ا يُريد أسامواه جيان أن تكون الذكرى الحقيقية التي ستتبقى في ذاكرة الناس عنه هو إضاعته ضربة جزاء في الدقيقة 121 كانت لتذهب بالقارةٍ كاملة إلى أبعد نُقطة وصلت إليها في المونديال.
لا يُريد أسامواه جيان أن تكون الذكرى الحقيقية التي ستبقى في ذاكرته مُحَمَّلة بكل هذا الأسى والخذلان والتساؤل في كل مرة كَيف عَلَت كرته إلى هذا الحد لتخبط في العارضة.
لا يُريد أسامواه جيان أن تَبقى في ذهنه نَظرات الحَسرة دون لَوم التي رآها في عيونِ زملائه، الشعور بأنه عَدو الشّعب رغم الكَلمات التهوينية التي قالها له الجميع.
لا يُريد الغضب في كل مرة يتذكر فيها أنه كان بحاجة لـ21 سم لأسفلِ، 21 سم كي تدخل الكرة المرمى، 21 سم لتذهب غانا إلى نِصفِ النهائي، 21 سم كي يُصبح أكثر لاعب أفريقي يُحرز أهدافاً في مونديالٍ واحد، 21 سم كانت ربما لتغيّر حياته كلها، وتَمْنَح أمَّةً كاملة لحظة انتصارها الأهم، ولكنه لَمْ يُمنح في النهاية فُرصة الـ21 سم الناقصة من عُلوِ الكرة.
لَم تتحسن الأمور بعد ذلك، المُنتخب الاستثنائي، الذي يُعد أفضل مُنتخب أفريقي، أو الثاني في أبعدِ الأحوال، فَشل لمرتين على التوالي في الفوزِ ببطولة أمم أفريقية كان مرشحها الأهم، و«جيان» شعر بثقلِ العالم في كل مرة، كأن الـ21 سم تتكرر من جديد، ليشعر أنه المُذنب بشكلٍ شخصي، ما دفعه لاعتزالِ اللعب الدولي عند الخروج من أمم 2012، وهو في السادسة والعشرين فقط، قبل أن يُقْنَع بالعودة، ويَعود، ويتجرَّع من جديد مَرارة الفشل والخروج من الدور قبل النهائي في 2013.
يُخبره أصدقاؤه المقربون أنه على بُعد هَدف واحد من أن يُصبح الهدّاف التاريخي لغانا، أنه كابتن الفريق الحالي وأكثر من لعب مُباريات له، أن التاريخ سيذكره كمهاجمٍ أفريقي فَذّ، ولكنه يَعلم أن كل ذلك لو لم يُتَوّج بإنجازٍ من نوعٍ خاص فإن ضربة الجزاء الضائعة ستكون الشيء الذي يُلاحق مسيرته إلى الأبد.
رحلة أسامواه جيان ستكون تكفيرية قبل كل شيء، محاولة جديدة للخلاصِ من ثُقل الذّكرى، ووطأة الشعور الوَهمي بأنه عَدو الشعب، سيعتمد على صَلابة زملاءه، وكونهم المُنتخب الأفريقي الأكثر اكتمالاً حالياً، سيعْتمد على «فورمته» العالية، وإحرازه ما يُعادل قرابة الهَدَف في كُل مباراة يَلعبها، وسيُقاتِل كَثيراً في مَجموعة مَوت حقيقية من أجل أن يخرج ببلاده حَيَّة، والأهم من كل شيء أنه، وفي كُل كرة يَشوطها في المرمى، سيحرص ألاّ تعلو لـ21 سم.