x

كريستيانو رونالدو.. الضربات التي لا تُميت

الخميس 05-06-2014 13:40 | كتب: محمد المصري |
تصوير : other

فتى صغير في التاسعة عشر من عمره، رفقة جيل ذهبي للبرتغال من قبيل لويس فيجو وروي كوستا ونونو جوميز وديكو، يُضيع انفراداً في الدقائق العشر الأخيرة من المباراة النهائية أمام اليونان، يُطيح بالكرة في السماء، ويُصبح المسؤول عن خسارة كأس أوروبا التي تنظّمها بلاده، يشعر أنه المُذنب الوحيد، ويَبكي كالأطفال.

عدو الإنجليز الأول بعد التسبُّب في طرد واين روني بمونديال ألمانيا 2006، الهِتاف ضِده في كل زيارة لمانشستر إلى مَدينةٍ أخرى، والهِتاف له على استحياءٍ بداخل أولد ترافورد، سينسى الجميع أن لامبارد وجيرارد وكاراجر ضيَّعوا ضربات الجزاء، وسيتذكرون أنه أشار للحكم على فتى الإنجليز الذهبي، وغمز بعينيه بعدها.

لم يَفهم قط كيف نَفّذ ضربة جزاء في نهائي دوري أبطال أوروبا بهذا السوء! لماذا تردد إلى هذا الحد؟ موسم استثنائي، هدّاف الدوري، على مَقربة من أن يُصبح أفضل لاعب في العالم، يَصِل إلى ما يظنه الجميع قمة مستواه في الثالثة والعشرين من عمره، يُحرز هدفاً في نهائي البطولة مُؤكداً أنه اللاعب الأهم، قبل أن يبدو كالأخرق أمام بيتر تشيك، يتوقف مرة ثم مرتين، الكرة خارج المَلعب، ليقضي أصعب 5 دقائق في حياته، لتنقذه فقط أمطار روسيا وزَحلقة جون تيري.

الخروج من دور الـ16 من دوري الأبطال في موسمه الأول مع ريـال مدريد بعد أن أصبح أفضل وأغلى لاعب في العالم، خسارة الدوري أمام برشلونة بعد الهزيمة منه ذهاباً وإياباً، الآمال العظيمة مع قدوم جوزيه مورينيو المُتوّج بثلاثية إنتر ميلان التاريخية، قبل أن يَفيق الجميع على الهزيمة 5-0 في الكامب نو.

ليونيل ميسي أصبح شبحاً يُلاحقه بلا هَوادة، يتعامل الجَميع مع كونه «أفضل لاعب في العالم» دون مُناقشة، ما يُعد قطعاً إهانةً فظيعة بالنسبة له، لماذا لم يَمنحوا الكرة الذهبية لـ«شنايدر» المُتوّج بالثلاثية والذي لَعِبَ في نهائي كأس العالم؟ لماذا يُدَلّل الجميع الفتى الأرجنتيني.. بينما يَصفونه في المُقابل بالمغرور؟

خروجه مُنَكّس الرأس مع البرتغال من دور الـ16 في كأسِ العالم، الخروج منه من جديد في يورو 2012، لماذا «تشافي وإنييستا» في كل مرة؟ هل سينقضي كل شيء دون أن يحقق لمُنتخبه بطولة واحدة كبرى؟ هل يَستطيع أصلاً أن يَحمل الجَميع على كَتفِه نحو تحقيق ذلك؟

رَكلة جَزاء ضائعة في يد مانويل نوير، من جديد في «الشامبيونز»، دون أمطار «موسكو» في تلك المرة، الصُّحُف تَزداد شَراسة، قبل أن يصل لأسوأ موسم مع «مورينيو»، 7 أيام جيّدة فقط، أخرجوا فيها فريقه القديم، هزموا برشلونة مرتين، وكل ما خلاف ذلك هو الجحيم، مشاكل بالجُملة بالفريق، أجواء كابوسية، يتذكر عَجز فريقه بالكامل أمام «جوتزه» و«رويس» و«جاكوب» وبالطبع «ليفاندوفسكي» ليلة الرباعية في سيجنال إدونا بارك، يتذكر أنه لَم يستطع حمل الفريق مرة أخرى في العودة، وأضاع انفرادين، الدوري الذي حُسِمَ لبرشلونة قبل أسابيع من انتهائه، قَدمه التي ضَربت وَجه «جابي» في نهائي كأس الملك، وخروجه مُنَكّس الرأس وفريقه خاسر 2-1، لا يُبارح كل هذا مُخيّلته.

كيف استطاع إذن أن يَخْرُج من كل هذا، وفي كُل مرة، عبر 10 سنوات، كشخصٍ أقوى؟ كيفَ تبدَّلت مرارة خيبة الانفراد الضائع في نهائي اليونان إلى حِملهم لكأسِ العالم بأربعةِ أهدافٍ أمام السويد؟ كيف تَحَوَّل الفتى الصغير الباكي بين جمهور بلاده في 2004 إلى أفضل لاعب كرة في العالم الذي يحتفل بكأس دوري الأبطال في نَفسِ الوَطَن؟

يُشير لنفسه في كل مَرَّة، يُخبر الجمهور أن يهدأوا، يُعدّد بأصابعه 15 هدفاً أحرزها في دوري الأبطال، وحين أحرز الهدف السابع عشر.. لم يَقلع فانلته ويَجري مُحتفلاً بجنونٍ فقط من أجلِ رَقمه القياسي، أو تتويجه بالكأسِ، كان كريستيانو رونالدو يحتفي بذاته قبل كل شيء، لا يهتم بأن يسمُّوه مَغروراً أو أنانياً، هو فقط من يعرف ما الذي تَحمَّله، وهو فقط من استقبل الضربات، وهو الوحيد الذي يَجب أن يَحتفل بأنه لم يَمت.




قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية