استقبل الرئيس عبدالفتاح السيسي، صباح السبت، بمقر رئاسة الجمهورية بمصر الجديدة، روبرت وولتر، عضو البرلمان البريطاني، على رأس وفد يضم 16 عضوا من مجموعة أصدقاء مصر بمجلسي اللوردات والعموم البريطانيين، بحضور نبيل فهمي، وزير الخارجية.
وقال السفير إيهاب بدوي، المتحدث باسم رئاسة الجمهورية، إن الرئيس أكد خلال اللقاء أن «مصر عازمة على استكمال خارطة الطريق بنجاح، بعد أن أتمت الاستحقاقين الأول والثاني بإقرار الدستور وإجراء الانتخابات الرئاسية، وأن الدستور الجديد سيكون موضع تطبيق خلال الفترة القادمة من خلال التشريعات والقوانين التي سيضعها مجلس النواب المنتخب».
وأوضح السيسي أن مصر ستعمل على ترسيخ الحقوق والحريات، في المرحلة المقبلة، خاصة أنها نصوص دستورية، يتعين الالتزام بها كإطار حاكم للتشريعات التي ستفعلها، إلا أنه يجب تحقيق التوازن فيما بين الحريات والحقوق وبين ضمان أمن الوطن والمواطنين، أخذا في الاعتبار أن الجانب الحقوقي يتعين أن يمتد ليشمل مكافحة الفقر والأمية، والارتقاء بمستوى الخدمات التعليمية، والحرص على بناء إطار فكري سليم ينبذ التطرف ويميل إلى الاعتدال والتسامح وقبول الآخر، وألا يقف عند حدود مطالبات الغرب بمنح الحريات المدنية.
وتساءل الرئيس عن مدى استعداد الغرب للمساهمة في تفعيل هذه الحقوق الإنسانية الأساسية، والتي تتعلق في جوهرها بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية، قائلا: «هل الغرب مستعد لافتتاح جامعات مجانية في مصر، أو تخفيض وإلغاء المديونيات المستحقة على مصر؟».
وألقى السيسي الضوء على أهمية الاعتبار من تجارب العديد من دول المنطقة، التي طالما حذرت مصر من أنها تتجه إلى مصير مجهول ستكون له تداعياته السلبية على المنطقة بأسرها، موضحا أن تأثيره سيمتد إلى الدول الغربية، مدلا على ذلك بالمواطنين الغربيين الذين ينخرطون في الصراعات الدائرة في عدد من دول المنطقة، رغم نشأتهم في دول غربية منفتحة وذات مستوى معيشي مرتفع.
وأوضح أن تلقين المواد الدراسية والعلمية في حد ذاته ليس كافيا لبناء عقلية سليمة ومعتدلة، وإنما يتعين أن يتواكب مع التعليم حرص شديد على بناء فكري سليم منفتح ومعتدل.
وردا على استفسارات الحضور، أكد الرئيس أن الدستور الجديد حدد المهلة الزمنية التي يتعين أن تبدأ إجراءات عقد الانتخابات البرلمانية قبل انتهائها، في 18 يوليو المقبل، موضحا أن مساحة المصالحة السياسية في مصر قائمة، منذ إعلان 3 يوليو 2013، وليس منذ خطابه في حفل تنصيبه 8 يونيو الجاري، وأنها يمكن أن تتم فقط مع من لم تتلوث أيديهم بدماء الأبرياء، منوها إلى أنه يتعين على الطرف الآخر أيضا أن يحدد خياراته وأن يوضح ما الذي يمكن أن يقدمه لمصر، وأن يكف عن الادعاء بأنه يمتلك الحقيقة المطلقة.
وثمَّن السيسي دور المرأة المصرية وضرورة تفهم مشكلاتها المجتمعية، وحقها في الحياة بحرية، ومن ثم يتعين التصدي بكل حسم وبكل الوسائل القانونية والأمنية والأخلاقية لظاهرة التحرش، فضلا عن ضمان تمثيل عادل للمرأة في المناصب التنفيذية والنيابية، بما يتناسب مع حجم مشاركتها الحقيقية ودورها الفاعل في المجتمع، كما أشاد بالموقف الوطني لمسيحيي مصر، الذين تعرضت كنائسهم لحوادث اعتداء متكررة بعد 30 يونيو، مشيرا إلى استكمال جهود ترميم الكنائس المتضررة.
وعن مطالبات الغرب بالاستجابة لمتطلبات بعض الفئات المهمشة، قال الرئيس إن الدولة تتفهم مشكلات كل هذه الفئات من البسطاء، ويتعين على الغرب أن يدرك أن المشكلة لا تكمن في إنكار الدولة المصرية لحقوقهم، وإنما في نقص الموارد اللازمة لحل مشكلاتهم، مضيفا أن الغرب بحاجة إلى تعديل تصوره لمفهوم حقوق الإنسان، وأن يكف عن الانتقاد دون أن تكون هناك إجراءات عملية ملموسة يقدمها للمساعدة في تسوية مثل هذه المشكلات.
وحول التعاون المصري البريطاني للمساهمة في تحقيق الأمن والاستقرار، أشاد السيسي بالتعاون القائم بين البلدين في مجال زيادة كفاءة أجهزة الأمنية، منوها إلى تطلعه لتعظيم هذا التعاون كما وكيفا.
من ناحية أخرى، أكد الرئيس حق الشعب الفلسطيني المشروع في أن تكون له دولته المستقلة ذات السيادة، دون التذرع بمواقف بعض الجماعات الفلسطينية، فالحديث هنا عن حق تاريخي لشعب بأكمله، وليس عن موقف ضيق لمجموعة بعينها، منوها إلى أن السلام المصري– المستقر، يتعين أن يشجع الجانب الإسرائيلي على استكمال جهود السلام مع الطرف الفلسطيني.
وحذر السيسي من استمرار حالة السيولة الأمنية في بعض دول المنطقة، كما هو الحال في ليبيا والعراق، مؤكدا على المسئولية التي يتحملها الغرب إزاء هاتين الدولتين، وما تشهدانه من أوضاع أمنية متردية وضرورة اضطلاعه بمسئولياته تجاه هذه الأوضاع، خاصة أن شعوب هذه الدول كانت تطمح في أن تتحول حياتها إلى الأفضل في أعقاب التخلص من الأنظمة القديمة، إلا أن ما جرى كان عكس ذلك.