فى الوقت الذى تتزايد فيه موجة الانتقادات الدولية للهجوم الإسرائيلى الدموى على سفن «أسطول الحرية» أفادت تقارير إخبارية بأن إسرائيل تجرى اتصالات مع الحكومة الأيرلندية لإقناعها بتوجيه سفينة الشحن «راشيل كورى» التى تحمل أيضاً مساعدات للفلسطينيين، إلى ميناء أشدود وليس إلى شواطئ غزة تجنباً لعملية عسكرية أخرى للسيطرة عليها فى عرض البحر. وقالت الإذاعة الإسرائيلية أمس الأول إن إسرائيل تجرى اتصالات مماثلة مع ربان السفينة نفسها لتحويل مسار السفينة.
وكانت جريتا برلين- وهى من مؤسسى حركة «غزة الحرة» التى نظمت مهمة «أسطول الحرية»- صرحت فى وقت سابق بأنه سيتم إرسال المزيد من السفن إلى قطاع غزة. وقالت برلين إن «راشيل كورى» قد تصل إلى غزة فى غضون أسبوعين، لكنها رفضت أن تحدد الموقع الدقيق للسفينة، وقالت إن الحركة تشتبه فى أن إسرائيل تحاول تخريب أسطول المساعدات، وأكدت: «إننا مصممون على مواصلة إرسال السفن إلى غزة».
وكان من المقرر أن تنضم «راشيل كورى» إلى «أسطول الحرية» الذى قادته السفينة التركية «مرمرة»، ولكنها تعرضت لعطل مفاجئ، ما أرغمها على عدم مواصلة رحلتها والتوقف فى قبرص. وقالت برلين إن سفينتين أخريين وهما «تشالينجر1» و«تشالينجر2» تعرضتا لأعطال مفاجئة أيضا. وأضافت أن فحص السفن كشف أنه من المحتمل أن يكون تم العبث بالأسلاك الكهربائية، موضحة أن المنظمين مازالوا ينتظرون نتائج تحقيق كامل.
وجاءت تصريحات برلين بعدما ألمح نائب وزير الدفاع الإسرائيلى ماتان فيلناى للإذاعة الإسرائيلية بوضوح إلى أن إسرائيل قامت بعملية سرية لتخريب الأسطول.
وتحمل سفينة الشحن الأيرلندية 1200 طن من المساعدات إلى غزة، بما فى ذلك 560 طناً من الأسمنت و100 طن من المعدات الطبية، من بينها أجهزة أشعة مقطعية وعيادة للأسنان و200 كرسى متحرك كهربائى وعادى وأوراق وملابس رياضية وأقلام ألوان للأطفال. ومن بين النشطاء، على متن السفينة الأيرلندية، ميريد كوريجان ماجوير الحائزة على جائزة نوبل للسلام، بالإضافة إلى مساعد الأمين العام السابق للأمم المتحدة دينيس هاليداى.
وفى تلك الأثناء، اتهم الجيش الإسرائيلى أمس الأول حركة «حماس» بمنعه من نقل حمولة المساعدات التى صادرها من «أسطول الحرية» إلى قطاع غزة.
وكانت الحكومة الفلسطينية المقالة التابعة لـ«حماس» نفت أن تكون تسلمت عن طريق معبر «كرم أبوسالم» أيا من المساعدات التى كانت تنقلها السفن، وقال طاهر النونو المتحدث باسم حكومة حماس المقالة «الأولوية الآن هى إطلاق سراح المختطفين وإعادتهم والشهداء والجرحى إلى دولهم».
وردا على ذلك، زعمت المتحدثة باسم الجيش الإسرائيلى أفيتال ليبوفيتز أن إسرائيل حملت 20 شاحنة من السلع مصدرها «أسطول الحرية»، وأضافت «المؤسف أن الفلسطينيين يرفضون قبول هذه الحمولة، والشاحنات محملة لكنها لا تستطيع دخول قطاع غزة»، وتابعت المتحدثة «نستنتج أن حماس تمنع دخول المساعدة الإنسانية»، متهمة الحركة بأنها «قررت على ما يبدو أن مصلحة السكان أقل أهمية من دون شك من السياسة الداخلية».
وفى محاولة جديدة من إسرائيل لإقناع الرأى العام العالمى بأن نوايا نشطاء «أسطول الحرية» لم تكن سلمية وأن الهجوم الإسرائيلى كان له ما يبرره، بث الجيش الإسرائيلى شريط فيديو جديداً الليلة قبل الماضية يمكن فيه رؤية النشطاء الأجانب على ظهر إحدى سفن «أسطول الحرية» الـ6 وهم يستعدون للعملية المتوقعة من جانب البحرية الإسرائيلية والعصى فى أيديهم، والتى بدأوا فى رفعها عندما شاهدوا جنود البحرية الإسرائيلية يقتربون منهم. ويمكن أيضا رؤيتهم وهم يرتدون الأقنعة الواقية من الغازات وسترات السباحة.
جاء ذلك فيما تعالت الأصوات الدولية المطالبة برفع الحصار عن غزة، حيث أكد الأمين العام للأمم المتحدة بان كى مون أن الحادث الخطير الذى شكله الهجوم الدامى من جانب الجيش الإسرائيلى على أسطول الحرية «يلقى الضوء على حصار القطاع المستمر منذ وقت طويل»، وأكد أن هذا الحصار «يأتى بنتائج معاكسة وهو غير مقبول وغير أخلاقى ويجب أن يرفع فوراً».
وطلب كى مون من السلطات الإسرائيلية تقديم «تقرير كامل ومفصل» عن العملية الإسرائيلية، وأوضح أنه يدرس «عدة خيارات» تتعلق بالتحقيق فى الحادث «بناء على طلب مجلس الأمن»، فيما قال رئيس مجلس الأمن الدولى أمس الأول إنه من المتوقع أن يقرر كى مون فتح تحقيق فى الهجوم الإسرائيلى على أسطول الحرية، وقال السفير المكسيكى كلود هيلر، الذى تتولى بلاده الرئاسة الدورية للمجلس خلال الشهر الجارى، إن المجلس (15 دولة) لم يكن لديه اعتراض على قيام الأمم المتحدة بإجراء تحقيق عندما تمت مناقشة هذه المسألة فى جلسة مغلقة الإثنين الماضى.
جاء ذلك فيما استمرت المظاهرات الغاضبة فى أنحاء تركيا احتجاجا على الهجوم الإسرائيلى على سفن أسطول الحرية، حيث خرج أمس الأول الآلاف فى محافظات سيواس وديار بكر وجموشهانه وجريزون وغازى عنتب مستنكرين الهجوم الإسرائيلى ورافعين شعارات التنديد بإسرائيل والولايات المتحدة، وتأكيد وقوف الشعب التركى إلى جانب الشعب الفلسطينى.