كل مصرى وطنى اختار أن يعبر عن حبه لبلده بطريقته، وكل الطرق صحيحة، لكن ليس كلها مناسبة. ولو أخذ الفرد حقه بالقانون فلن يشكو، ولو سُمعت شكواه فلن يحتج، ولو التُفت لاحتجاجه فلن يثور، ولو تحققت مطالب ثورته فسيهدأ.أما لو كان القانون نفسه مرتبكا، فلن يصمت أحد. قانون التظاهر في مصر هو القانون الذي يسمح للدولة بأن تتظاهر بأنها تطبق القانون! ومن شروطه أن يكون للنشطاء فقط وليس للجميع.
منذ عام ونصف قلت لصديقتى التشكيلية الموهوبة والناشطة السياسية «نادية توفيق» إننى لن أكون مفيداً في أي مظاهرة، وإن مقال واحدا مؤثرا هو مظاهرة، وأخذت أقنعها بأن صحتى لا تسمح لى بأن أكون ذا تأثير إيجابى على الأرض.. تداعت الأحداث، وتواجدت على كورنيش الإسكندرية أصارع مع الجموع عدداً من البلطجية والإخوان ممن أرادوا ترويع الناس لفض اعتصامهم عند مسرح «بيرم التونسى»، وبعد الفوز عليهم قمت بقطع طريق الكورنيش؛ احتجاجاً على عدم حماية دولة الإخوان للمدنيين العزّل، وجلست في الشارع لمنع العربات من المرور، وساعدنى أصدقائى. دعوت يومها لفكرة قطع الطريق لخمس دقائق كل ساعة كطريقة للاحتجاج. المهم تصادف أن شاهدت «نادية» كل ما حدث فقالت لى: «آه يا كذاب»!
قانون التظاهر بشكله الحالى بدعة، ومن ضحاياه «ماهينور المصرى» وهى بنوتة شقية لم أقابلها من قبل رغم أنها شاركتنى المحافظة والحلم. فقدت ماهينور بصر إحدى عينيها لكنها لم تفقد بصيرة الاثنتين، وجعلت من مصلحة الوطن بوصلتها.. بالقانون (المرتبك)، وبالورقة والقلم لابد من سجن ماهينور، لكن الأعراف والأصول والمنطق لها رأى آخر.
جرت العادة في مصر أن أي رئيس جمهورية يبدأ عهده بالإفراج عن بعض المعتقلين السياسيين وينهيه بالقبض على الكثير منهم! نريد من الرئيس الجديد أن يحافظ على النصف الأول من هذه الطقوس. وزمان قالوا لنا عن الرئيس مبارك: «اعتبره أبوك يا أخى»، وأنا أقول للرئيس السيسى: «اعتبرها بنتك يا أبويا».. سيدى الرئيس، بنتك لها مطالب،اهتم بها بدلاً من حبسها في غرفتها.. جمهوريتنا الثالثة ستُبنى على الرحمة والعدل؛ والأولى فوق الثانية. نحن نعيش بالفعل في الظلام، فافتح لنا طاقة النور، أم أنه تعددت الجمهوريات والقمع واحد؟
Twitter: @RamyGalalAmer