ما يحاسب عليه الرئيس السابق حسنى مبارك كله اتهامات لا تسمن ولا تغنى من جوع، فسواء كما قال الأستاذ هيكل عقب الثورة إن مبارك هرّب مليارات عديدة، أو ما قاله آخرون إنها ملايين قليلة، أو ما أعلنه المحبون له إنه لم يهرّب شيئاً!!.. فإن الجريمة الرئيسية التى كان من المفروض أن يحاسب عليها أنه «دمر» التعليم، وتسبب فى معاناة ملايين الفقراء الجهلاء، وأضاع القيم والأخلاقيات، وجعل الفساد يستشرى فى جميع مناحى حياتنا!.. هى جرائم سيحمل وزرها هو وكثير من المسؤولين السابقين قبل وبعد ثورة 25 يناير، وعلى رأسهم المشير طنطاوى!! إذا فتحنا ملفات «من أين لكم هذا؟» سنصعق!! معظمهم تناسى أن الله ليس بغافل عما يعمل الظالمون، وإنما يؤخرهم إلى يوم القيامة.. يوم تشخص فيه الأبصار!! ثم إن هناك من نعلمهم، وهناك آخرون لا نعلمهم.. الله يعلمهم.. فهؤلاء الذين يكنزون المال بغير حق، أو يحصدونه من شبهات أو من حرام بيّن، وحتى من «حلال».. موقفهم عسير عند حساب المولى!! ألم يقل سيدنا النبى للصحابى الجليل عبدالرحمن بن عوف الذى كان مباركاً شديد الثراء من حلال: «أراك تحبو على الصراط يا ابن عوف!» فقال: وما يمنعنى يا رسول الله؟.. فرد عليه: «مالك يا ابن عوف!» فانخلع من ماله ثلاث مرات، وتبرع به كله لله، وذهب إلى السوق ليبدأ من جديد، فإذا بالأموال تنهال عليه!!.. يا سادة، خلال المرحلة القادمة نحن بحاجة لأن يمد أغنياء مصر والقادرون أيديهم للفقراء، وأن يساهموا بصدق فى الخروج من عنق الزجاجة الحالى، فجميعنا سيموت، ويترك أموالا لورثته قد تسعدهم أو تتلفهم، ولكنه سيحاسب على كل «مليم» منها، وما تركه سيتمتع به آخرون.. نعم المال ضرورى، ولكن كثرة المال لا تعنى راحة البال!!
حاتم فودة