x

المخترع الصغير.. قصة اللاجئ الغامض

الإثنين 19-05-2014 18:56 | كتب: بسام رمضان |
احتفاء جماهيري بالمخترع الصغير «عبدالله» بالولايات المتحدة احتفاء جماهيري بالمخترع الصغير «عبدالله» بالولايات المتحدة تصوير : other

أثار تخلف عبد الله عاصم، الملقب بـ«المخترع الصغير»، عن العودة إلى القاهرة، بعد مشاركته ممثلًا لمصر في مسابقة شركة «إنتل» الأمريكية، بالولايات المتحدة الأمريكية، ردود فعل واسعة على الساحة المصرية.

وبدأت حكاية المخترع الصغير عندما ألقي القبض عليه مساء 25 أبريل الماضي من ميدان التحرير، وآنذاك، قال مصدر أمني إن «عبدالله» كان يرفع شارة «رابعة»، ويلتقط الصور بتلك الإشارة، وعقب القبض عليه، تم ترحيله إلى مقر إقامته في أسيوط، وأمرت النيابة العامة بحبسه 15 يوما على ذمة التحقيقات.

وأثار إلقاء القبض على «عبدالله» ضجة إعلامية وحقوقية كبيرة، ما دفع محمود أبو النصر، وزير التربية والتعليم، إلى المطالبة بالإفراج عنه.

وقبل أسبوعين، حصل المخترع الصغير على قرارين بإخلاء سبيله من نيابة أسيوط، بعد اتهامه بحرق سيارة شرطة، وقبلها حصل على قرار بإخلاء سبيله إثر اتهامه برفع «شارة رابعة»، والتظاهر دون تصريح، وتم إخلاء سبيله على ذمة التحقيق بكفالة مالية 5000 جنيه، بحسب مصادر قضائية، في ذلك الوقت.

وأعرب «عبدالله،» بعد الإفراج عنه، عن دهشته من القبض عليه أثناء تسوقه في منطقة باب اللوق بالقاهرة لشراء مستلزمات خاصة باختراعه، ثم حبسه والتحقيق معه بتهم الاعتداء على مقر أمن الدولة وحيازة سلاح، ثم منعه من السفر بلا سند قانوني.

وقال، في تصريحات تلفزيونية: «كنت في القاهرة أشتري بعد المستلزمات الخاصة باختراعي من القاهرة بمنطقة باب اللوق، استعدادا لتمثيل مصر في مؤتمر إنتل الدولي باختراعي الخاص بمرضى الشلل الرباعي، عندها فوجئت بالقبض علي، وترحيلي وحبسي 15 يوما للتحقيق، بتهم الاعتداء على مقر أمن الدولة وحيازة سلاح، وحرق سيارة ضابط شرطة، وقائمة أخرى من الاتهامات كسلت أقراها».

وأضاف: «كان مقررا لقاء محمود أبوالنصر وزير التربية والتعليم، ولكن ضاع علي هذا اللقاء، وناشد المسؤولين في الوزارة المعنيين في وزارة الداخلية، وتم الإفراج عني».

وبعدها منعته السلطات بمطار القاهرة، الأحد الماضي، بالسفر إلى الولايات المتحدة الأمريكية للمشاركة في مسابقة تمثيل مصر بشركة «إنتل» الأمريكية.
وأشار «عاصم»، آنذاك، إلى أنه تم القبض عليه مرة أخرى في المطار، أثناء سفره هو والفريق الذي يمثل مصر، ولم يستجب من قاموا بالقبض عليه للمسؤولين المشرفين على المشروع والذين يرافقونه.

وقال: «حجزوني في إحدى الغرف، وسألوني عن ميعاد الطائرة، فقلت لهم إنها ستقلع الساعة 7.40، وعندما تأكدوا أن الطائرة أقلعت، تركوني».

وعبر أصغر مخترع مصري عن صدمته بما حدث معه، وقال: «حبسي دمرني نفسيا، ضاع مني 9 أيام مهمة، وميعاد وزير التربية والتعليم، كنت أريد أن أخرج لأكمل العمل على اختراعي، وبعد الخروج من الحبس، كان أمامي 4 أيام فقط، عملت بكل جهد ولم أنم خلالها إلا ساعات قليلة، ولكن تم منعي من السفر في نهاية المطاف».

وأوضح: «قرارات المنع من السفر لا تصدر إلا من النائب العام، ولكن في حالتي لم يصدر هذا القرار، فلماذا تم منعي؟»، مناشدًا وزارة الداخلية بالكشف عن السبب الحقيقي وراء ما حدث معه.

وفي نفس اليوم سمح له اللواء محمد إبراهيم، وزير الداخلية، بالسفر، بعد مناشدات من جانب الإعلاميين والحقوقيين، ليغادر إلى الولايات المتحدة، صباح الإثنين الماضي.

وعبر «عاصم» عن سعادته بقرار السفر، قائلًا: «سأسافر، الإثنين، في السابعة صباحا، بعد تم السماح لي بالسفر، ولكن التهم ضدي ما زالت قائمة».

وبعد انتهاء المسابقة، عادت البعثة الممثلة لمصر في المسابقة إلى القاهرة، الأحد، ورفض «عاصم» مغادرة الولايات المتحدة لتخوفه من القبض عليه لدى دخوله المطار.

وقال «عاصم»، في تصريحات لـ«الجزيرة مباشر مصر»، مساء الأحد: «في حالة رجوعي لمصر هيكون مستقبلي في السجن، فأنا مهدد بالاعتقال في أي لحظة، ولو هتحبس في مصر مليش أي حقوق، وهتعامل معاملة غير آدمية، ولو اتحبست مستقبلي ضايع زي مستقبل ناس كتير»، مضيفًا: «طلبت منهم أي ضمانات لعدم اعتقالي مجددا ولم يتم الرد وقراري نهائي بعدم العودة إلى مصر حفاظا على سلامتي، وبعد دخولي المطار بالولايات المتحدة لم أجد جواز السفر الخاص بي وجاءت الشرطة وتفهمت مشكلتي من شركة (انتل)».

وأوضح عاصم محمد، والد الطالب، أن «عبد الله رفض الصعود إلي الطائرة العائدة إلى القاهرة، وتخلف عنها خشية اعتقاله في مطار القاهرة أو الحكم عليه في أي من القضايا التي يتم التحقيق معه فيها بمصر».

ومضى الأب قائلا إن «عبد الله رفض العودة رغم أن جواز سفره بحوزة مسؤولي البعثة مثل باقي زملائه، عبد الله ظل في أمريكا من دون أوراق رسمية تثبت شخصيته».

وأضاف أن نجله «لم يتمكن من إحراز مركز متقدم في المسابقة لعدم تمكنه من استقدام كل أدواته ونماذج اختراعه، حتى أن العرض التقديمي الذي تقدم به في المسابقة كان بخط يده، وليس مكتوبا على الحاسب الآلي لضيق الوقت بسبب اعتقاله لفترة».

غير أن مصدرا أمنيا بمطار القاهرة قال لـ«وكالة الأناضول» إن «عبد الله ليس ممنوعا من دخول البلاد، ولم تصدر أي أوامر بالقبض عليه فور عودته من أمريكا»؟

ومضى المصدر، الذي فضل عدم نشر اسمه، قائلا: «ليس معقولا أن تسمح له السلطات بمغادرة البلاد، ثم تصدر أوامر بالقبض عليه عند عودته»، ومضيفًا أن «أمن المطار لم يتلق أي أوامر بالقبض عليه فور عودته، ويمكنه العودة إلى البلاد آمنا».

ومن جانبه أوضح الدكتور محمد أبوالنصر، وزير التربية والتعليم، أن المخترع الصغير استدعى رجال الشرطة الأمريكية لأعضاء البعثة الرسمية التابعة لوزارة التربية والتعليم، رفضًا منه للعودة إلى مصر مع البعثة بعد انتهاء المسابقة التي شارك بها.

وأضاف «أبوالنصر»، خلال مداخلة هاتفية أجراها لبرنامج «غرفة الأخبار»»، لـ«سي بي سي إكسترا»، الأحد، أن مشرفي بعثة وزارة التربية والتعليم، لجأوا إلى السفارة المصرية من أجل إثبات رغبة الطالب في عدم العودة إلى مصر وتسليم جواز سفره.

وأوضح وزير التربية والتعليم أن «مشرفي البعثة يقع على كاهلهم مسؤولية عودة الطلاب سالمين، لذلك يجب إخلاء مسؤوليتهم وتسليم الطالب وأوراقه للسفارة المصرية بالولايات المتحدة».

وأبدى الوزير رفضه لما يتردد بشأن «إهانة» الطالب بسبب إلقاء القبض عليه عن طريق الخطأ، لأن الوزارة تحركت بشكل سريع لرد اعتبار الطالب، والسماح له بالسفر إلى الولايات المتحدة الأمريكية.

وقال كريم الفاتح، المدير التنفيذي لشركة «إنتل مصر»، في تصريحات لـ«وكالة الأناضول للأنباء»، الإثنين، إن الطالب عبد الله عاصم المعروف تم تسليمه لأحد الأشخاص بالولايات المتحدة الأمريكية بالاتفاق معه وبمعرفة والده، عقب الانتهاء من المسابقة.

وتابع: «عبد الله بقى في أمريكا بإرادته الكاملة، بعد أن تم تسليمه لأحد الأشخاص بالاتفاق مع والده، دون تحديد مدة بقائه هناك، وقرار البقاء شخصي تماماً، وبعلم تام من أهله».

وأضح «الفاتح» أن «عبد الله» أبلغ البعثة عند عودتها إلى مصر أن «أهله كلفوا أحد الأشخاص بتولي أمره، وبالفعل وصل أحد الأشخاص، ومعه جواب من أهله يؤكد ذلك، وهو ما دفع مسؤولي البعثة إلى تسليمه لهذا الشخص».

وتابع: «دور إنتل انتهى عندما تم تسليم عبد الله للشخص المكلف بأمره، ولا سيما أن الطالب ووالده أعربا عن رغبتهما في بقائه بأمريكا».

فيما قال وزير التربية والتعليم في رسالة للمخترع الصغير، خلال المؤتمر الصحفي الذي عقد، الإثنين: «تعالى وهناخدك بالأحضان، ومستقبلك هنا فى مصر وليس خارجها»، وأكد «أبو النصر»، أنه «في حال استجاب الطالب للأمر وعاد، سيتم ضمه إلى الطلبة المخترعين والفائقين طالما إنك ناوي تخدم مصر».

وكانت آخر تصريحات المخترع الصغير، صباح الإثنين، في صفحته على «فيس بوك»، قال إنه شعر بالحزن لاتخاذه قرارًا بعدم العودة إلى مصر مرة أخرى.

وكتب «عاصم» أن هناك عددا كبيرا يهنئه بقراره، لكنه مع ذلك يشعر بالحزن جراء ذلك القرار، مؤكدًا أنه كان يتمنى العيش وسط أهله في أسيوط.
ووصف «عاصم» قراره بعدم العودة بـ«الصعب جدًا»، مشيرًا إلى أنه لو عاد إلى مصر مرة ثانية سيسجن ويعتقل لسنوات دون ثمن أو محاكمة، على حد وصفه.

وتابع أنه رأى العديد من ردود الفعل المختلفة ما بين مؤيد لقراره أو معارض، بالإضافة إلى عدد من التعليقات الساخرة، لكنه «قرر في النهاية أن يعيش كإنسان»، على حد قوله.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية