مونديال فرنسا 1998، يعتبره الكثيرون من أمتع كؤوس العالم في التاريخ، فقد شهد انفجار ولمعان مواهب، تحولت بعدها إلى أساطير في عالم الساحرة المستديرة.
الأسطورة الفرنسية زين الدين زيدان، والظاهرة البرزيلية رونالدو ، والهداف الكرواتي دافور سوكر، بجانب الشباب، آنذاك، تيري هنري ومايكل أوين، و العديد من النجوم الآخرين، الذين تركوا مشاهد لاتزال عالقة في أذهان الجماهير حتى اللحظة.
كانت بطولة كأس العالم 1998 هي الأولى التي تشهد مشاركة 32 فريقًا، بعدما كانت تقام ب24 فريقًا. وقد دخلت البرازيل، حاملة اللقب، إلى المونديال، مسلحة بنجومها، ثلاثي حرف ال«ر»، رونالدو وريفالدو وروبيرتو كارلوس، بالإضافة إلى نجم المونديال السابق، بيبيتو، وأغلى لاعب في العالم حينها، دينيلسون.
ولم يخيب رونالدو آمال البرازيل، حيث شكل بمراوغاته الرائعة وأهدافه، العامل الأبرز في قيادة فريقه إلى المباراة النهائية. وكان أبرز أهداف رونالدو في كأس العالم، هذا الذي سجله أمام منتخب هولندا في قبل النهائي، ورغم فشل المهاجم البرازيلي في النهائي، إلا أن كأس العالم 1998 كان إنطلاقة مميزة لمن أصبح فيما بعد، أسطورة يتحاكى عنها عشاق كرة القدم.
في سن الـ 18، دخل المهاجم الإنجليزي الذي لا يتمتع بطول فارع، مايكيل أوين، في تشكيلة جلين هوديل، المدير الفني لمنتخب بلاده آنذاك، المتجهة إلى فرنسا.
وفي أول مباريات المنتخب الإنجليزي في المونديال، دخل أوين كبديل ليسجل تاريخًا جديدًا كأصغر لاعب إنجليزي يشارك في المونديال، كذلك أصبح أصغر إنجليزي يسجل في المونديال بعد هدفه في مرمى رومانيا.
وقد أحرز أوين هدفًا يعتبر من الأروع في كأس العالم، في مرمى الأرجنتين، بعدما تسلم الكرة في منتصف الملعب وركض بسرعة عالية متخطيًا مدافعين وواضعاً الكرة في شباك كارلوس روا، الحارس الأرجنيتني. ورغم إخفاق منتخب بلاده في تخطي دور الـ16 في المونديال الفرنسي، إلا أن أوين تحول بعده إلى بطلًا قوميًا وأسطورة لفريقه، ليفربول.
منتخب فرنسا، مستضيف البطولة، دخل المونديال بتشكيلة تحتوي على شاب لم يبلغ الـ21 عامًا بعد. الشاب الأسمر، تيري هنري، لم يستغرق وقتًا كبيرًا، في أول مونديالِ له، ليضع بصمته، حيث أحرز هدفًا في اللقاء الإفتتاحي لمنتخبه أمام جنوب إفريقيا. وقد تبع ذلك بهدفين في ثاني المباريات أمام المملكة العربية السعودية. وقد لفتت موهبة هنري الأنظار بعد أداءه الرائع في المونديال، ولم يلبث وأن انتقل إلى العملاق الإيطالي «يوفينتوس» بعدها، ومنه إلى «أرسنال» الإنجليزي، ليصبح أسطورة الأساطير هناك.
«منتخب كرواتيا لم يكن أبدًا المنتخب المخيف»، هي معلومة أثبتت عدم صحتها لكل من آمن بها قبل المونديال الفرنسي. فالمنتخب الذي تأهل لكأس العالم لأول مرة في تاريخه، حوله دافور سوكر، لاعب ريال مدريد آنذاك، إلى وحش، يلتهم كل من يقابله. وقد سجل سوكر هدفًا في كل المباريات التي سجل فيها المنتخب الكرواتي في المونديال، حيث حصل على الميدالية البرونزية. وقد حصل سوكر على لقب هداف مونديال فرنسا، فيما كان هدفه الأبرز في مرمى هولندا، حيث أحرز هدف الفوز بالمركز الثالث.
أحلام الأرجنتين تتحطم في آخر ثوان الوقت الضائع من مباراة دور الـ8 أمام هولندا، بهدف لاعب، يطير في الملعب ويخشى الطيران خارجه، دينيس بيركامب. المهاجم الهولندي، الذي يخشى ركوب الطائرات، صنع الحدث في مونديال فرنسا حين تسلم كرة طولية طائرة ممهدًا إياها بمهارة فائقة، مراوغًا المدافع الصلب، روبيرتو أيالا، وومطلقًا قذيفة في مرمى روا، بعدما كان الجميع يستعد لمشاهدة وقت إضافي، وقد وصف البعض الهدف بأنه «الهدف الذي هز العالم».
فرنسي ذو أصول جزائرية، زين الدين زيدان، هو أسطورة أساطير فرنسا في عالم كرة القدم، لكن تلك المكانة لم يكتسبها زيدان إلا بعد حول رأسه إلى مدفع، يقذف كرة بعد الأخرى في مرمى كلاوديو تافاريل، حارس المنتخب البرازيلي، في نهائي «ستاد دو فرانس» تحت أنظار رئيس الجمهورية جاك شيراك. زيدان، الذي طرد في مباراة فرنسا أمام السعودية، لم يبرز بشدة في مباريات المونديال الفرنسي حيث غاب عن مبارتين للإيقاف عقب طرده، إلا أن ظهوره في النهائي كان كفيلًا بتعلق كل عشان «الديوك» بفارسهم الجديد، مقدمًا أداءًا خرافي ومحرزًا هدفين بالرأس، محققًا لفرنسا أول كأس عالم في تاريخها، ومؤمننًا نجمة ذهبية طالما حلمت فرنسا بإضافتها فوق قميصها الأزرق.