لا جدوى لقصف تنظيم الدولة الإسلامية بالعراق والشام «داعش» جوا، وعلى واشنطن طمأنة السنة بأنهم جزء من النظام في العراق، بحسب خبير أمريكي.
وقال زميل معهد «راديكليف» في جامعة هارفارد الأمريكية، والخبير في الشأن العراقي، حارث حسن، لوكالة الأناضول: «القصف الجوي الذي بات أحد خيارات واشنطن للتعاطي مع الأزمة العراقية، ليس حلا مجديا لخطر داعش»، وتابع: «داعش تنتشر بين المدنيين ولا أعرف مدى فاعلية القصف الجوي في هذه الحالة».
كان الرئيس الأمريكي باراك أوباما قال في خطاب الجمعة الماضي، إنه طلب من فريق الأمن القومي اعداد خيارات للتعاطي مع الأوضاع في العراق، مستبعدا ارسال قوات عسكرية إلى البلاد، في كلمات استنبط منها مراقبون إن التدخل الأمريكي سيأخد على الأرجح شكل الضربات الجوية.
حارث اتفق مع الرئيس الأمريكي باراك أوباما في أن الأزمة العراقية ذات بعد سياسي، وقال: «الرئيس أوباما قالها بشكل واضح أن أساس المشكلة سياسي وعائد إلى فشل النخبة السياسية العراقية في اقامة نظام سياسي يمتلك شرعية واسعة النطاق ومقبولة من قبل الجميع وقادر على صياغة حلول للمشاكل التي يعانيها العراق».
وأضاف «حارث»أن واشنطن تحاول استكشاف الوضع على الأرض؛ فالأزمة «ليست في قتال داعش فقط ولكن ايجاد تصريحات تطمئن السنة وتجعلهم يشعرون بأنهم جزء من النظام السياسي وبالتالي يقل تسامح السنة مع داعش على الأقل على المدى المنظور».
«حارث» يرى أن أفضل ما يمكن للولايات المتحدة فعله لانهاء الوضع المأزوم في العراق هو «دفع القوى السياسية العراقية إلى مفاوضات جدية عن طريق راعٍ دولي لكون القوى السياسية عراقية غير ناضجة بما يكفي لايجاد الحلول».
وأكد على ضرورة «ألا يقوم المالكي بترشيح نفسه لدورة ثالثة وايجاد بديل مناسب يحظى بالقبول من قبل الكرد والسنة وهو ما قد يخلق بيئة مناسبة يمكن من خلالها مناقشة مستقبل العراق السياسي لأن سقوط الموصل نفسه هو في احد ابعاده سقوط لمشروع المالكي السياسي الذي يقوم على مركزية تسيطر فيها بغداد على باقي المحافظات».
ولم تتشكل حكومة عراقية جديدة بعد اجراء الانتخابات التشريعية في 30 أبريل الماضي، بسبب عدم توصل الكتل السياسية إلى تفاهمات تمهد بتشكيل كتلة حاكمة تحوز أغلبية المقاعد في البرلمان، رغم فوز القوائم الشيعية الرئيسية الثلاث، وفي مقدمتها ائتلاف دولة القانون، برئاسة المالكي، بأكثرية المقاعد (161 مقعد من أصل 328)
الصحفي الأمريكي، جريج ماير، الخبير في معهد الشرق الأوسط للدراسات والبحوث (غير حكومي) قال في تصريحات للاناضول: «الحرب الأهلية احتمال قائم لو سارت الأمور على نفس المنوال الذي تسير عليه في الوقت الحاضر».
وخلال الاسبوع الماضي، سقطت عدة مدن بشمال العراق، في مقدمتها الموصل (مركز محافظة نينوي) وتكريت (مركز محافظة صلاح الدين)، في أيدى مجموعات سنية مسلحة، يتصدرها تنظيم «داعش»، بعد انسحاب قوات الجيش، في تحركات اعتبرتها قيادات عشائرية سنية «ثورة شعبية ضد الحكومة الطائفية»، وروجت السلطات إلى أنها «هجمات من جماعات إرهابية».
«ماير» لفت إلى أن رئيس الحكومة المنتهية ولايته، نوري المالكي، سبق وأن قاد جهودا للمصالحة الوطنية مع تنامي الهجمات الإرهابية في 2007، ما أدى إلى انضمام ممثلين للسنة إلى حكومته، مشيرا إلى أن المشهد العراقي الراهن يعطف على ذلك المشهد.
وأضاف أن «توسع (داعش) له جذور تمتد إلى بدايات تأسيس التنظيم، إذ تحدث قادته عن خلافة اسلامية وحكم الشريعة للمسلمين بشكل عام، لذا فإن توسعه من النظرة المحلية إلى الاقليمية كان جزء من أهدافه التي بدأ في تنفيذها حالما اتيحت لهم الفرصة مع بدء الاحداث في سوريا».
ومضى قائلا: «هناك نقاط مشتركة معينة في الصراعين السوري والعراقي هي التي شجعت هذا التحول، فالمنطقة الغربية من العراق تتألف من المكون السني وكذلك المنطقة الشرقية من سوريا وكلاهما يحارب حكومة شيعية يعتقد انها اقصائية».