تكونوا معى، وهذا ليس عيبا، ولم يكن مخططا له، ونحن متفاهمون جدا.

■ يعنى لو نصف العاملين في «المصرى اليوم»، كانوا متفاهمين معك كنت اصطحبتهم معك؟

-لم أصطحب معى نصف العاملين في الصحيفة، من جاءوا معى لا يتعدون 30 محررا، وهناك من انضموا إلى «الوطن» بعد ذلك، وهناك من أتوا، ثم عادوا إلى «المصرى اليوم»، بعد توقيعهم عقود، ودفعت ثمن ذلك بتضحية مالية؛ لكن البشر أهم من الفلوس، وهل تعرف أننى لم أهتم بنيل مستحقاتى من «المصرى اليوم»، ومن الطبيعى كما ذكرت لك أن أكون في «الوطن»، ثم أكون في صحيفة أخرى بعد حين.

وما حدث لا يعنى بالضرورة أن تقع «المصرى اليوم»، فهى لا تهتز ببقاء فلان أو رحيل فلان، وحين تأتى مرحلة على «المصرى اليوم»، يتجاوز توزيعها 600 ألف نسخة، يمكن أن يصيبنى القلق، وأشعر أننى في منافسة صعبة؛ لكن «إزاى أنفسن على ابني»، الذي أحبه، وهو متفوق وأحبه وهو متعثر، إنما المنافسة المهنية طبيعية ومشروعة، وأنا أنافس «الأهرام».

■ ما أهم ذكرياتك في «المصرى اليوم»؟

-الانتخابات والثورة والمعارك مع نظام مبارك، والمهندس صلاح دياب، وهشام قاسم والهوارى، وعادل القاضى واحمد محمود ومحمود مسلم ومحمد السيد صالح وإيهاب الزلاقى وماهر حسن وعلاء الغطريفى، كلها ذكريات جميلة، ولا يمكن نسيان تلك الفترة، وقالها المهندس صلاح دياب: «المصرى اليوم» صنعت مجدى الجلاد، و«الجلاد» صنع «المصرى اليوم»، وأنا أتكلم دائما مع المهندس صلاح دياب، ونحن متوافقان، وعلاقتنا رائعة، وهو أبويا، وأذكر أننا أثناء الثورة، أقمنا بصورة شبه دائمة في «المصرى اليوم»، نأكل ونشرب داخل المقر، الذي يعتبر في محيط الثورة، في شارع قصر العينى، وكنت أجهدت جدا، ولم تكن أعصابنا هادية، وأغمى عليّ أثناء الثورة، ونُقلت إلى المستشفى بسبب قنابل الغاز المسيلة للدموع، وداخل «المصرى اليوم»، كنت أعيش أجمل اللحظات، بعد الانتهاء من الجريدة، وكنا نأكل ونشرب مع كل المحررين، وكنا كل يوم نصطاد واحد منا لنورطه في وجبة عشاء، وننكت عليه.

■ ما طموحك.. وما الذي حققته؟

طموحى بلا حدود، وبعد سنيتن من تجربة «الوطن»، أستطيع القول إننى نجحت بنسبة 70 %، وأستطيع القول إن نجاح الجريدة والموقع كان أسرع من أي تجربة؛ لأننى استفدت من تجربة «المصرى اليوم».

وقد أصبحت «الوطن» ذات تأثير كبير، خلال وقت قياسى، ومازال المشوار أمامى طويلا، وأتمنى أن أشتغل صحافة حتى الموت، وقد تعلمت من المهندس صلاح دياب، أن الضربة التي لا تكسرك تقويك، وأقول إن رؤساء تحريرها الأربعة، الذين تولوا المهمة بعدى كلهم محترمون.

■ ماذا تقول للمهندس صلاح دياب في عيد ميلاد «المصرى اليوم» العاشر؟

-أقول له، أنت مثل والدى، وأحبك جدا، وأحب أشياء كثيرة جدا فيك؛ كحُلمك ببعث سيرة توفيق دياب «الجد»، وجريدته الوطنية «الجهاد»، وأحببت فيك عزيمتك، وتعلمت منك الطموح، والحلم المدروس، والمثابرة في العمل، والإرادة والقوة، وحاجة مهمة جدا أن الأزمة اللى متكسركش تقويك.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية