x

زياد العليمي دروس الانتخابات الرئاسية «3-3» لا تضعونا فى هذا الموقف زياد العليمي السبت 21-06-2014 22:06


لم يتعد عمر التجربة الحزبية الوليدة فى مصر الثلاث سنوات، ولكنها تبقى أكثر السنوات ثراء ـ منذ ما يزيد على الستة عقود ـ على صعيد التجارب والدروس التى تلقاها المشاركون فى هذه التجربة! وكانت الانتخابات الرئاسية الأخيرة درسًا جديدًا، على المهتمين بالتجربة الحزبية أن يستفيدوا منه إذا أرادوا البقاء.

وكما يعرف الكثيرون تعتبر الأحزاب الوسيلة الديمقراطية الحديثة التى تُمكّن المواطنين من التعبير عن آرائهم والمشاركة فى صياغة السياسات العامة من خلال تداول سلطة قائم على انتخابات حقيقية؛ وهو ما يستلزم بالأساس مجالًا سياسيًا مفتوحًا، يتيح لها العمل والانتشار وحشد الأنصار. وفى حالة عدم وجود مجال سياسى مفتوح، لا يمكن أن نتحدث عن أحزاب حقيقية قادرة على الفعل.

وخلال تلك السنوات الثلاث، اشتبك وتفاعل مع التجربة الحزبية فى مصر جمهور جديد على الحياة السياسية ينتمى أغلبه لفئة الشباب، غير أن الانتخابات الرئاسية الأخيرة شهدت نوعًا من الانفصال بين القيادات الحزبية وقواعدها، وهو ما يهدد ـ فى حال استمراره ـ الحياة الحزبية فى مجملها! لنجد أنفسنا ـ مرة أخرى ـ بين أنقاض أحزاب، يقف عليها عدد من أنصاف الموهوبين، الذين وجدوا أنفسهم ـ على فرض حسن نيتهم ـ يقودون أحزابًا لا يتجاوز عدد أعضائها أصابع اليد الواحدة! وغير قادرين على توسيع دوائر المشاركة فى أحزابهم؛ وعلى الجانب الآخر، أعداد كبيرة من الشباب لا يجدون مؤسسات سياسية تستوعبهم ولا يجدون من يمثلهم، فيزيد الغضب داخلهم حتى نصل للانفجار مرة أخرى، وهو الاختيار الذى لن يستفيد منه أى شخص أو جماعة، لأنه سيطيح بالجميع، لا قدر الله!.

والحقيقة أن جمهور الأحزاب من الشباب والمؤمنين بالتغيير، بات عندهم شك كبير فى جدوى عملية سياسية؛ يرونها محاطة بالاعتقالات، والقتل، ومحاكمات تفتقد أبسط قواعد العدالة، وتضييقا على الإعلام، وتشويه المؤمنين بالتغيير، ومحاولة النيل من ثورة شارك فيها ملايين المصريين للإطاحة بدولة الفساد والاستبداد! وبدأوا يخوضون معاركهم ـ بشكل منفصل عن تنظيماتهم ـ لمحاربة كل مظاهر الاستبداد التى بدأت تلوح فى الأفق مرة أخرى، للمحافظة على ما حققوه من هامش حريات، انتزع بدماء زملائهم.

وعلى الجانب الآخر، انخرطت قيادات تلك الأحزاب فى حسابات معقدة، حول تأثير موقفها من الانتخابات الرئاسية على حظوظها فى الانتخابات القادمة، وتسحبهم هذه الحسابات، شيئًا فشيئًا، بعيدًا عما آمنوا به وأقاموا أحزابهم من أجله، فلا يفيقون إلا وهم لم يعودوا جزءًا من معسكر التغيير، فيدخلون الدائرة التى أدخل نظام مبارك أحزاب ما قبل الثورة فيها.

والأمر المؤكد هو أنه لا وجود للديمقراطية من دون حياة حزبية سليمة، وهى بدورها لا توجد من دون مجال سياسى مفتوح. ومن ثم، تكون معركة الحريات والديمقراطية ومواجهة كل أشكال القمع معركة حياة أو موت بالنسبة للأحزاب، لا يجوز فيها الحلول الوسط! وبقدر التنازل الذى تقدمه الأحزاب فى هذا المضمار، تتلاشى فرص بقائها ومشاركتها كطرف فاعل لا طرف مصنوع، تتحدد قوته بقدر رضا الحاكم عليه، ولن يخوض هذه المعركة سوى المؤمنين بالتغيير والشباب داخل هذه الأحزاب الذين تستبعدهم بشكل تلقائى أجواء حسابات المكسب والخسارة من كعكة السلطة الحالية على حساب مستقبل الوطن.

تذكروا أن الملايين التى احتشدت فى الميدان ـ خلال الأيام الأولى للثورة ـ رفضت دخول عدد ممن كان يطلق عليهم قيادات «الأحزاب المعارضة» خلال فترة حكم مبارك! وأنه عند فتح المجال السياسى سيكون المؤمنون بالتغيير الكتلة التصويتية الأكبر التى يجب أن تعتمد عليها أحزابكم. وإذا لم يتم فتح المجال السياسى بشكل إرادى وواعٍ، سوف نشهد ـ للأسف ـ انفجارًا آخر يعيد الأمور إلى نصابها، ويفتح المجال السياسى ويبنى أحزابًا حقيقية. حينها لن يكون أمام من أحبوكم واحترموكم ومازال لديهم بعض المصداقية بين المؤمنين بالتغيير إلا أن ينظروا إلى الجهة الأخرى ويغضوا البصر عن الطريقة التى سيستقبلكم بها الحالمون بالتغيير الذين سيرونكم جزءًا من مؤامرة كانت تحاك على حلمهم بوطن عادل وحر، فلا تضعونا ـ نحن محبيكم ـ فى هذا الموقف!

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية