x

العبوات الناسفة مصائد الموت بشمال سيناء

الثلاثاء 03-06-2014 23:34 | كتب: أحمد أبو دراع |
ضبط 2 دانة مدفع وقنابل وقذائف «آر بي جي» في سيارة بطور سيناء ضبط 2 دانة مدفع وقنابل وقذائف «آر بي جي» في سيارة بطور سيناء تصوير : أيمن أبو زيد

على قدم واحدة، متكئا على عكازه الحديدى الذى لم يفارق جسده النحيف، بعد أن بُترت ساقه اليمنى جراء انفجار عبوة ناسفة فى مركبته الحربية على طريق رفح- الشيخ زويد، قال محمد على، من محافظة الشرقية، الذى جاء تجنيده بمنطقة سيناء، إنه كان من بين مجندين يستقلون سيارة حربية ويتجولون لحفظ الأمن وملاحقة المسلحين فى سيناء، إلا أن سيارتهم انفجرت فجأة نتيجة زرع عبوة ناسفة على الطريق استهدفته هو وزملاءه.

ينطقون الشهادة مع كل خُطوة يخطُونها للدفاع عن وطنهم، لسان حالهم يقول: تعددت الأسباب والموت واحد، هكذا حال قوات الجيش والشرطة بمحافظة شمال سيناء فى ظل مواجهة الإرهاب وحرب العصابات الدائرة هناك منذ الإطاحة بالرئيس المعزول محمد مرسى فى الثالث من يوليو الماضى.

تعددت وسائل الهجوم المسلح من قِبَل الإرهابيين على الجيش والشرطة، لكن العبوات الناسفة والألغام المزروعة أرضاً أصبحت مؤخراً مصائد للموت على طرق شمال سيناء، خاصة مدينتى رفح والشيخ زويد والقرى الحدودية التابعة لها.

كان قد صدر تقرير لوزارة الخارجية المصرية جاء فيه أن 252 شرطيا و187 من أفراد الجيش استشهدوا فى هجمات إرهابية سواء بعبوات ناسفة أو هجوم مسلح، منذ عزل مرسى، غالبيتهم فى شبه جزيرة سيناء.

«المصرى اليوم» ترصد الطرق التى تستخدمها الجماعات الإرهابية فى زرع العبوات الناسفة والألغام على الطرقات، فيما تكشف حقيقة جلب المواد المتفجرة التى تتم صناعة العبوات منها، علاوة على التدريب على صناعتها ونقل الخبرة فيما بينهم.

يقول أبوأحمد، أحد مواطنى قرى الحدود، إن الجماعات المسلحة تحصل على المواد المتفجرة التى تستخدمها فى صناعة العبوات الناسفة، ومن بينها الألغام الأرضية بعدة طرق، ومنها تجميع مخلفات الحروب السابقة التى دارت رحاها على أرض سيناء.

ويضيف أن الإرهابيين يجمعون كميات كبيرة من البارود، بعد تفريغ الدانات والألغام الموجودة بأرض سيناء، والباقية من مخلفات الحروب بين مصر وإسرائيل، ويحصلون على المواد المستخدمة فى صناعة المتفجرات من خلال عمليات التهريب سواء من قطاع غزة عبر الأنفاق المنتشرة بطول الحدود لمصر، أو عن طريق الدروب الجبلية الوعرة، حيث تأتى إليهم مهربة من السودان أو ليبيا.

ويشير إلى أن المراكب التى تأتى عبر البحر الأحمر قادمة من إيران تعد من بين أهم المصادر التى تجلب للمسلحين المواد المستخدمة فى صناعة المتفجرات والعبوات.

محمد أبوإياد، مواطن آخر بقرى الحدود، يقول إن المحاجر المنتشرة بالمناطق الجبلية فى شبه جزيرة سيناء أصبحت هى الأخرى أحد مصادر حصول المسلحين على المواد المستخدمة فى صناعة المتفجرات بمقابل مادى باهظ، يتم دفعه إما لأصحاب المحاجر أو القائمين على عملية التفجير بها.

ويشير أبوإياد إلى أن الجماعات المسلحة فى شبه جزيرة سيناء تقوم بجلب العبوات والألغام الأرضية حديثة الصنع عن طريق كتائب عزالدين القسام والميليشيات المسلحة بقطاع غزة وليبيا والسودان وإيران. ويوضح أن هناك طرقا أخرى للحصول على المتفجرات من بينها تصنيعها بطريقة بدائية عن طريق استخدام المسامير ورولمان البلى وبعض المواد الأخرى التى يتم شراؤها من الأسواق ومحال بيع البويات والأدوات الحديدية كأكسيد الحديد وزنترات البوتاسيوم. ويقول إن بعضا من بقايا العبوات الناسفة التى يجدونها بعد انفجارها فى الآليات العسكرية والشرطية بسيناء كانت مزودة بدوائر إلكترونية يتم تفجيرها عن بعد، عن طريق توصيل العبوة بأسلاك يتم تثبيتها بالدائرة الكهربائية للموبايل، ومن ثم وضع شريحة تليفون به، وعند الاتصال بالشريحة، يتم توصيل الدائرة الكهربائية ويتم التفجير.

من جانبه، كشف الدكتور هشام عبدالحميد، المتحدث باسم الطب الشرعى، أنه من خلال مقارنة فتات وبقايا القنابل التى تم تفجيرها أمام جامعة القاهرة وميدان لبنان وفى الأكمنة والجامعات تبين أنها من نوع واحد وطريقة تصنيعها البدائية واحدة، ما يؤكد أن صانع القنابل واحد.

وأضاف أن مكونات القنابل عبارة عن مادة «T.N.T» ومسامير كبيرة الحجم ورولمان بلى، وأن القنبلتين اللتين تم تفجيرهما أمام مديريتى أمن القاهرة والدقهلية مختلفتان، فمادة التفجير فيهما من نوع «C4». والجديد الذى ابتكرته الجماعات الإرهابية المسلحة هو ما اكتشفته إدارة الحماية المدنية عندما قامت بتفريغ العبوة من الداخل، ووجدت بها هاتفا ثانيا به شريحة محمول ودائرة تفجير أخرى، ما يشير إلى تطور خطير فى العبوات الناسفة المستخدمة فى الوقت الحالى من قِبَل المسلحين والتى تحوى مفجرا خارجيا وآخر داخليا كفخ لاستهداف رجال الحماية المدنية الذين يقومون بإبطال مفعول العبوة.

وكشفت مصادر أمنية أن الحلقة الأهم فى صناعة العبوات الناسفة لدى الجماعات الإرهابية المسلحة هى تدريب مجموعات لديها على صنع العبوات الناسفة على أيدى متخصصين ومدربين سواء بشبه جزيرة سيناء تلقوا تدريبهم بكتائب القسام أو بقطاع غزة نفسه. واتهمت المصادر التنظيمات الإرهابية بقطاع غزة بأنها ساهمت فى تدريب مجموعة من المسلحين على صنع العبوات، بعد تسللهم عبر الأنفاق الحدودية إلى غزة، لتقوم هذه المجموعة بنقل خبراتها لأعداد أخرى من خلال التدريبات فى سيناء، والتى تتم بين الحين والآخر، بجانب عمليات المحاكاة بمناطق صحراوية.

وأشارت المصادر إلى أن أجهزة الأمن تتلقى بلاغات بوقوع انفجارات بمناطق صحراوية، يتضح فيما بعد أنها كانت موقعا لتدريبات العناصر المسلحة على استخدام العبوات الناسفة.

فى المقابل، يقول أبوإسلام الذى كان ينتمى إلى الجماعات المسلحة فى أوائل 2011، ثم انشق عنها، إن الجماعات تستهدف قوات الجيش والشرطة بوضع العبوات الناسفة على جانبى الطرق، خاصة طرق (العريش/ رفح) والطريق الدائرى بالعريش وطريق المطار والطرق الجانبية بمدينتى رفح والشيخ زويد، حيث تقوم العناصر بمراقبة الطريق، وعند اقتراب الآليات العسكرية يتم الاتصال بالشريحة الموصلة بالعبوة لتنفجر، محدثة دويا هائلا ودخانا كثيفا، لتوقع عددا من الضحايا فى صفوف القوات.

ويضيف أبوإسلام أن قوات الأمن استخدمت مؤخرا إجراءات احترازية لمنع تفجير العبوات الناسفة بطريق القوات واستهدافها، وذلك باقتلاع الأشجار والمزروعات على جانبى تلك الطرق، بجانب إغلاق بعضها جزئيا وزيادة الحواجز والكمائن الأمنية، ووضع شباك حديدية حول المدرعات والآليات العسكرية لتخفيف حدة الانفجار وتقليل الخسائر الناجمة عنه.

وقال مصدر أمنى إن سرية الألغام التابعة لسلاح المهندسين بقوات الجيش تقوم بتمشيط تلك الطرق دوريا، عن طريق أجهزة إلكترونية حديثة، فى الوقت نفسه الذى تقوم فيه قوات الشرطة بتمشيط محيط المنشآت الحيوية والأمنية وأقسام الشرطة عن طريق الكلاب المدربة وأجهزة الكشف عن المفرقعات، حيث تجوب سيارة اكتشاف الألغام شوارع المدن بصفة دورية.

فى المقابل، وقع أيضا عشرات القتلى فى صفوف العناصر الإرهابية المسلحة، حيث تنفجر العبوات بطريق الخطأ أثناء زرعها، ما يؤدى إلى تطاير جثث من زرعها، وتقوم العناصر المسلحة بجمعها ودفنها بسرية تامة، حتى لا تتعرف أجهزة الأمن عليهم وتتم ملاحقة أقاربهم وذويهم.

من جانبه، أكد أبوصهيب، أحد المسلحين، (وهذا ليس اسمه الحقيقى)، أنه فى شهر يوليو الماضى انفجرت سيارة كانت تحمل كمية كبيرة من المتفجرات موصلة بدائرة كهربائية لهواتف نقالة، أسفرت عن مصرع أربعة مسلحين كانوا يستقلونها فى اتجاههم لتنفيذ إحدى العمليات ضد قوات الجيش والشرطة. ويضيف أن سبب انفجار السيارة بالمسلحين نتج عن خطأ فنى فى توصيل العبوات الناسفة بالهواتف النقالة. وأكد مصدر مسؤول بمستشفى العريش العام وصول العشرات من المسلحين مجهولى الهوية عبارة عن أشلاء نتيجة انفجار عبوات ناسفة بهم أو بسيارات كانت تحمل تلك العبوات، ويستقلونها فى اتجاههم لتفجير مقار أمنية أو أكمنة.

من جانبه، أكد اللواء سميح بشادى، مدير أمن شمال سيناء، أن تعاون المواطنين مع أجهزة الأمن أحبط عشرات المحاولات لاستهداف القوات، حيث تتحرك سرية إزالة الألغام بقوات الجيش والحماية المدنية وخبراء المفرقعات إلى موقع البلاغ، ويتم فرض طوق أمنى حوله، ثم التعامل مع الجسم الغريب.

وأضاف مدير الأمن أن إبلاغ المواطنين قوات الأمن بوجود مفرقعات أحبط هجوما كبيرا على القوات بمنطقة المساعيد، غرب مدينة العريش، عندما عُثر على برميل به نصف طن من المتفجرات موصل بأسلاك وجهاز هاتف، تمهيدا لتفجيره أثناء مرور القوات. كما أحبطت أجهزة الأمن هجمات بمناطق جنوب الشيخ زويد، بعد قيام العناصر المسلحة بتفخيخ الطرق المؤدية إلى القرى التى تتحصن بها هذه العناصر.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية