x

سوزان حرفي تيار الاستقلال والقضاء المستقل سوزان حرفي الجمعة 06-06-2014 18:59


غدا تلتئم جمعية المحكمة الدستورية لتشهد قسم اليمين لرئيس مصر المنتخب عبدالفتاح السيسي راضيا مرضيا، بعد أن أقسمه أمامها في نفس هذا الشهر من العام الماضي مضطرا غاضبا محمد مرسي، الذي جاءها ناقما عليها وعلى قضاتها، لأنهم أقروا بعدم مشروعية قانون البرلمان الذي سيطرت عليه جماعته الحاكمة، ونكاية في المحكمة اخذ مرسي يوزع قسمه في كل واد يحط فيه.

لم يراع أول رئيس منتخب لمصر بعد ثورة يناير لا مكانة المحكمة ولا دورها، ولم ينظر لقيمة وجودها ولا لتاريخ نشأتها المرتبط بالسعي نحو الدولة الديمقراطية، حيث جاء النص الأول على وجود محكمة عليا لمراقبة دستورية ومشروعية القوانين مع دستور لجنة الخمسين برئاسة عبدالرزاق السنهوري إبان ثورة يوليو، لكن المحكمة توارت مع غياب مشروع دستور السنهوري.

ولم يظهر الحديث عن إنشاء المحكمة العليا مجددا إلا في إطار المراجعة التي فرضتها هزيمة 67 على نظام يوليو، فاصدر الرئيس جمال عبدالناصر قراره سنة 69 بإنشائها، وهو ما تم عام سبعين، ولما لم يكن في الإمكان التغاضي عن وجودها، فاقرها دستور 71 كهيئة قضائية مستقلة تحت اسم المحكمة الدستورية العليا.

ومنذ انتظام العمل بها سعى قضاتها لتصويب القوانين لصالح الدستور ومبادئه، مخالفة في ذلك توجهات النظام الحاكم دون صخب أو إدعاء، وكانت في أغلب أحكامها مثالا لاستقلال القضاء ورصانته، وسعت للمحافظة على مؤسسات الدولة من تغول السلطة خاصة في عقدي الثمانينات والتسعينيات.
أخيرا وفي منتصف العقد الأول من القرن الحادي والعشرين ظهر ما عرف بتيار الاستقلال داخل القضاء، وارتبط ظهوره بمعركة الانتخابات سواء البرلمانية أو نادي القضاة، وترك التيار أثرا خافتا لأنه لم يكن في غالبيته موجها لصالح مصر الدولة، بقدر ما كان لصالح جماعة بعينها حيث كانت الانتخابات عموما ملعب المواجهة بينها وبين مبارك.

إلى أن جاءت ثورة يناير وكان من بين فضائلها تمحيص اللاعبين على الساحة المصرية، فحافظت المحكمة الدستورية على منهجها المدافع عن الدولة والدستور، بينما تساقط تيار الاستقلال وتحالف أغلب شخوصه مع الإخوان ضد المحكمة الدستورية وضد مؤسسة القضاء، وضد كل من يعرقل توجه الجماعة للسيطرة على مصر وأجهزتها.

ويأتي قسم الرئيس السيسي بين جنبات المحكمة تأكيدا لعودة الدولة ومؤسساتها الفاعلة، وإعمالا للدستور، وإذ يفتح صفحة جديدة في تاريخ مصر، فإنه يكتب الحرف الأخير في صفحة مشرقة أضاءها الرئيس القاضي عدلي منصور الذي تولى المسئولية بصفته رئيس المحكمة الدستورية العليا.

فكان خير نموذج لقضاة المحكمة، وأفضل مثل لقاض وطني ينشد العدل، ولمواطن مصري لم يهرب أو يستغل موقع المسئولية، بل أخلص واجتهد وراع قدر استطاعته الله وضميره ومصلحة الوطن والشعب، فاستحق أن يدخل التاريخ كرجل أتته السلطة والدولة ومؤسساتها، فزهد فيهما دون تقصير، والتزم دوره دون انحصار أو تجن، وتواضع مع مراعاة قيمة منصبه ومكانة وتاريخ مصر.

فلك سيادة الرئيس عدلي منصور خالص الشكر على ما قدمت، ولك الشكر لأنك كنت نموذجا ظن الجميع أنه أنقرض، وشكرا لأنك أضفت لتاريخ مصر العظيم صفحة مضيئة لقاض ورئيس سعى للعدل سعيه، سيادة المستشار عدلي منصور... قضاة المحكمة الدستورية العليا... لكم التحية وتعظيم سلام.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية