قبل مشاركته في بطولة كأس العالم 2014 بالبرازيل يعاني المنتخب الإيراني لكرة القدم من التشتت بين الحماس التام والإحباط الشديد.
ويرى الخبراء أن فرص المنتخب الإيراني في العبور للدور الثاني «دور الستة عشر» للبطولة تبدو منعدمة، حيث يخوض الدور الأول للبطولة ضمن المجموعة السادسة التي تضم معه منتخبات الأرجنتين والبوسنة ونيجيريا.
ورغم هذا، يتوقع مشجعو الفريق أن يكتب اللاعبون التاريخ من خلال مشاركة المنتخب الإيراني في المونديال البرازيلي، وأن يعبروا إلى الدور الثاني للمرة الأولى في تاريخ مشاركات الفريق ببطولات كأس العالم.
وقال المدرب البرتغالي كارلوس كيروش، المدير الفني للفريق «لم أنخرط في سوق التكهنات، وأفكر فقط في إعداد الفريق للمباريات».
ولكن استعدادات الفريق للمباريات تمثل مشكلة أيضًا في ظل العقوبات المفروضة على إيران من قبل منظمة الأمم المتحدة، وكذلك من الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي بسبب البرامج النووية المثيرة للجدل والتي تنتهجها إيران.
كما يضاعف من مشكلة الاستعدادات الحظر المفروض على البترول الإيراني، والذي يجعل هذا البلد الغني بالبترول في أزمة اقتصادية مما يحرم الاتحاد الإيراني لكرة القدم من الحصول على الدعم المالي المناسب لتمويل خطط الاستعداد التي وضعها كيروش، المدير الفني السابق لريال مدريد الإسباني.
واضطر الفريق إلى إلغاء معسكر له كان مقررًا في جنوب أفريقيا كما لا يحصل كيروش على راتبه بشكل منتظم مما يجعله مترددًا حتى الآن بشأن تمديد عقده مع الفريق.
وحذر جواد نيكونام، قائد الفريق، قائلًا «بدون استعدادات مناسبة، سنواجه فترة عصيبة في كأس العالم بالبرازيل».
وخلال التصفيات الآسيوية المؤهلة للمونديال البرازيلي، بدا المنتخب الإيراني في طريقه للخروج صفر اليدين وعدم بلوغ النهائيات ولكن الفوز غير المرجح للفريق على منتخب كوريا الجنوبية في عقر داره بمدينة أولسان منح الفريق بطاقة التأهل للمونديال وأشعل الاحتفالات في شوارع العاصمة طهران والمدن الإيرانية الأخرى.
وذكر أحد صحفيي إيران: «هذا البلد يستحق هذه اللحظات من السعادة بعد سنوات عديدة من المعاناة».
ورغم هذا، تبدو مثل هذه اللحظات قليلة في تاريخ إيران وتحدث على فترات متباعدة.
وبينما تستعد منتخبات آسيوية أخرى مثل اليابان وكوريا الجنوبية بمباريات ودية جيدة أمام فرق كبيرة، نجح المنتخب الإيراني فقط في إقناع المنتخب الغيني باللعب معه وديًا.
لكن المنتخب الإيراني خسر «1-2» في هذه المباراة على ملعبه أمام غينيا لتكون صدمة للفريق في رحلة استعداداته للمونديال.
وكان الوضع الاقتصادي لإيران سببًا رئيسيا في استجابة ثلاثة على الأقل، وهم نيكونام نفسه وصانع اللعب مجتبى جباري والمدافع بيزمان منتظري، للعروض المغرية التي حصلوا عليها من الأندية الخليجية.
وقال أمير قلعة نويي، المدير الفني لفريق استقلال طهران الإيراني لكرة القدم: «اللعب بالإمارات أو قطر ليس جيدًا للاعبي منتخبنا الوطني للمستوى الضعيف لبطولات الدوري بمثل هذه البلدان».
ويشترك مع قلعة نويي في هذه الرؤية عدد من الخبراء، علمًا بأن مستوى الدوري الإيراني يمكن مقارنته بمستوى فريق متوسط ببطولة دوري الدرجة الثانية في إحدى الدول الأوروبية.
وترى الصحافة الرياضية أن الإدارة الهزيلة في الأندية والتخطيط السيئ من قبل الاتحاد الإيراني للعبة من الأسباب الرئيسية لهذا المستوى المتواضع للعبة في إيران.
ورغم هذا، يضم المنتخب الإيراني عددًا من اللاعبين الذين ينشطون أيضًا بالأندية الأوروبية مثل المهاجمين أشكان ديجاجه، نجم فولهام الإنجليزي ورضا جوشاني جهاد، لاعب تشارلتون الإنجليزي، وحارس المرمى دانيال دافاري المحترف في إنتراخت براونشفيج الألماني.
وتأهل المنتخب الإيرانى لنهائيات كأس العالم ثلاث مرات سابقة ولكنه فاز بمباراة واحدة وتعادل في مباراتين وخسر باقي المباريات التي خاضها في النهائيات على مدار المشاركات الثلاث السابقة.
وكانت أولى مشاركات الفريق في كأس العالم من خلال النسخة التي استضافتها الأرجنتين عام 1978، حيث خسر أمام هولندا وبيرو وحقق تعادلا مفاجئا وثمينا أمام المنتخب الإسكتلندي.
وفي مونديال 1998 بفرنسا، خسر الفريق أمام منتخبي يوغسلافيا وألمانيا ولكنه حقق فوزًا مثيرًا وغاليًا على المنتخب الأمريكي «2-1» ليوجه صدمة إلى الولايات المتحدة الخصم اللدود لبلاده.
وجاءت المشاركة الثالثة للفريق في بطولات كأس العالم من خلال مونديال 2006 بألمانيا، وخسر أمام منتخبي المكسيك والبرتغال وتعادل 1/1 مع أنجولا.
وقال جوشاني: «لا نريد أن نكون مجرد استراحة أو نزهة لمنافسينا في كأس العالم».
ويخشى الخبراء أن يكون هذا هو حال الفريق في مبارياته الثلاث بالدور الأول للبطولة.
وقال ديجاجه: «ما يتعين علينا فعله الآن هو أن نحتفظ بهدوئنا حتى كأس العالم».
ورغم هذا، من الصعب أن يعترف أنصار المنتخب الإيراني بأي هدوء أو تهدئة عندما يخسر فريقهم.
وفي السبعينيات من القرن الماضي، كان المنتخب الإيراني هو الفريق الأبرز في آسيا بلا منازع، ولكن الفريق فقد مكانته لصالح منتخبات اليابان وكوريا الجنوبية والسعودية عقب قيام الثورة الإسلامية في إيران عام 1979 ودخول هذا البلد في حرب مع العراق استمرت ثماني سنوات من 1980 إلى 1988 .
ورغم تأهله لنهائيات كأس العالم 2014 واحتلاله مركزاً جيداً في التصنيف العالمي للمنتخبات والصادر عن الاتحاد الدولي للعبة «فيفا»، لم يعد المنتخب الإيراني ضمن فرق القمة في آسيا.