تواجه السينما المصرية اتهاما بالوقوف وراء تزايد حالات التحرش بسلسلة من الأفلام التى تبرر وتروج له. النقاد يتهمون المنتجين بالسعى وراء نمط واحد من الأفلام يعتمدون فيه على مشاهد الرقص والكباريهات من أجل إنعاش شباك الإيرادات، وهى نوعية من الأفلام تدعو بشكل أو بآخر إلى التحرش.. لكن يبقى السؤال كيف تناولت السينما قضية التحرش على شاشتها؟
يقول الناقد طارق الشناوى إن تناول السينما لظاهرة التحرش بدأ مع حادث الثمانينيات الشهير والمعروف باسم فتاة المعادى، وقتها تسابق المنتجون على تقديم أفلام مستغلين الحادث، ومنها المغتصبون للفنانة ليلى علوى وأخرجه وكتبه سعيد مرزوق، وفيلم اغتصاب عن قصة فاروق سعيد بطولة هدى رمزى وفاروق الفيشاوى من إخراج على عبدالخالق، فقرر صناع تلك الأفلام مناقشة الأزمة لا لأغراض اجتماعية أو إنسانية أو فنية، ولكن كان هدفهم الوحيد تحقيق الربح وكانوا يتسابقون على من سيعرض قبل الآخر ليجنى ما سيحققه الفيلم خاصة أنه جرىء، فكان هناك تسرع فى تقديم هذه الأعمال.
وأشار الشناوى إلى أن أفضل الأعمال التى تناولت ظاهرة الاغتصاب كان فيلم «دعاء الكروان» سيناريو وحوار يوسف جوهر والمأخوذ عن رواية للأديب الراحل طه حسين ومن إخراج هنرى بركات وبطولة سيدة الشاشة فاتن حمامة، بالإضافة إلى فيلم 678 من تأليف وإخراج محمد دياب وبطولة نيللى كريم، والأخير مصنوع بذكاء وحس فنى، ورصد ظاهرة التحرش بكل أشكالها ويحتوى على جانب علمى وسيكولوجى، وتمكن من مهاجمة القضية بتواز فنى وعلمى وركز على طرح ما وراء جريمة التحرش وتأثيره على الشخصيات.
وأوضح الشناوى أن الشارع المصرى تجاوز الشاشة وما شهده مؤخرًا ميدان التحرير تخطى أى خيال سينمائى، وأن السينما والدراما لم تتناولا القضية بتركيز، مطالبًا بسرعة وجود حلول جذرية للهاجس الرقابى الموجود حاليًا وعدم مصادرة الحريات لأن استمرارها يعنى انهيارا للفن والإبداع.
ويرى الناقد أحمد رأفت بهجت أن السينما لعبت دورا سلبيا فيما يعانيه المجتمع الآن من انتشار لهذه الظاهرة، ويؤكد أن الفن مقصر، وتسبب فى تدنى قيم كثيرة فى حياتنا، وتسبب فى تدنى لغة الحوار، ويعالج القضايا بشكل سوقى، بأفلام مبتذلة وسينما خالية من تقاليدنا وأخلاقياتنا.
واضاف بهجت: إننا نعانى منذ 20 عاما من خلل سواء على مستوى الأجهزة التنفيذية أو الرقابية للفنون، وأصبحت «قلة الأدب هى السمة الرائجة»، حسبما يؤكد رؤساء الرقابة على المصنفات الفنية بتصديقهم على أفلام بحجة أن ما تقدمه هو لغة العصر.
وتابع: السينما كانت سببا فى انتشار الفواحش والسلبيات ولم تعالجها وللأسف تحولت السوقية إلى وسيلة لجذب الجماهير، وأصبح السبكى رئيس جمهورية الإنتاج، وتسبب فى انهيار الموضوعات وتحولها إلى سطحية وحولت البطل إلى بلطجى، والعشوائيات أجواء رئيسية فى الفيلم المصرى ليس بغرض معالجة سلبياتها أو لخلق إيجابيات منها ولكن لتمجيدها، وأصبحت السينما متسببة فى تحول لغة الحوار من الحضارية إلى المتدنية، وأتذكر أن الفنانة القديرة فاتن حمامة فى فيلم «الخيط الرفيع» كانت لها جملة فى الحوار تقول فيها «ابن الكلب» وقتها وجهوا إليها الاتهامات والاعتراضات على هذه الجملة فما بالنا بما نراه الآن فى السينما.